تأتي مناورات رعد الشمال مع قرب اكتمال عام من بدء عاصفة الحزم التي أتت في مرحلة حرجة جدا لتمثل نقطة تحول تاريخية وحقيقة في مسار العمل العربي المشترك في ظل جملة من التحولات في العمل العربي المشترك تقودها السعودية .
لم يكن قرار ملك الحزم في دعم الشرعية في اليمن قرارا انفعاليا بقدر ما كان قرارا حكيما وشجاعا وفقا لرؤية ودراية كاملة للوضع الراهن وما بعد المرحلة الراهنة في استقراء حقيقي للمستقبل وأبعاده في ظل جملة من التحديات التي هي في الأساس وهم صنعه الغرب وظل العرب يتحدثون كثيرا عن نظرية المؤامرة والدوران في داخل الدائرة دون الخروج لخارجها لاستشراف المستقبل فكان لها الملك سلمان من كسر سطوة الدائرة وقائدا لهذا التحول الدراماتيكي في العمل العربي والإسلامي ليس على المستوى المحلي والإقليمي فقط ولكن على المستوى الدولي معتمدا على إدارة شابة في دوائر القرار ممثلة بولي العهد الأمير محمد بن نايف وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ووزير خارجيته الشاب عادل الجبير .
لكل مرحلة لها معطياتها ودلالاتها بالنظر إلى كم التحولات التي شهدتها المنطقة العربية منذ الحرب العراقية الإيرانية وحرب الخليج الأولى في التسعينيات وما بعدها وصولا إلى المرحلة الراهنة .
ومثلما كان الملك سلمان قائدا لهذا التحول النوعي في التاريخ العربي الحديث كانت اليمن نقطة البداية لكسر مشروع الهيمنة الإيرانية وإثبات جدية هذا التحول التاريخي بعد محاولة تصدير المشروع الإيراني الذي لاقى أرضا خصبة في بلاد الرافدين وبلاد الشام وعمل على خلق تصدع عربي كبير في محاولة إيرانية لتغيير الخارطة العربية وفق خططها التوسعية لمشروعها الإيدلوجي الضيق القائم على ولاية الفقيه والمرتكز في حقيقته غير الظاهرة على المشروع الفارسي لما قبل الإسلام .
ومثلت زيارة الملك سلمان في العام الماضي ولقائه بالرئيس أوباما تأكيد آخر أيضا على البدء في تغيير الخارطة الدولية وفقا لرؤية جديدة يكون للعرب فيها دور محوري بعد سنوات من التغييب وغياب القرار العربي حيث كان نقاش الملك سلمان مع أوباما بعيدا عن المجاملات الديبلوماسية واضحا وصريحا حينها بأن على الأمريكان أن يعرفوا أن العرب والسعودية لن يكونوا مجرد ورقة ضمن اللعبة الدولية بين المعسكرين الشرقي والغربي وأن السعودية قادرة على اتخاذ قرارات صعبة لا يمكن التنبؤ بها في حالة وجود تهديد للأمن القومي العربي من إيران وغيرها في ظل الصمت الأمريكي عن إيران وصلفها في المنطقة العربية والشرق الأوسط الذي بات يهدد الأمن القومي الاستراتيجي العربي بل والدولي .
وهو ما تم بالفعل من خلال عاصفة الحزم المساند للشرعية في اليمن ضد الانقلابيين المدعومين من إيران وإعلان التحالف العربي الإسلامي لمواجهة الإرهاب بقيادة المملكة ومن ثم مناورات رعد الشمال التي عززت التوجه القوي للمملكة في ترسيخ دعائم العمل العربي والإسلامي وفق معادلة جديدة بعيدا عن هيمنة المعسكر الشرقي أو الغربي الذي ظل يتجاذب العرب والمسلمين لعقود طويلة.
وصار من الواضح جدا والملوس على الواقع قدرة المملكة العربية السعودية على إدارة الملفات الشائكة في المنطقة العربية والإمساك بزمان الأمور وقيادة التحولات في مرحلة عربية جديدة وفقا للمصالح العليا الملبية لتطلعات الشارع العربي والإسلامي ومن اليمن البداية وإلى سوريا يكون التحول الكبير وغدا لناظره لقريب.
- وضاح اليمن عبدالقادر
Yaljazeera@gmail.com