عبد الله بن أحمد الحسين النعيم ">
إننا كمجتمع سعودي له مبادئه وقيمه الخاصة به, نجد أن اختيارات المرأة قد تتقلص تبعاً للقيم السائدة في المجتمع, فالعمل حتى وإن أُتِحيت فيه الفرص وتعدّدت, بقطاعٍ حكومي أو قطاعٍ خاص؛ قد ترفضه بعض الأسر السعودية المتشددة, فترى مثلاً: أنه من العيب للمرأة أن تشارك الرجل العمل في بيئته -إن كان العمل مختلطاً-, وبالتالي يكاد ينحصر مجال عمل المرأة في التربية والتعليم, الذي تتزاحم عليه كثير من نساء المجتمع.
إن الأُسر المتشددة في هذا المنحى ليس كما يظن البعض أنها اندثرت أو تلاشت مع عصر الوعي والتنور والتطور الحاضر, فإنني أعرف شخصياً بعض أرباب الأسر يرفض عمل المرأة نهائياً سواءً كان مختلطاً أو غير مختلط, كما أني سمعتُ أحد الأزواج يتباهى بتصرفه مع زوجته بعد أن تخرّجتْ من المرحلة الجامعية, حيث يقول: أنه قام بإلصاق وثيقة التخرج على باب المطبخ, قائلاً لها: «هنا وظيفتك»!!
لذا فإننا نجد الزوجة تكون أكثر خضوعاً للزوج بسبب وقوعها تحت التهديد الاقتصادي الذي يمارسه بعض الأزواج المتسلطين, وهذا ما ترنو إليه أنانيّة بعض الأزواج, فبِدافع أن تكون له زوجة مُنصاعة لأوامره, خادمة لبيته, غاسلة لثوبه, مربية لأطفاله, فإنه يزجُّ بها إلى عالم البطالة؛ كي يتحقق هذا الدافع.
لا يمكن أن أنفي عمل المرأة وواجباتها نحو زوجها وبيتها, لكن للمرأة حقُّ في العمل, فكما أن الرجل قادر على التوفيق بين عمله وبين رعايته الأسرية, فالمرأة من وجهة نظري أكثر قدرةً وجَلَداً على التوفيق بين عملها ورعايتها الأسرية.
إن تمرّد بعض الأزواج على زيجاتهم يُحتِّم على المرأة وخاصةً المقبلة على الزواج أن تحذر من أن تقع في دوّامة صراعِ بين العمل أو الزواج, فالإقدام على العمل أولاً ثم الزواج, حتى تتحقق المساواة بين الزوجين, ويتلاشى التهديد الاقتصادي المستمر من الزوج ومن سلطته القاهرة.
إن عمل المرأة في مجتمعنا أمانٌ لها بالدرجة الأولى, واستقرار نفسي, وارتياح اجتماعي, فبالعمل تُحقق ذاتها, وتشعر بمكانتها وقيمتها.
كما أنه من الواجب أن أُلفت النظر إليه في اختيار المرأة للعمل الذي يناسب طبيعتها وميولها ويحفظ لها كرامتها, وهذه الأعمال متوفرة وبكثرة في بلادنا الغالية ولله الحمد, فالتعليم والطب والهندسة والإدارات الحكومية وغيرها..., جميعها متاحة لعمل لمرأة, وحتى في القطاعات الخاصة كالبنوك المالية, وشركات الاتصالات, والمحلات النسائية, وغيرها... تستقبل المرأة وترحب بها بما يناسب طبيعتها.
عبارة أختم بها وجهة نظري في هذا الشأن وهي:
«أن المرأة ملِكة حينما تعول نفسها بنفسها, وتؤمّن ذاتها اقتصادياً, وهي خادمة عندما تكون من غير العاملات الخاضعات إلى ضعاف النفوس الذين يستغلّون ضعفها المادي ويهددون استقرارها النفسي».
- الأحساء