شلاح عبدالله الحبردي ">
لاشك أن التقدم العلمي والتقني الحاصل في كثير من الدول يعود إلى حسن التخطيط وجودة التنفيذ في مسيرة التربية والتعليم في العديد من الدول ومنها اليابان على سبيل المثال لا الحصر ولا أود أن استطرد في سرد أسباب ودلائل نجاح وتفوق مخرجات التعليم هناك رغم ما حصل من معوقات بسبب الحرب العالمية الثانية وآثار القنابل الذرية على الإنسان والبيئة والطاقة وكيف قضت على الأخضر واليابس كما قضت على الحضارة اليابانية ومراكز القوى والبنية التعليمية. لكن اليابانيون استطاعوا في مدة وجيزة مبتدئين مسيرتهم من الصفر استعادة مجدهم وحضارتهم معتمدين على العزيمة والإصرار والإخلاص والطموح والتخطيط الدقيق من خلال تطوير التعليم والمعلمين والنظام التربوي وهاهي اليابان من أولى دول العالم في التعليم والتقنية والتكنولوجيا والاقتصاد وهذا كله بسبب العلم ودوره واهتمام الشعب الياباني حكومة وشعبا بالعلم وقيادة النهضة العلمية بحماس وإخلاص ومتابعة جادة وعمل دوؤب.
ونحن في هذه البلاد المباركة المملكة العربية السعودية بدأ التعليم النظامي لدينا بعد دخول الملك عبدالعزيز لمكة المكرمة وأمره رحمه الله بتأسيس مديرية المعارف عام 1344هـ وحظي التعليم خلال العقود الماضية بتشجيع واهتمام ولاة الأمر فقد نال الدعم المادي وخصص له جزءا كبيرا من الميزانية العامة للدولة وعني بتطويره من خلال تطوير المناهج والمباني والقيادات التربوية والتعليمية وطرائق التدريس ومع هذا كله فإنني أهمس في مسامعكم أيها التربويون بأن مخرجات التعليم تقع دون المستوى المطلوب وأقل بكثير من مخرجات التعليم في العقود الماضية، وهذا ما يراه الكثير من الذين استطلعت آراءهم قبل الشروع في كتابة هذا الموضوع.
أيها التربويون في الماضي كان خريجو المرحلة الابتدائية يقرؤون الكتب بطلاقة ويجيدون قواعد الإملاء والنحو والصرف ويحفظون ألفية ابن مالك ونحوها كما يحفظون جداول الضرب والمعلقات السبع وقبل هذا يحفظون القرآن الكريم ويجودونه ..أما الآن فلا أستطيع الكلام إلا باليسير ولا أعمم ولا أقول إلا بشواهد الميدان في جميع المراحل وحتى في الجامعات، وهذا لا ينبغي.... نعم نحتاج إلى إعادة نظر في ميداننا التربوي ونحتاج إلى تقييم مناهجنا وأداء معلمينا ومدى الاستفادة من الوقت ومن زمن الحصة وأساليب التقييم وأن نعرف لماذا يخفق أبنائنا في اختبارات القياس والتقييم عقب كل مرحلة أو يحصلون على درجات متدنية.
إن أولياء أمور الطلاب في عصرنا الحاضر قادرون على تقييم أداء المعلمين ويعلمون علم اليقين رسالة المدرسة فهل هم راضون عنا كمعلمين وتربويين.
لا نريد العصا ولا التلقين ولا الحفظ الأصم ولا الرهبة ولا نحنّ إلى القسوة ولا نقول إنها كانت سببا في نجاح التعليم في الماضي، نريد الإخلاص نعم نريد الإخلاص والحماس والنشاط واستشعار الأمانة وحب الوطن واحترام الوقت واستثماره وحسن التخطيط والتنفيذ للتدريس والاستفادة من كل جديد في هذا المجال.
نريد إيجابية المتعلم وإبداعاته من خلال التعليم التقليدي وتقنيات التعليم الحديثة.
نريد معلما يحمل هم رسالة التربية والتعليم وهم الوطن ومجتمعه ويبذل ما في وسعه لإنجاز مهمته التربوية و التعليمية للوصول إلى النمو المتكامل للطالب من جميع النواحي المعرفية، والنفسية، والأخلاقية والإبداعية في جو من الأخوة والألفة.
نريد تطويرا للمناهج باستمرار لتقود المتعلم إلى التعلم. مع ضرورة إعادة النظر في المناهج المطورة حاليا وتقييمها والأخذ بآراء المعلمين حيالها من حيث صعوبتها وكثافتها ومناسبتها لعدد الحصص ومدارك الطلاب، لتستحق أن يطلق عليها مناهج مطورة فعلا تحقق أهداف التعليم والأهداف العليا للدولة.
ختاما تقبلوا احترامي وتقديري معاشر التربويين الأعزاء، وتذكروا بأن اليابان ليست بأفضل منا.
- طالب الدراسات العليا - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية