من مرابع امرئ القيس إلى منازل حاتم الطائي ">
بدأنا في يوم الثلاثاء 9 أبريل 2013م رحلة علمية استمرت 20 يوما متواصلة نظمها الدكتور عيد اليحيى، في صحارى المملكة العربية السعودية، وقد بدأت الرحلة في الساعة الثانية عشرة ليلا وذلك من أجل الوقوف على أماكن الشعراء العرب القدامى، شعراء ما قبل الإسلام في الجزيرة العربية بهدف إصدار كتاب بحثي مصور.
انطلقت السيارة بنا في اتجاه جنوب الرياض حيث الأفلاج ووادي الدواسر، التقينا بالزملاء الذين سبقونا قبل يوم إلى جبل التوباد حيث قاموا بتصويره، ولم يتسن لنا الذهاب إلى جبل التوباد أنا والدكتور عيد اليحيى، واجتمعنا جميعا، كنا ستة أفراد، الدكتور عيد اليحيى منظم الرحلة، والمصور طارق المطلق، وحمد الرشيدي، وعبد العزيز الصقعبي، وطباخ هندي اسمه:» نوفل» وأنا، وقضينا ليلتنا بإحدى الشقق السكنية (فنادق صغيرة)، وفي الصباح ويعد ان ادى كل منا صلاة الفجر تحركت السيارات الثلاث باتجاه : «ضرمة» و»تثليث».
وفي الطريق رأينا مجموعة من الجبال على هيئة سنام الجمل فتوقفنا عندها لتصويرها قرابة الثلاث ساعات حيث تعطلت إحدى السيارات وغرزت بالرمال، وقمنا بسحب السيارة بعد ساعتين، وقمنا بتصوير هذه الجبال التي اتضح لنا من خلال الإحداثيات التي يقوم بها الدكتور عيد اليحيى أنها تسمى جبال: «سنامة» ويبدو أن الاسم مشتق من سنام الإبل.
سنتحرك اليوم الخميس إلى أماكن لبيد وتوبة وحمير وليلى الأخيلية ثم أماكن امرئ القيس الدخول وحومل وتوضح والمقراة وسقط اللوى.
سجلت بعض الملاحظات التي أقوم فيها بتأويل أماكن الشعراء على الطبيعة بعيدا عن الكتب والنظريات بحس الشاعر العربي نفسه.
الخميس 11 أبريل 2013م
يبدو المشهد قرب ( تثليث) بمنطقة وادي الدواسر صباحًا رائعًا، طريًّا كحدقات النور. تلالٌ صغيرةٌ رماديةٌ، وأشجار قصيرة ممتدة في صحراء لا تحدُّ. هكذا هو المشهد الصباحيّ الذي يوحي بشاعرية مفرطة.
السماءُ قريبةُ جدًّا، بالليل صاحبتُ النجومَ بحواسّي، كدتُ ألمسها، نقاط ضوء متجاورة متتالية.
استيقظتُ مبكرا لأحضر آية الشروق بعد أن حضرتُ آيةَ الليل.
مازال أصدقائي في الرحلة نائمين.
(ما يهم هنا هو هذه الفقرة التي ربما توضع في الكتاب:
«إن هذا الانبساط الجماليّ الممتد للصحراء، بشجيراتها وتلالها، بحصاها الأسود القادم من ليل بعيد، جعل الشاعر العربي قبل الإسلام يتخيّلُ أكثر، يعطي من رونق المشهد فضاءً آخر، يتغنى بتفاصيله وبكل جزء ساكن أو متحرك في هذه البيئة الشعرية بامتياز»).
«نحن في الربيع حيث الطقسُ معتدلٌ تماماً، وإن كان مائلًا للبرودة في الصباح المبكر، لكنه صافٍ ورائقٌ. السماءُ أكثر زرقة، أو لنقل: مشحونة بزرقة طبيعية. قريبة جدا. أصوات الطيور بدأت في عزف إيقاعاتها. طيور صغيرة رمادية وزرقاء داكنة».
«بالأمس كنتُ أتأمل في هذا الانبساط الممتدّ عند جبال سنامة، وهذا الحصى الذي قال عنه د. عيد اليحيى الباحث في أنثروبولوجيا الصحراء ومنظم الرحلة: إنه «سيليكون» وهو يخفف من الطاقة الكهربائية بالجسم إذا سرتَ عليه حافيًا»!
«شروق الشمس يبدأ في التمدد والانتشار كأنه يجدد الضوء، بعد أن زفَّ الليل إلى مثواه البعيد، في حالة من السكون الجميل الرحب الذي لا يقطعه سوى أصوات الطيور».
«الشمسُ بدأت في الارتفاع. الساعة الآن 6.40 صباحًا. أصوات الطيور تزداد. على المدى القريب أمامي تمتد شجيراتٌ كثيفةٌ لتشكل منظرًا مترعًا بالخضرة. عصفور صغير رمادي يقترب بزقزقة صباحية يتبعه عصفور آخر يطير ثم يحط ثم يزقزق. لا شهود معي الآن سوى السماء الزرقاء والشمس والشجيرات في المدى القريب وبعض التلال».
فقرة لكتاب:
«إن الشاعر العربي القديم حاول في قصائده أن يقبض على لحظة المكان. إنه لا يصفه فحسب، أو يعدد تفاصيله وأجزاءه وأركانه، لكنه يريد أن يوقف هذه اللحظة التي عبر فيها أو مرق في هذا المكان أو ذاك ليحدق في أحداثها، وينشد أخبارها لأنّها لحظة لن تتكرر إلا في مكان آخر ضمن سيرة لذات شاعرة تحتفي بالحِلِّ والارتحال وبالتنقل من بقعة لأخرى طلبا للحياة. لأن الشاعر بهذا التنقل يقهر الألم، ويقهر الموت، ويزيد من رحابة الحياة».
«صحوتُ مبكرا كعادتي. كانت الخامسة ثم الخامسة والنصف ثم شروق الشمس بعد ذلك. أردتُ أن أحضرَ عرس الضوء الكوني كيف سيحتفل بإشراقاته على هذه التلال الصَّغيرة؟
المكانُ سماويٌّ جدًّا، صحوٌ. إذا مددتَ بصرَكَ إلى أية جهة ستجد السماء ساقطة على أنحاء هذه الجهات. يخيل إليك أنك حين تسير إلى جهة ما سوف تلمس هذه السماء لأنّها حافّةٌ بالبقعة المكانية التي توجد فيها، كأنها مقبّبةٌ تماماً».
فقرة لكتاب:
«إن الشاعر العربي حين يقطع المكان على راحلته ليلًا يهتدي بمواقع النجوم، يجعلها إحداثياته وبوصلته بالمفهوم المعاصر، وهو يراها قريبة جدا منه لأنه يعرف مطالعها ويعرف مجموعاتها ويعرف نحوسها وسعودها، وفضلا على ذلك يعرف أجواء المكان تماماً، يميزه بمرتفعاته ومنخفضاته، بتلاله وجباله ووديانه، بسرعة الرياح ودفقات الهواء، يعرفه حتى برائحته سواء كانت قادمة من هذه النباتات والشجيرات أو من أصداء أصوات الرمال والحصى التي تسير عليها راحلته، وبهذا كله ميز الإِنسان العربي في صحرائه المترامية في جزيرة العرب بين مكان وآخر، وبين بيئة وأخرى. فهو لا يسري كحاطب ليل ولكنه يسري كحاطب حكمة ومعرفة وجمال».
يوم الخميس 11 أبريل 2013م
ذهبنا إلى جبال «القهر» في منطقة تسمى «خانق» في محافظة «تثليث» بوادي الدواسر التي تتبع منطقة الرياض إداريا.
هذا الجبل ذكره الشاعر: «لبيد بن ربيعة» في معلقته، حيث قال:
فصَوائقٌ إن أيمنتْ فمظنّةٌ
منها وحاف القهرِ أو طِلخامُها
وقد وجدنا نقوشا كتبت منذ سبعة آلاف سنة - على حد ما ذكر لي د. عيد اليحيى - فيها صورة البقرة الوحشية والوعل والنعامة والجمل، وقمنا بالتقاط بعض الصور لهذه النقوش.
ونتحرك الآن إلى بقية أماكن الشاعر لبيد التي ذكرها في معلقته. ثم إلى أماكن (شاعر الشعراء) امرئ القيس.
وكنا وجدنا أيضاً صور نقوش ورسومات خيول ورماح وكتابات من 16 ألف سنة أي قبل ما كتب في سيحون وجيحون من نقوش.
نقش أبرهة الأشرم:
الصليب المعقوف، رسم الصليب المعقوف لم يأت به «هتلر» بل هو موجود في نقوش جنوب الجزيرة العربية، في منطقة « مريغان» جبل « الكلاب» في وادي مريغان.. رأينا ذلك في تمام الساعة العاشرة و58 دقيقة من صباح يوم الجمعة 12 أبريل 2013م
بجانب نقش أبرهة الأشرم.
الجمعة 12 أبريل 2013م
... وقد استراح أبرهة الأشرم - كما روى لنا الدكتور عيد اليحيى - هو وجنوده في طريقه إلى مكة المكرمة لهدم الكعبة، استراح في واد بين جبلين من جبال « الكلاب» وفيه بئر مطوية مبطنة بالصخور والأحجار وتسمى بئرًا مطوية بخلاف « القليب» الذي يكون محفورًا مباشرةً دون تبطين داخلي.
استراح أبرهة حول آبار «مريغان» وقام بعض جنوده برسم مجموعة من النقوش التي تحتوي على أحرف من لغة كانوا يكتبون بها.
«مريغان: تتبع تثليث بمحافظة تثليث وهي تابعة لـ «خميس مشيط» - منطقة عسير».
الجمعة 12 أبريل 2013م
الساعة 12.9 ظهرا
على الطريق ما بين تثليث و»يدمة» التي تبعد 160 كم من وادي مريغان بتثليث خميس مشيط، وعند الكيلو 112 تقريبا في اتجاه (يدمة) وجدنا ثمار «الحنظل» صفراء اللون، وهي في نفس أحجام البرتقال، التي ذكرها الشاعر أمرؤ القيس في معلقته حيث يقول:
كأنّي غداةَ البين يوم تحمّـلوا
لدى سُمرات الحيّ ناقفُ حَنْظلِ
- عند قرية ( قمشان) الكيلو 99 طريق ( تثليث - يدمة) تنتشر أشجار «العُشر» على جانبي الطريق، والعشر شجر سام، كما رأينا ظاهرة «العاصوف» عبارة عن ريح عمودية مصغرة في دائرة قطرها 3 - 5 أمتار مليئة بالغبار.
- قرية ( الأبارق) فيها جبل أبيض اسمه: «الأبرق»
- وهناك نوع من الأشجار اسمه: «المرخ»
وادي طلحام
وصلنا وادي طلحام في الساعة 3 عصرًا، وهو واد ضيق لكنه مستطيل بحيث يسمح للسيارات بالمرور، ومشاهدة ميادين متسعة قليلا تحيط بها التلال من كل جانب.
وجدنا أيضاً شجرة تسمى «الغرقد» وهي شجرة اليهود،
وشجرة الغرقد هي الشجرة التي كلم الله موسى عندها حسب اعتقادات اليهود، وتسمى أيضاً « شجرة العليق، أو العوسج».
السبت 13 أبريل 2013م
مركز التقاء طرق في وادي بيشة، طرق نجد الحجاز الجنوب.
رنية:
في رنية: جبل الباقر - وادي بيشة
قرون بقر (شهد المعركة بين ابن أبي سمعان وتوبة بن الحمير)
أفيخ
حجر الراشدة
هضبة وهيدة التي دفن فيها «توبة».