رأى اقتصاديان أن فرض ضريبة القيمة المضافة في دول مجلس التعاون الخليجي تعد أهم أدوات السياسات المالية التي قد تعتمد عليها الدول لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتغطية النفقات العامة في ظل انخفاض أسعار النفط خلال الفترة الراهنة. كما أوضحا أن ضريبة القيمة المضافة تتميز بأنها ذات حصيلة نقدية وافرة من حيث توافقها مع قيمة الاستهلاك وإمكانية تطبيقها على نطاق واسع من السلع والخدمات.
وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت الدكتور نايف الشمري في لقاء مع «كونا» إن ضريبة القيمة المضافة هي الضريبة التي تفرض على الفارق السعري بين قيمة تكلفة المواد المنتجة للسلعة وثمن بيع السلعة، مبينا أنها تعد من أكثر أنواع الضرائب غير المباشرة أهمية في تحصيل الإيرادات وهي مطبقة في نحو 150 دولة. وأضاف أن ضريبة القيمة المضافة تتمتع بعدة مميزات أهمها توزيع العبء الضريبي بين مراحل الإنتاج المختلفة حسب القيمة المضافة في كل مرحلة إضافة إلى تملكها رقابة ذاتية بين مراحل الإنتاج، مشيرا إلى أن مبيعات كل بائع عبارة عن مشتريات بائع آخر مما يسهل للسلطات الضريبية التأكد من صحة ودقة تلك المشتريات.
وأفاد الشمري، أن ضريبة القيمة المضافة تعد أداة لتوجيه السياسات الاقتصادية والاجتماعية كتشجيع الادخار والاستثمار أو التقليل من استهلاك سلع معينة، إضافة إلى تشجيع الصادرات ودعم التنمية الاقتصادية. فيما أوضح أن سلبيات هذه الضريبة تتمثل في ارتفاع أسعار السلع من خلال تكليف المنتج أو البائع بدفع تلك الضريبة، مشيرا إلى أن «المستهلك هو من يتحمل عبء هذه الضريبة».
وذكر الشمري، أنه على الرغم من سهولة إدارة القيمة المضافة في الدول المتقدمة، إلا أن من الصعب إدراكها في الدول النامية لعدم وجود الوعي بشأن الضرائب من خلال حفظ الدفاتر المحاسبية والفواتير باعتبارهما عنصرين أساسيين لتطبيق تلك الضريبة. وأكد أن فرض الضرائب وتخفيض حجم الدعومات مجرد زيادة في دخل خزينة الدولة وتقليل المصروفات العامة، موضحا أن «المعالجة هنا معالجة خلل في الميزانية فقط وهذا لا يعني تنويع مصادر الدخل».
وقال الشمري إن تنويع مصادر الدخل يعتمد بشكل أساسي على استثمار الموارد الاقتصادية للدولة وفتح المجال للاستثمار المحلي والأجنبي وتشجيع السياسات الاستثمارية والصناعية وتحسين بيئة العمل وغيرها، مبينا أنه في حال عدم توافق التوجه في تحقيق تنويع الإيرادات العامة من قبل الحكومة فإن تكاليف تنويع الاقتصاد «ستقع على كاهل المواطنين».
من جهته، رأى أستاذ قسم الاقتصاد في كلية الدراسات التجارية الدكتور وائل الشويعي أن ضريبة القيمة المضافة تتميز بأنها ضريبة ذات حصيلة نقدية وافرة من حيث توافقها مع قيمة الاستهلاك وإمكانية تطبيقها على نطاق واسع من السلع والخدمات، مبينا أنها أداة من أدوات السياسة المالية التي من شأنها تشجيع وتحفيز الاقتصاد. وأضاف أن فرض ضريبة القيمة المضافة يعد أحد أهم الإصلاحات الاقتصادية حيث تشكل الضرائب موردا مهما من موارد الميزانية، إذ لا يمكن تغافل أو إهمال دورها في تغطية النفقات الحكومية.
وأوضح الشويعي، أن هذه الضريبة تلعب دورا بارزا بجانب الضرائب الأخرى في عملية نمو الاقتصاد من خلال عدة قنوات أهمها زيادة الإيرادات العامة للدولة، إضافة إلى تشجيعها على الادخار نتيجة تأثيرها على النمط الاستهلاكي مما يؤدي إلى تحقيق الكفاءة في استغلال الموارد الاقتصادية للدولة. وعن أثر فرض تلك الضريبة على المواطنين، توقع ارتفاع اسعار السلع على المدى القصير مما يؤدي الى حدوث ظاهرة التضخم، الأمر الذي سيؤثر بشكل سلبي على المواطن لاسيما اصحاب الدخول المنخفضة والمحدودة.
وأشار الشويعي، إلى إمكانية تخفيف الأثر السلبي على المواطنين نتيجة ارتفاع الأسعار بعد فرض تلك الضريبة من خلال إعفاء السلع الضرورية والتي تستحوذ على نسبة كبيرة من دخولهم أو توجيه إعانات أو دعومات مباشرة لهم، وهو ما يسمى بسياسة الدعم الانتقائي لحماية الطبقة المتوسطة من المواطنين. مؤكدا في الوقت ذاته ضرورة معالجة عجز الميزانية بصورة هيكلية شاملة للاقتصاد الوطني ككل بحيث يقل الاعتماد على القطاع النفطي، الأمر الذي يستدعي العمل عليه بشكل جاد وفعلي من قبل صانعي القرار لطرح حزمة اصلاحات اقتصادية تهدف إلى الاستقرار المالي واستدامة أوضاع المالية العامة.