السياحة الحلال.. استثماراتها بالمليارات ">
الجزيرة - الرياض:
بدأت مفاهيم حديثة مثل «السياحة الحلال» أو «السياحة الإسلامية» في جذب انتباه أصحاب الفنادق الكبرى ووكالات السياحة مع تنامي الطلب على هذا النوع من السياحة الملتزم بتعاليم الإسلام.
ويقدر تقرير لتومسون رويترز عن الاقتصاد الإسلامي حجم الإنفاق العالمي للمسلمين على السفر إلى الخارج بقيمة 142 مليار دولار في عام 2014م باستثناء الحج والعمرة مما يجعل هذا السوق يشكل 11 في المئة من الإنفاق العالمي على أسواق السفر.
ويتوقع هذا التقرير أن يزيد الإنفاق العالمي للمسلمين على السفر إلى الخارج إلى 233 مليار دولار في سنة 2020م معتبرا أن «سفر المسلمين لقضاء العطلات والترفيه قد تجاوز إطار الاقتصاد الإسلامي وأصبح في حد ذاته قطاعا رئيسيا في الاقتصاد العالمي الأوسع».
وتتنوع المصطلحات التي تصف هذا النوع من السياحة وتختلف من مجتمع لآخر لكن أكثرها انتشارا هي السياحة الحلال والسياحة الإسلامية والسياحة الملتزمة بالشريعة الإسلامية والسياحة العائلية وسياحة المسلمين.
وتضع شركة كريسنت ريتنج وهي واحدة من الشركات الأولى في مجال السياحة الحلال على موقعها الالكتروني عددا كبيرا من المصطلحات والتعاريف الخاصة بالسياحة الحلال وضوابطها وشروطها وتدعو الفنادق ووكالات السفر العالمية للالتزام بها.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة فضل بهار الدين لرويترز إن كثرة المصطلحات قد تسبب بعض الإرباك للمتعاملين مع هذه الصناعة، مبينا أن وضع تعريفات للمصطلحات الرئيسية من شأنه أن يجعلها أكثر قربا من المتعاملين في مجال السياحة بشكل عام.
وبهار الدين رجل أعمال سنغافوري عمل في شركة كبرى وكان كثير الأسفار لنحو 20 عاما عانى خلالها كثيرا من عدم تفهم الفنادق وشركات السياحة والسفر لما يصفه «بالاحتياجات الأساسية للمسلم الواعي أو الملتزم» من أطعمة حلال وتحديد أوقات الصلاة واتجاهات القبلة ومواعيد الطعام في شهر رمضان وغيرها وهو ما جعله يستقيل من عمله ليؤسس شركة تعمل في مجال السياحة الإسلامية.
وفي مقابلة معه، قال بهار الدين إن هذا السوق ينمو بمعدلات متسارعة جدا نظرا للنمو الطبيعي لعدد المسلمين في العالم ونظرا لاتساع الطبقة الوسطى داخل المجتمعات الإسلامية وهي الطبقة الأكثر إقبالا على السفر.
ويقول الخبراء إن السياحة الحلال لا تهتم فقط بتوفير هذه الاحتياجات وإنما تمتد لتوفير أماكن مخصصة للترفيه للنساء ومنع وجود لحم الخنزير في الطعام وإيجاد أماكن ملائمة للصلاة.
وتنفي حورية العربي المتخصصة في السياحة الترفيهية في هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة ضرورة ارتباط السياحة الحلال أو السياحة الإسلامية بالشعائر الدينية كالحج والعمرة مبينة أنها سياحة «مثلها مثل أي سياحة أخرى لكنها تركز على الأنشطة الحلال».
وتضيف أن السياحة الحلال ترتبط عادة بما تريده العائلة من «مكان امن» يتوافر فيه أنشطة للأطفال ومرافق خاصة بالنساء وأنشطة عائلية مبينة أن الأنشطة التي تشملها السياحة الحلال «كثيرة جدا» لأنّها ترتبط بكل ما هو مسموح به دينيا.
وجاءت ماليزيا في المرتبة الأولى للمؤشر العالمي للسياحة الإسلامية 2015م تلتها تركيا ثم الإمارات العربية المتحدة ثم السعودية وقطر وإندونيسيا وسلطنة عمان والأردن والمغرب ثم بروناي وذلك ضمن قائمة دول منظمة المؤتمر الإسلامي.
وفي قائمة الدول التي لا تدخل ضمن منظمة المؤتمر الإسلامي جاءت سنغافورة في المرتبة الأولى تلتها تايلاند والمملكة المتحدة وجنوب إفريقيا وفرنسا وبلجيكا وهونج كونج ثم الولايات المتحدة وأسبانيا وتايوان.
وأظهرت دراسة مسحية أن سنغافورة التي تتميز بتعدديتها الثقافية هي أفضل مقصد غير إسلامي للسياح المسلمين متفوقة بذلك على تايلاند وهونج كونج وتايوان فضلا عن مقاصد سياحية مشهورة مثل فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا لتصبح أكثر بلد غير مسلم «صديق» للزوار المسلمين حسبما أفاد المؤشر العالمي للسياحة الإسلامية.
كما تغلبت سنغافورة أيضاً على بعض البلدان الإسلامية مثل جزر المالديف ومصر بعدما أحرزت نقاطا أكثر في مجالات المعاملة الودية مع العائلات ومستوى الأمان والخدمات.
وأظهرت الدراسة التي أجريت في العام الماضي أن نحو 108 ملايين مسافر مسلم أنفقوا نحو 145 مليار دولار أي ما يعادل عشرة بالمئة من الإنفاق العالمي على السفر. ومن المتوقع ارتفاع هذا الرقم إلى 200 مليار دولار بحلول عام 2020م.
وارتكز المؤشر العالمي للسياحة الذي أطلقته ماستركارد مع كريسنت ريتنج على بيانات متنوعة من 100 وجهة تمثل المجموع العام للوجهات التي يغطيها المؤشر وذلك اعتمادا على عدد من المعايير.
وذكرت حورية العربي أن هذا السوق أصبح حالياً موضع اهتمام الكثير من الدول غير الإسلامية مثل استراليا وسنغافورة وتايلاند نظرا لعائداته الكبيرة.
وأضافت أن الإمارات تعد لعقد مؤتمر كبير تحت عنوان القمة العالمية للسياحة الحلال يدرس كل ما يتعلق بهذا القطاع الواعد.
ويرى صلاح إبراهيم شرف المدير التنفيذي لمجموعة شرف التي تعمل في مجال الملاحة البحرية والسياحة والخدمات اللوجستية أن الاهتمام بالسياحة الحلال يتركز في خارج الدول الإسلامية أكثر منه في الدول الإسلامية لأن السائحين المسلمين الملتزمين لا يواجهون عقبات كبيرة في بلدانهم.
ويشير شرف إلى أن شركته اعتادت تنظيم رحلات خالية من أي محرمات مشيرا إلى أن أحد أهم العقبات في هذه السياحة هي «خجل المسلمين أنفسهم» في التعبير عن احتياجاتهم الأساسية.
ويقول بهار الدين إن شركته بدأت تجني أرباحا من هذا القطاع الواعد وذلك بعد سبع سنين من العمل في سوق جديدة لم تكن مطروقة من قبل رغم كثرة زبائنها.