الحرية مطلب شعوب، والسيادة أساس الدول، والشرعية منطق منطلق من الأساس الإنساني والمنطقي لإقامة دولة، ظلت اليمن أعواماً عديدة تعاني من الفقر والفساد والكساد أيام حكومة علي عبدالله صالح رغم الوحدة التي كانت غطاء يغطي بها مخططاته السرية لسلب اليمن ظل الشعب اليمني لعقود يدفع ضريبة الأحزاب والمصالح الخفية التي كان يديرها صالح وزبانيته في القصر الرئاسي. ثم ضرب الإرهاب أطنابه في جنوب اليمن وبات مكمن تهديد للخليج وللسعودية، وباتت جبال صعدة وجبال الجنوب وكراً وملاذاً آمنا للفارين من الأنظمة ولباعة الضلال، ولأن الحوثيين كانوا سفراء للمرجعية الإيرانية في ظهران ونظام الملالي عقدوا الاتفاقيات السرية مع أرباب الفكر الضال، وبدلاً من مساعدة الدولة ومساندتها شكلوا معهم فريقاً متحداً يوظف الضلال وينثر الدمار، وانضم للقافلة علي صالح بعد أن طلب اليمن وضاف الشعب باحثاً عن التجديد وتغيير ثوب الرئاسة الذي فصله صالح وفق أهوائه ومصالحه وأحزابه على حساب شعب بات الضحية ونال من العذاب والهوان سنين طويلة، وما أن لامست اليمن حدود التغيير وتغيرت دفة الرئاسة حتى استغل صالح ميليشات الحوثيين وكأنهم كان يخبئهم لهذا التوقيت، عاثت هذه الميليشيات في اليمن الفساد، رأت أن الوقت حان لتأجيج الفوضى وصناعة الدمار وباتت أنياب الأعداء الحقيقيين لليمن من صالح وجماعة الحوثي ومن وراءهم إيران التي استغلت المسألة وباتت توظف العملاء وتجند الحوثيين لإثارة الفتن، وبدأ الدمار يضرب اليمن وحضارتها. تحركت المملكة العربية السعودية بقيادة سلمان الحزم والعزم، تشكلت قوات التحالف فبانت المهمة على أصولها وانكشفت خارطة استغلال اليمن وجاءت إيران لتعلن عن غيها وسعيها في فرض أجنداتها الطائفية في كل مكان باحثة عن حكم المرجعيات البائس الذي ظلمت به شعبها واضطهدت به كل من عارضه على أرضها. ظلت الحرب دائرة ولا تزال والحوثي في اندحار وتراجع واختنقت إيران، فبعد عاضفة الحزم جاءت تحالف إسلامي من الدول العربية والإسلامية وكشفت السعودية عن عشرات المخططات التي كانت إيران تنوي بها بث سمومها وفتنتها في الخليج وفي اليمن. قبل أيام أعلن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في لقائه مع الرئيس التركي الكشف عن مخططات لنقل التجربة الإيرانية إلى اليمن من خلال خطة تقضي بتعيين الحوثي مرجعاً دينياً وعلي صالح مرجعاً سياسياً على أن يحكما اليمن مدى الحياة. هذا جزء مناللعبة الإيرانية التي كشفتها الحرب في اليمن، وستكشف الأشهر القادمة الكثير والكثير عن تزعزع إيران وانكشاف اللثام عن كل وجهها الأسود. حيث كانت المخططات الإيرانية تنوي سيطرة الحوثيين الذين لا يتجاوزون 10% من سكان صنعاء لحكم بلاد يقطنها أكثر من 26 مليون نسمة بقوة السلاح والميليشيات المسلحة وحكم الفوضى وقتال الشوارع. ورغم كل الحلول أصرت إيران على دعم الحوثيين بالأسلحة والمخططات وتأجيج المواقف حيث كشفت العمليات تورط عناصر الحرس الثوري الإيراني وقوات من حزب الله اللبناني الذي يديره حسن نصر الله وهو الموالي والذراع الأيمن لإيران في سياساتها وأجنداتها الفوضوية.
عمليات عاصفة الحزم وإعادة الأمل وضعت حداً للخارطة السوداء التي كانت تنوي إيران رسمها في اليمن كورقة أولى من أوراق تساقطت بعد كشف اللثام عن مخططات المرجعيات الدينية والسياسية التي تعتمده إيران في مناهجها ومنهجيتها عبر عقود من الزمان مما جعلها نقطة انطلاق للفتن التي عمت بلاد الشام والعراق وفرضت عليها سياجات من السياسة الساذجة لنظام الملالي الذي لا يستند إلا إلى بث الطائفية ونثر سوءات المرجعيات والتعامل مع الأشخاص كمرجعيات بعيداً عن الشرع والعقل والمنطق، وها هم حال إيران المفترض باتت في عزلة دولية وانعزال سياسي.
انكشفت مخططات نظام الملالي وستكشف الأشهر القادمة العديد من مخططات الفتنة الإيرانية لتوظيف نظام المرجعيات السياسية والدينية وحكم الميليشيات والتي كانت قد بدأته فيه قبل اليمن في العراق ولبنان على مر سنوات مضت من خلال إثارة الطائفية وبث الحروب بين الجماعات السنية والشيعية وبث الفرقة في وحدة صف الشعوب والاعتماد على ميليشيات الشوارع والفتن من خلال دعمها وتواصلها واتخاذها مع حزب حسن نصر الله الذي يوظف أجنداتها ومن خلال ممثليها السريين في العراق ودخولها على خط الفتنة في سوريا منذ بداية الثورة ضد نظام الأسد الغاشم ودعمها الجماعات المارقة وميليشيات الشوارع كدعمها الحوثيين في اليمن وتخطيطها لإسقاط الشرعية في اليمن واعتمادها على العملاء المارقين مثل صالح في اليمن وقيامها بتجنيد عدد من أعضاء الحرس الثوري لديها في إفريقيا وإقامة معسكرات التدريب في مواقع متعددة تمهيداً لبث العديد من الفتن الطائفية وقتال الشوارع وتنفيذ نظام المرجعيات الدينية والسياسية وهو ما كشفت عنه العمليات في اليمن.
عمليات التحالف العسكري التي قادتها المملكة بكفاءة عالية اجتثت جذور التخطيط الإيراني في اليمن وكشفت عن الشبكة الإيرانية في خارطة العالم العربي والتي كانت تعتمد على الفوضى والدمار وترويع الآمنين ودعم الإرهاب وآخرها إقامة مخططات المرجعيات السياسية والدينية مما يعكس اندحار إيران واندثار سياسيتها وبقاءها في عزلتها وسقوط الأنطمة الرجعية التي تخطط لها، وسيسهم التخالف العسكري والسياسي بين الدول العربية والإسلامية في الكشف عن الكثير مما تخفيه نظامها في مخططاتها والأيام والمواقف كفيلة بكشف ذلك.
د. صالح بكر الطيار - رئيس المركز العربي الاوروبي للدراسات - باريس