أبو مدين «الشخصية المكرمة» و المشاركون يعيدون قراءة وتقويم «ثمانينيات» الحركة الأدبية في المملكة ">
جدة - صالح الخزمري:
تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز مستشار خادم الحرمين أمير منطقة مكة المكرمة، تنطلق فعاليات (ملتقى قراءة النص) في نسخته الرابعة عشرة -الذي ينظمه نادي جدة الأدبي- تحت عنوان: الحركة الأدبية في المملكة من عام 1400 وإلى عام 1410هـ.. قراءة وتقويم، الذي يقيمه النادي بفندق موفنبيك بجدة، ويستمر ثلاثة أيام، وتبدأ فعالياته مساء اليوم بحضور وزير الثقافة والإعلام، الدكتور عادل الطريفي، حيث وجّه النادي الدعوة لكبار المثقفين والأدباء ورجال الأعمال والمهتمين بالحركة الأدبية والثقافية لحضور الملتقى الذي سيحضره أكثر من 150 أديباً ومثقفاً ومفكراً، كما سيتم تكريم الشخصية المكرمة لهذا العام الأديب عبدالفتاح أبو مدين.
وقد وجّه رئيس نادي جدة الأدبي دكتور عبدالله السلمي شكره للأمير خالد الفيصل على هذه الرعاية، مؤكداً أن سموه رجل الأدب والفكر والثقافة ودعمه لها ليس بمستغرب عليه لأنه الشاعر والمفكر والداعم الدائم للنادي ومناشطه، كما أشاد بجهود سمو محافظ جدة صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد وشكره على دعمه في إقامة الملتقى وتوجيهه الدائم بالاهتمام بكل الأعمال التي تخدم شباب الوطن وتحصنهم فكرياً وتبنيهم ثقافياً، حيث سيناقش ملتقى قراءة النص في هذه النسخة مرحلة قريبة من مراحل تطور الأدب السعودي من خلال عنوانه: الحركة الأدبية في المملكة من عام 1400 إلى عام 1410هـ: قراءة وتقويم إذ شهدت المملكة خلال هذه الفترة (فترة الثمانينيات الميلادية) حراكاً أدبياً قوياً ومؤثراً، سيتصدى النادي لرصده ومراجعته وتقويمه من خلال أوراق الملتقى.
وأعلن أمين ملتقى قراءة النص 14 الأستاذ الدكتور محمد ربيع الغامدي أسماء المشاركين في الملتقى من كبار النقاد والأدباء بالمملكة وهم دكتور حسن الهويمل، ودكتور عبدالعزيز السبيل ودكتور سعيد السريحي، ودكتور محمد مريسي، ودكتور سعد البازعي، والناقد على الشدوي ومحمد العباس، ودكتور علي الرباعي، ودكتور حسن حجاب، ودكتور حسين المناصرة ودكتور جريدي المنصوري، ودكتور محمد الصفراني، ودكتور عبدالله المعطاني، ودكتور فهد الشريف، ودكتور معجب العدواني، ودكتور سحمي الهاجري، ودكتور يوسف العارف، ودكتور حمد الدخيِّل، وأ.محمد القشعمي، ودكتور عالي القرشي، ودكتور عبدالله حامد، ودكتور أحمد سماحة، ودكتور محمد الشنطي، ودكتور محمد الربيِّع، ودكتور لمياء باعشن، ودكتور سلطان القحطاني، ودكتور إبتسام الصبحي، ودكتور بكر باقادر، ودكتور سعاد المانع، ودكتور صالح معيض، أ.عبدالله الشهيل، أ.سعد الرفاعي، أ.خالد اليوسف ودكتور كوثر القاضي، ودكتور أسماء أبوبكر، أ.نايف كريري، أ.قليل الثبيتي، ودكتور نجلاء مطري، أ.منى المالكي.
وقد تحدث عدد من المثقفين والأدباء عن المحتفى به في هذه الدورة من ملتقى النص.. وعن استحقاقه لهذا التكريم.. يقول رئيس النادي الدكتور عبدالله بن عويقل السلمي: «إن الأديب الأستاذ عبدالفتاح أبو مدين يعد أحد أبرز الرواد، وسيكون للنادي شرف القيام بتكريم هذا الرمز الأدبي الكبير.. عرفاناً بالتضحيات التي قدمها على مدى عقود للصحافة والثقافة السعودية، وتحمله أعباء النادي الذي رأسه على مدى ربع قرن، وهي الفترة التي شهدت توهج النادي وتتويجه ووضعه في مقدمة أبرز الأندية الأدبية وأغناها نشاطاً.
في حين يقول محمد علي قدس القاص المعروف وأمين سر النادي السابق: كان من سعادتي، ومن فضل الله علي أن عملت مع الشخصيات والأدباء الرواد الذين تعاقبوا على رئاسة النادي بدءًا من المؤسس أستاذي محمد حسن عواد، ومن بعده الشاعر الرائد حسن القرشي وصولاً للأستاذ الرائد عبدالفتاح أبومدين، ولكل من هؤلاء تجربته وخبرته وأسلوبه وعطاؤه. كانت فترة الأستاذ العواد فترة تأسيس قليلة العطاء راسخة البناء، وجاءت فترة الأستاذ أبومدين، وهي أطول فترة عملت فيها معه كانت بحق الفترة الزاهرة والمثمرة في تاريخ النادي استطعنا بفضل قيادته وعزيمته أن نشكل وجهاً جديداً للثقافة، واستطاع النادي وعبر منبره أن يغير من وجه الثقافة ويؤسس لحضارة ثقافية مميزة، سواء من حيث النشاطات النوعية أو الإصدارات المميزة وبالأخص ما أصدرناه من دوريات متخصصة في مختلف الفروع النقدية والإبداعية حقق بها النادي نجاح السبق والبروز، وكان بحق واجهة حضارية لثقافة المملكة في العهد الجديد أشرت للكثير من هذا في كتابي الذي صدر -مؤخراً- في أروقة الثقافة.
الأستاذ أبومدين وضع بصمته المتميزة في فترة تعد من أزهى إشراقات تاريخ الأدب السعودي والأندية الأدبية على وجه الخصوص. لا أنكر أني تعلمت الشيء الكثير منه واتفقنا واختلفنا كبقية البشر، لكننا سجنا معه تجربة تعد فريدة في إدارة المؤسسات الثقافية وما تقدمه من عطاءات وإنجازات.
من جانبه، يقول الباحث محمد القشعمي وتحت عنوان: هذا الرجل كان جريئاً، حيث أبرق مع محمد سعيد باعشن للملك سعود -رحمه الله- للسماح بإصدار جريدة الأضواء فجاءت الموافقة منه -رحمه الله- وكان ذلك في العام 1376هـ، ثم واجهتهم المشكلة المالية، فطلبوا شقة من البنك الأهلي مقابل إعلانات في الجريدة ثم اقترضوا للتأثيث ثم ذهبوا لمطابع الأصفهاني من أجل طباعة أعداد الجريدة ويكون سداد التكاليف بعد طباعتها وبدأت بقوة سنة 1376هـ وكان صدورها قبل عرفات وكتب فيها: أحمد زكي يماني وقزاز وغيرهم وكان مدير الإدارة أمين الرويحي وكانت الجريدة تناقش هموم المواطنين وناقشت وضع العمال في أرامكو ثم توقفت عن الصدور بعد عامين في العام 1378هـ بعد أن صدر منها 72 عدداً ثم أصدر مجلة الرائد سنة 1379هـ واستمرت لمدة سنتين حتى تحوّلت إلى جريدة وتوقفت عن الصدور سنة 1383هـ مع صدور نظام المؤسسات الصحفية.. كما أن له دوره النهضوي في نادي جدة الأدبي وإدارته لفئة الشباب والشيوخ وتشجيع الشباب والأخذ بأيديهم في الملتقيات والفعاليات، واختتم حياته العملية بتقديم مكتبته كهدية لمكتبة الملك فهد الوطنية ليستفيد منها الشباب والباحثين.. وختاماً أقدم شكري لنادي جدة الأدبي على وفائه لهذا الرجل، ونتمنى أن يتم تكريم خلفه دكتور عبدالمحسن القحطاني القادم.
أما الشاعر عبدالله الخشرمي فقال عن هذا الاحتفاء بأبي مدين: الحقيقة تربطني بأستاذي الرائد عبدالفتاح أبومدين مواقف تفصح عن معادن الرجال ومعادن الأدب والقيم الأدبية داخل هؤلاء الرجال، الرجال الرجال بمعنى الكلمة.
أذكر أن أول تجربة عملية كبيرة ربطتني بأي وديع كانت بناء النادي الأدبي الثقافي بجدة في موقعه ومقره الحالي، ذهبت إليه، وطرحت عليه فكرة إنقاذ هذه الأرض التي كان فيها أعمدة كالأشباح من سنوات دون أن تكتمل وطرحت عليه فكرة أن تقوم الغرفة التجارية الصناعية بجدة ببنائها وأنا كنت على قناعة وأنا أعمل داخل هذه الغرفة موظفا ورئيسا لتحرير مجلتها، لدي إيمان كبير بأن على الغرفة التجارية وكل رجال الأعمال دور ومسؤولية اجتماعية تجاه مجتمعهم فأيدني ورحب بالفكرة، فذهبنا معاً إلى الشيخ إسماعيل أبو داؤود وكان وقتها رئيسا لغرفة جدة ورئيس الغرف السعودية فطرحت عليه الفكرة وقلت له يا شيخ إسماعيل في داخلك أديب ومعلم قديم ومحب للغة وتوسمت فيك كل الخير فاستجاب الشيخ إسماعيل أبو داؤود مباشرة وأنفقت ملايين من قبل الغرفة مباشرة على المشروع حتى تم إتمام المبنى وفرشه بالكامل، منذ ذلك الحين اكتشفت معدن أبي وديع عندما كان داعما لي في هذا المشروع وهذه الفكرة فهذا موقف لا ينسى.
من جانبه، قال الشاعر علي الشريف: حين كنت طالبا في المرحلة الثانوية من عقدين كان أستاذنا أبو مدين يتربع على إدارة نادي جدة الأدبي وفي محاضرة للشاعر والأديب المصري الكبير فاروق شوشة حضرت مبكرا وقابلت الأستاذ عبدالفتاح أبومدين وعرضت عليه قصيدتي المتواضعة لطالب في المرحلة الثانوية مرحبا بضيف النادي الكبير الذي أحبه وأسمع له في الإذاعة، لم أجد صعوبة في قبول عرضي بل أعطاني أكثر مما أستحق من التشجيع والدعم وألقيت القصيدة على منبر المحاضرة أمام الضيف والحضور، هذه بدايتي مع هذا الرائد الحقي قي والإنسان الفاضل، وبعدت أن عدت من دراستي الجامعية أستكمل معي معانيه النبيلة وأسلوبه الراقي في التوجيه والتشجيع والدعم وقدمني شاعرا في أكثر من ملتقى للنص حيث تكون قصيدة في حفل افتتاح الملتقي في ملتقى حمزة شحاتة وملتقى مكة المكرمة وكذلك رشحني في أمسيات في ملتقيات وأندية أدبية، عبدالفتاح أبومدين الإنسان والأديب والرائد هو محطة مهمة في مسيرتي وسيبقى له هذا العرفان في خاطري.
وتحت عنوان: عبدالفتاح أبو مديَّن.. القائد المستنير!!.. يقول دكتور يوسف العارف: عاصرت نادي جدة الأدبي الثقافي وشاركت في فعالياته منذ السنين الأولى لإدارة عبدالفتاح أبو مدين، وذاكرتي تختزن الكثير من المواقف الإدارية والقيادية لهذا الرجل المبدع الذي تجعل منه قائداً ديناميكياً ومجدداً إدارياً ورائداً تنويرياً.
وهنا أدلي بدلوي عبر هذه المقالة التي يستحقها عبدالفتاح ولابد من تحبيرها شهادة حق على الزمن الجميل والرجل الأجمل.
فيما يقول أحمد المساعد -ريس نادي الباحة الأدبي السابق- وتحت عنوان: عبدالفتاح أبومدين والدور الريادي المتميز: عندما نزحت من قريتي الجنوبية إلى جدة في أواخر عام 1378هـ قدر لي بدون تخطيط مني، الالتحاق بمطابع الأصفهاني في جدة عاملا بسيطا، وهناك رأيت الأستاذ الكبير عبدالفتاح أبا مدين يوالي إشرافه ومتابعته بشكل دءوب من أجل إصدار مجلة الرائد التي يملكها ويرأس تحريرها، فكان من أوائل المفكرين الذين تعاملت معهم مباشرة، ومن فرط حرصه على إصدار المجلة في ميعادها المحدد، كان لا يغادر المطابع إلا لماما ثم يعود إليها، لأن الرائد همه الأول بعدما أوصلته ثقافته وموهبته إلى عشقه اللذيذ على ما فيه من متاعب لا حصر لها، وأنعم به من عشق لا يحبذه إلا أصحاب الطموحات الكبيرة، الذي كان يلفت انتباه العاملين معه هو أدبه المقترن بتأدبه وحصافته، فلا يقول من العبارات إلا أثمنها، وهذا ما جعله لطيف المعشر في محيطه، وهو على هذه الحال حتى يوم الناس هذا، إذ لم يكن يعرف الغلظة ولا التعالي، لكنه ترك الرائد كما ترك صحيفة الأضواء من قبل لأسباب ليس هذا مكان ذكرها، فاتجه إلى الجانب الآخر في شخصيته الفذة ناقدا أدبيا وكاتبا صحفيا في الشأن العام، فهو إذن الأحق بالتكريم، ليس لأنه كان رئيسا لمجلس إدارة النادي فترة طويلة فحسب، وإنما لأنه شخصية أدبية وفكرية وثقافية، لأكثر من سبعين عاما من عمره المديد، وقد أصدر العديد من المؤلفات القيمة.
كما تحدث محمد المنصور الشقحاء، عن أبي مدين قائلا: إعلامي جيد في قميص الأدب ومن هنا كان هاجسه الاجتماعي طاغيا على حرفه حتى تولى رئاسة مجلس إدارة نادي جدة الأدبي بوجه ثقافي من خلال عدد من الدوريات المتخصصة مثل علامات والراوي.. فتاريخه كإعلامي نجده في كتبه الأخيرة التي هي نتف من سيرته -متعه الله بالصحة والعافية-، وتكريم نادي جدة له تحت عنوان شخصية جدة الثقافية في ملتقى النص، وفاء من النادي لرجل قدّم عصارة قلمه وفكره للساحة الثقافية عبر تميز النادي بمنشطه المنبري ودورياته الصحفية المتخصصة التي كانت حلقات تواصل مع العرب وخاصة المغرب العربي.