هي أرض منطقة سدير وهي مصرها ووسطها ومنزل الأمراء ومنها وإليها تجلب الأشياء وهي مركز المنطقة وحاضرتها.
قال الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني المولود سنة 280هـ والمتوفى على الأرجح سنة 344هـ صاحب كتاب (صفة جزيرة العرب):-
ثم تقفز من العتك في بطن (ذي أراط) ثم تسند في عارض الفقي فأول قراه (جماز) وهي ربابية ملكانية عدوية من رهط ذي الرمة ثم تمضي في بطن (الفقي وهو وادٍ كثير النخل والآبار فتلتقي (قارة بني العنبر) وهي مجهلة والقارة أكمة جبل منقطع في رأسه بئر على مائة بوع وحواليها الضياع والنخيل.
ثم تصعد في بطن (الفقي فترد (الحائط) حائط بني العنبر قرية عظيمة فيها سوق وكذلك (جماز) سوق في قرية عظيمة أيضاً ثم تخرج منها إلى (الروضة) روضة الحازمي وبها النخيل وحصن منيع ثم تمضي إلى (قارة الحازمي) وهي دون (قارة العنبر) وأنت في النخيل والزروع والآبار طول ذلك ثم (توم) ثم (أشي) ثم (الخيس) ثم تنقطع الفقي.
وقد كانت (قارة بني العنبر) تسمى (الفَقْءُ) الفتح وسكون القاف وآخره همزة.
قال ياقوت الحموي (ت626هـ) في كتابه (معجم البلدان):-
الفَقْءُ) الحفرة في وسط الحرة وجمعه فقات وهو اسم موضع بعينه (قارة بني العنبر) ونقل ياقوت كلام ابن الأعرابي قوله:-
الفقءُ الحفرة وسط الحرة وجمعه فقآت، وهو اسم موضع بعينه يقصد أي (قارة بني العنبر) التي هي أكمة الجبل المنقطع الذي في رأسه البئر على مائة بوع وحواليها الضياع والنخيل والحيطان (حائط بني غُبر بن يشكر من بكر بن وائل والتي سميت فيما بعد (حوطة سدير) وكذلك الجنوبية والعطار والخطامه.
فالفقءُ هي قارة بني العنبر التي ذكرها ياقوت الحموي على لسان نصر بأنها قرية باليمامة بها منبر وأهلها ضبة وبنو العنبر.
ثم شمل اسم هذه القرية اسم الوادي فسمي وادي الفقيء على مسمى القرية التي هي قارة بني العنبر حيث قال:-
الفَقْيُ بفتح أوله وسكون ثانيه وتصحيح الياء ولا أدري ما أصله قال السكوني:
من خرج من القريتين متياسراً يعني القريتين اللتين عند النباج فأول منزل يلقاه الفقيُ وأهله بنو ضبة ثم السحيمية والفقيُ واد في طرف عارض اليمامة من قبل مهب الرياح الشمالية. وقيل: هو لبني العنبر بن عمرو بن تميم نزلوها بعد مقتل مسيلمة لأنها خلت من أهلها وكانوا قتلوا مع مسيلمة، وبها منبر وقراها الحيطة تسمى الوشم والوشوم ومنبرها أكبر منابر اليمامة .
الفقيُ: بلفظ تصغير الأول وما أظنه إلا غيره ولا أدري أي شيء أصله وقال الحفصي في ذكره نواحي اليمامة:
الفقي بفتح الياء ما يسقي الروضة وهي نخل ومحارث لبني العنبر، وشعر القتَّال يروي بالرواية قال القتَّال:
هل حبل مامة هذه مصروم
أم حب مامة هذه مكتوم
أم عين شادن خذلت له
عيناه فاضحة بها ترقيم
بنقا الفقيُّ تلألأت فحظا لها
طفل نداد ما يكاد يقوم
إني لعمر أبيك لو تجرينني
وصال من وصل الحبال صروم
وقد ثناه تميم بن مقبل فقال:
ليالي دهماء الفؤاد كأنها
مهاة ترعى بالفقيين مرشح
وتثنية تميم للفقء في الشطر الأخير من البيت السابق قوله (بالفقيين) أي الفقء وهو (قارة بني العنبر) والوادي الذي سمي عليها فأصبح (وادي الفقء).
وقد ذكر وادي الفقيء في كتاب المناسك وأماكن طرق الحج ومعالم الجزيرة لأبي إسحاق إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم الحربي (198-285) أو كتاب (الطريق) القاضي وكيع محمد بن خلف بن حيان من تلاميذ الحربي المتوفى سنة 306هـ تحقيق حمد بن محمد الجاسر رحمهم الله في طريقي اليمامة إلى مكة المكرمة بقوله:
(والطريق الآخر يتياسر عن طريق مرأة فأول منبر يلقاك بالفقي وأهله بنوضبه). انتهى.
وبعدما سُمي الوادي وادي الفقء على مسمى الفقءُ وهي التي ذكرها ياقوت بقول نصر بأنها قرية باليمامة بها منبر وأهلها ضبة وبنو العنبر وهي القارة المذكورة سميت فيما بعد (قارة بني العنبر).
على اسم سكان المنطقة بني العنبر حيث أنه بعد انتهاء حروب الردة في اليمامة كان من نتائجها توطين بطون القبائل العربية في الأماكن التي آلت إلى الخلافة الإسلامية بموجب عقد الصلح بين القائد خالد بن الوليد وأهل اليمامة حيث سكن بني العنبر وادي (الفقي) (سدير) اليوم فسميت (قارة بني العنبر) ثم سميت فيما بعد قارة صبحا ثم سمي وادي الفُقيء (وادي القرى) حيث ذكره ابن فضل الله العمري في كتابه (مسالك الأبصار في ممالك الأمصار ثم غلب عليه مسمى (وادي سدير) مع مرادفه مسماه (وادي الفُقيء).
وكان مؤلف كتاب (المناسك وطرق الحج ومعالم الجزيرة) أبو إسحاق إبراهيم الحربي (198-285هـ) أو القاضي وكيع محمد بن خلف بن حيان وهو من تلاميذ الحربي المتوفى سنة 306هـ كان يذكر.
وهو في أثناء سفره بين الطرق ومكة البلدان التي مر بها وكان من اهتماماته أن يذكر منابر تلك البلدان والمنبر قال عنه الشيخ/ حمد بن محمد الجاسر رحمه الله في المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية (المنطقة الشرقية) (البحرين قديماً).
القسم الثاني أنه: (بلدة تصلى فيها الجمعة وفيها عامل أو أمير أوكما نعبر في عصرنا مركز حكومي تلحق به أماكن أخرى) وذكر مؤلف الكتاب مالفت نظره من معالم وقصور وحصون ووديان وسهول وكثرة سكان البلد ومركزه.
وأنها حاضرة لما حولها من القرى والنجوع تكون جامعة لهم يفدون إليها للصلاة بها والفتياء والبيع والشراء وطلب العلم حيث أنها كانت هي حاضرة منطقة سدير ومركزه، وقد كانت قارة بني العنبر منارة علم ودوحة للعلماء وموطناً لكثير منهم ومحطة علم ومدرسة يتخرجون منها وينهلون من معين العلم على أيدي علمائها ثم غلب عليها مسمى (قارة صبحا).
ومن علماء القارة وقضاتها:
1. الشيخ/ أحمد بن محمد بن جمعة بن سيف بن أحمد بن مانع التميمي نسبا القاري بلداً نسبة إلى قار بني العنبر (قارة صبحا) الحنبلي مذهباً له العديد من المخطوطات والكتب الفقهية التي تملكها ودون اسمه ونسبه عليها كما بعاليه وهو من علماء القرن العاشر بالهجري.
2. الشيخ/ عيسى بن أحمد بن ظاهر الوهيبي التميمي من قضاة القارة وهو من علماء العارض له تقييد شرعي وشهد عليه وقف كتب محمد بن جمعه بن يوسف بن مانع وهو والد المذكور بعاليه رقم (1) وهو الشيخ أحمد بن محمد بن جمعه وكذلك الشيخ أحمد المذكور.
3. الشيخ/ أحمد بن عيسى بن ظاهر الوهيبي التميمي إن الذي قبله له جهود في نسخ الكتب منها نسخ كتاب
(شرح منظومة الكافية في الفرائض) وهذه النسخة محفوظة في المكتبة الظاهرية بدمشق تحت رقم (9789) قال في آخرها (كان الفراغ من تعليق هذا الشرح بعد الظهر يوم الثلاثاء خامس رجب الأصب الحرام من شهور سنة اثنين وخمسين وألف (1052هـ) لنفسه العبد الفقير المعترف بالذنوب والتقصير أحمد بن عيسى بن ظاهر الوهيبي التميمي الحنبلي تاب الله عليه وغفر له ولوالديه ولمن دعا لهم المغفرة والأمن يوم الفزع الأكبر ولجميع المسلمين أجمعين آمين والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم وهو ممن طلب العلم في الشام.
4 - الشيخ سيف بن أحمد بن إبراهيم بن محمد بن أحمد (الأحيدب) وهو من قضاة وعلماء القارة وقد صادق على التمييز الشرعي الذي كتبه الشيخ عيسى بن أحمد بن ظاهر رقم (2) وشهد عليه بوقف كتب الشيخ محمد بن جمعة بن يوسف بن مانع وابنه أحمد رقم (1) المتقدم ذكره وأنها وقف على علماء الحنابلة.
وتصديق الشيخ سيف المذكور ليأخذ التقييد الصفة الشرعية.
5 - الشيخ إسماعيل بن رميح بن جبر بن عبد الله بن حماد بن عريض بن محمد بن عيسى بن مرينة التميمي القاري بلداً (نسبة إلى قارة بني العنبر) (قارة صبحا) الحنبلي مذهباً له (مجموع بن رميح) المسمى (التحفة).
وهو من قضاة (القارة) له العديد من الوثائق وله الخطبة المشهورة التي القاها على أهل القارة بعد الحرب التي حصلت فيها نهاية القرن العاشر الهجري وقد تولى القضاء في العارض ثم انتقل إلى قضاء القارة وقد توفي حدود سنة 970هـ.
6 - الشيخ حسين بن علي الضبيب لقباً الوهبي نسباً القاري بلداً نسبة إلى القارة (قارة بني العنبر) (قارة صبحا) من آل محمد بن الوهبة من بني تميم من علماء القارة نسخ العديد من الكتب منها كتاب نسخ سنة 1109هـ وقد توفي سنة 1110هـ رحمهم الله جميعاً.
وشهدت القارة حروباً بين أهل القارة مع بعضهم البعض كما هي سمة تلك الفترة قبل سنوات الأمن و مما ذكره المؤرخون النجديون من ذلك.
قال ابن بشر في سوابقه:
وفيها أي سنة 1041هـ مقتل آل تميم بتشديد الياء المثناة تحت قتلوا في مسجد القارة المعروفة بصبحا في سدير.
وقال أيضاً:
وفيها أي سنة 1043هـ وقيل في التي بعدها وقع حرب قارة سدير المعروفة قتل فيه محمد ابن أمير القارة عثمان بن عبد الرحمن الحديثي وغيره.
وقال أيضاً:
وفي سنة 1076هـ هُدم جانب القارة المعروفة في سدير الشمالي.
وقال أيضاً: وفي سنة 1087هـ:
جلا مانع بن عثمان آل حديثة وذويه أهل القارة المعروفة في سدير وقصدوا الأحساء.
وقال ابن بسام في تاريخه تحفة المشتاق:
ثم دخلت سنة 1076هـ.
في هذه السنة هُدمت (شمالية) القارة المعروفة في سدير بسبب حرب بينهم.
وقال أيضاً:
في هذه السنة سار أحمد بن عبد الله بن معمر رئيس بلد العيينة بجنود كثيرة وتوجه إلى سدير وأخرج رميزان بن غشام آل بو سعيد التميمي رئيس روضة سدير من (أم حمار) المعروفة في أسفل حوطة سدير وهي اليوم قرية ليس فيها ساكن.
وبعد هذه الحروب التي وقعت فيما بينهم في الأعوام 1041هـ، 1043هـ وهدم جانب القارة الشمالي سنة 1076هـ سقطت القارة حاضرة سدير ومركزها وتشتت أهلها خرج المتعجل منها وسكن بلاداً غيرها
ومثل مانع بن عثمان آل حديثة وذويه الذين انتقلوا إلى الأحساء ومن آل حديثة من نزل الحصون وذلك بعد سقوط القارة وتشتت أهلها وتفرقهم وانفراط عقد بلدانها وهي أملاك وضياع ونخيل وخيطان مثل الحوطة وتسمى (الحائط) حائط بني غبر بن يشكر من بكر بن وائل فقد ذكرها الهمداني (280 - 344هـ) كما تقدم ومثل الجنوبية والحصون والخطامة والعطار وقد استقلت كل منها بإمارة.
ومن استقراء الأحداث التاريخية يتبين ظهور قرى جديدة كان لها تأثير في تحولات في منطقة سدير.
فالقارة كانت تسمى (الفقء) ثم سميت (قارة بني العنبر) ثم (قارة صبحا) والوادي كان يسمى وادي (الفقيء) ثم (وادي القرى) كما ذكره ابن فضل الله العمري (700 - 749) ثم (وادي سدير) مع مرادفة اسمه (وادي الفقيء).
هذا وبالله التوفيق..
الباحث/ عبد العزيز بن محمد بن سليمان الفايز - جلاجل - سدير