تابعتُ أحد مساقات مادة الفلسفة في جامعة هارفارد للسنة الدراسية الأولى في قسم الفلسفة للبروفيسور (مايكل ساندل) عن طريق الموقع العربي (شمسنا العربية) المثير للدهشة لاهتمامه بترجمات المواد العلمية في عدد من جامعات العالم ومنها هذه المحاضرات التي امتدت إلى أربعٍ و عشرين محاضرة ضمن البحث في (نظرية العدالة).
ما المثير في هذه المحاضرات ؟!
يطرح فيها المحاضر نظرية العدالة عبر الفلسفة الغربية منذ أرسطو حتى جون رولز ، مناقشًا فيها آراء كانط وجون مل و بنثام وغيرهم من الفلاسفة الذين اختلفوا بين النفعية و حرية الإرادة، و من المثير في هذه المحاضرات أن المحاضر اعتمد على الطرح الفلسفي في نقاش الأفكار لطلابه؛ بالحوار فيما بينهم إذ يتحول المحاضر في العديد من محاضراته إلى مدير للحوار بدلًا من كونه ملقنًا و أستاذً لهم، و ينسب الآراء إلى تلاميذه بأسمائهم مما يعزز فيهم البعد الفلسفي والتفلسف منذ سنتهم العلمية الأولى في قسم الفلسفة، فالمحاضرات تحولت إلى حوارات فجعل الفلسفة واقعًا وليست تنظيرًا فحسب.
ولعل مما يثير الانتباه وجود العديد من التلاميذ من شتى أنحاء العالم من شرق آسيا و أفريقيا و من العرب أيضًا، بل صرح أحد الطلاب أنه كاثولوكيًا، ومن ألوان متعددة.
ولن تقف الدهشة عند هذا، بل ستستمر إلى الحرية شبه المطلقة في ربط نظرية العدالة بالواقع السياسي والديني والجنسي، إذ ناقش العديد من القضايا السياسية في الحكومة الأمريكية كمناقشة مدى سلطة الحكومة على المجتمع، والموقف غير المناهض للأديان و أسهب في إحدى المحاضرات لمناقشة (المثلية الجنسية) من منظور فلسفي.
قد لا تكون الأهمية من متابعة هاته المحاضرات في الجامعات العالمية هي اكتساب المعلومة بقدر ما تكون الأهمية كامنة في اكتساب المنهجية العلمية والمنهجية التعليمية حتى نعالج الكثير من السطحية والرتابة في العديد من جامعاتنا، وبالخصوص حينما نعلم أن البروفيسور (مايكل ساندل) لم يقعد على كرسي المحاضِرْ في جميع محاضراته البتة وقد يكون قارب الستين من عمره.
- صالح بن سالم