في توطئته لديوان (الأعمال الشعرية الكاملة) لمن انتصر الدكتور زياد بن عبد الله الدريس؟
شرفني قبل فترة ليست بالقصيرة الشيخ الأديب والشاعر عبد الله بن إدريس - أمد الله في عمره - بإهدائي الطبعة الثالثة من آخر عملين له، هما: (قافية الحياة) و(الأعمال الشعرية الكاملة), وحملهما لي مشكوراً جاري وصديقي وابن أخيه الأستاذ محمد الدريس. وقد سعدت جداً بهذا الإهداء من الأديب الشيخ عبد الله بن إدريس - حفظه الله ومتعنا بعمره -.
والشيخ عبد الله تشرفت بلقائه قبل أكثر من 25 سنة؛ إذ عملت معه لقاء صحفياً، ثم تشرفت بلقائه في منزله العامر في حي الريان مع ثلة من رجال العلم والدولة والصحافة قبل أكثر من 3 سنوات، ونُشر هذا في صحيفة الحياة.
بصراحة، شدني ما كتبه ابنه البار الدكتور (زياد)، وهو الأديب والأستاذ والباحث والكاتب، في توطئته لديوان (الأعمال الشعرية الكاملة)، التي ظهر فيها حب الابن لوالده، وحب الابن لشعر والده.. فكانت توطئة لشاعر وأب في الوقت نفسه.
هذا جعلني أترك الكتابة عن الديوان، وأتطرق إلى توطئة الدكتور زياد مخالفاً العادة المتبعة عند الكتّاب والنقاد، وإن كنت لستُ واحداً منهم. وزياد اعترف في بداية التوطئة بأنه من الصعوبة أن يقسم الإنسان والده إلى شطرين.. كأن يتحدث عن والده بمعزل عن رابطة الأبوة التي تجمع بينهما.. مبيناً أن العاطفة ستكون هنا شاء أم أبى.. فالكتابة عن شاعر عملاق ووالد في الوقت نفسه تمثل صراعاً داخلياً، عاشه الابن زياد، وعاشه الكاتب والناقد زياد. فزياد أمام اثنين (والد وشاعر)، وهو أيضاً يملك قلماً داخل اثنين (ابن وكاتب). والسؤال الذي يطرح نفسه: هل أنصف زياد والده وهو يكتب عنه؟ أم أنصف القارئ؟ أم أبت العاطفة إلا أن تخضع قوانين الكتابة التي يملكها زياد لها وحدها.. فلم يستطع عمل شيء أمام عاطفة جياشة، تسكنه تجاه والده الذي يحبه وأحبه قبل أن يقرأ له.. ففضل (فيغفر ما دون ذلك لمن يشاء)؟ أم أن ما كتبه كان إنصافاً للاثنين؟
أتوقع أن بعض القراء سيقول: بل أنصفنا زياد حين كتب عن والده بهذا الشكل الجميل المهذب.. فقد كان وفياً مع والده، وفي الوقت نفسه وفياً مع القارئ حين أطلعنا على الأديب والشاعر اللذين يسكنان في شيخنا الفاضل، وهو القريب منه جداً.. ثم إن إنصاف شاعرنا الشيخ عبد الله إدريس ليس إلا إنصافاً للقارئ. ودليل هؤلاء القراء على أنه انتصر للاثنين ذلك الكنز الذي غرسه شاعرنا عبد الله في نفوس أبنائه. وهذا الكنز تفوح منه القيم والأخلاق الفاضلة التي نشأ عليها أبناء شاعرنا.. وهو ما يجعل القارئ يقيم توطئة الابن زياد على تلك القيم.
قبل أن أختم حديثي لا بد لي من الاعتراف بأن كاتبنا الجميل زياد في توطئته الرائعة أخذنا - قراء ومحبي الشاعر - في رحلة شيقة ممتعة داخل عالم شاعر عملاق، اسمه عبد الله بن إدريس.. أخذنا في قطار أدبي أو (زورق) يمشي الهوينا من البداية إلى النهاية متنقلاً بنا بين قصيدة جميلة وأخرى أجمل.
وأختم ثرثرتي بأن أقول لأبناء شاعرنا عبدالله:
هنيئاً لكم بهذا الجبل العملاق، وهنيئاً له بكم، وهنيئاً للوطن والشعر بأبيكم، ويحق لكم أن تفتخروا به.. لكنه افتخار ليس قاصراً عليكم, فنحن محبوه وأصدقاؤه وقراء أشعاره ومقالاته.. نشاركم هذا الشرف الكبير.
- عبدالله سعود العصيمي
alossaimiabd@yahoo.com