في مشهد بديع ظهرت خلال الأيام الماضية صورٌ لمنشورات، وقد تزينت بها واجهات العديد من المنازل والشوارع في العاصمة المحتلة صنعاء لا سيما صنعاء القديمة في رمزية تعبيرية عن مدى توق أبناء صنعاء إلى الحرية واستعادة الدولة المختطفة من قِبل الميليشيا الانقلابية منذ أكثر من عام.
إن قيام أبناء صنعاء بوضع منشورات تحمل شعار المقاومة وتتعهد فيها بالنصر على ميليشيا البغي والظلال في شوارع العاصمة صنعاء يحمل دلالات بالغة بأن المقاومة حاضرة بقوة في وجدان وضمير كل مواطن حر شريف وبأن المقاومة هي الخيار الإستراتيجي الذي يتمسك به أهل صنعاء، كخيار وحيد متاح لدحر الميليشيا من مدينة سام واليمن.
مر عام على أهل صنعاء وهم يعانون من غياب الدولة وسلطاتها المختلفة، وممارسة العصابات الانقلابية كل أشكال الفساد المالي والأخلاقي والمتاجرة بقوت ومعاناة الناس دون وازع من ضمير، فضلاً عما جلبوه لصنعاء واليمن من معاناة الحرب التي تحمّل وزرهم فيها البسطاء من الناس.. عام يمر وأهل صنعاء يتوقون لاستعادة الشرعية كرمزية للدولة وسلطاتها المختلفة.. عام من الحزن يخيم على أهل صنعاء نتيجة اختطاف شبابها وشيوخها وتهجير أسر بأكملها.. عام وصنعاء بلا إعلام حر ومساجدها محتلة ومؤسساتها بيد عصابات تعبث بها وبمواردها كيفما شاءت.. عام يمر وأهل صنعاء في توق وشغف إلى أن تنطق ألسنتهم بالحق دون خوف أو وجل.. عام يمر على صنعاء وليس فيها سوى أنين أطفال وأمهات وعائلات المختطفين والشهداء الذين كانوا ضحية ممارسات مراهقي مران وتجار الحروب.. عام يمر على صنعاء والميليشيا فيها تمارس أبشع الانتهاكات بحق أهلها.. اختطفوا الأطفال من المدارس وألحقوهم بالمتارس، منعوا الناس من الصلاة في المساجد واختطفوا أئمتها وخطباءها وحولوها من دور عبادة إلى أوكار تبث سمومهم ومعتقلات يعذبون فيها خصومهم، صادروا من شفاه الأطفال والنساء والشيوخ الابتسامة وزرعوا في قلوبهم الخوف والحقد والكراهية.. فهل بعد كل هذا لا يتوق أبناء صنعاء للتحرر من عصابات التمرد والانقلاب.. وهل بعد كل هذا لا يتحول كل مواطن شريف فيها إلى مقاوم لمشروعهم الانقلابي.
إن ما قام به أهل صنعاء من تعليق لشعارات المقاومة في جدران بعض شوارع العاصمة المحتلة، ونشر الصور التي توضح قيامهم بهذا العمل في وسائل التواصل الاجتماعي ليس بالأمر العادي العابر، لكنه عمل عظيم ينم عن شجاعة أبناء صنعاء، ويعبر عن نفاد صبرهم من ممارسات الانقلابيين، وهي رسائل أرادوا بها أن تصل إلى كل مواطن حر داخل اليمن، وإلى كل أحرار الأرض بأن الحق سينتصر والباطل إلى زوال، وهي رسائل بأن أبناء صنعاء يترقبون بفارغ الصبر موعد إشعال شرارة انتفاضتهم في وجه الطغيان لفض المتمردين عن كل شبر فيها.. هي رسائل لمن يعتقد أن صنعاء وأهلها مرحبون كما يروّج الانقلابيون بمشروعهم الظلامي.. وهي رسائل لأبطال الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وقد أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من صنعاء وكأني بأهلها يسمعون وقع أقدامهم قادمين لتحريرهم ومدينتهم من عصابة التمرد، هي رسائل للمقاومة والجيش الوطني بأن أهل صنعاء يترقبون كل يوم وصولهم لينثروا في طريق دربهم الورود والفل وأزهار الياسمين، معلنين عن استعدادهم لمساندتهم ومنحهم دفء مشاعر الحب والتقدير لتضحياتهم من أجل وطن حر كريم مزدهر، هي رسائل بأن صنعاء لن تكون بعد اليوم حاضنة للمتمردين كما ظلت مكرهة طوال عام، وإنما سيتبدل الحال لتصبح حاضنة وفية لأبطال الجيش والمقاومة ليقوموا بدورهم في مواجهة المتمردين إن ظلوا في عنادهم ولم يخرجوا عنها أذلة صاغرين.
صنعاء، وكما قاومت في الماضي كل الطغاة الظالمين، هي اليوم ستقاوم وسيقاوم أهلها كل من يحاول العودة بها وبالوطن إلى ما قبل التاريخ.. صنعاء لم ولن تكون بعد اليوم موطئ قدم للانقلابيين والمتمردين، لكنها ستمضي بخطى ثابتة وشامخة بثبات وشموخ أبنائها الأوفياء الصادقين نحو مستقبل الغد المشرق الذي لن تكون فيه سوى مدينة عصرية تنظر بتفاؤل وأمل كبير نحو المستقبل الذي سيصنعه أبناؤها بإرادتهم وتضحياتهم، وكما يحلم به كل اليمنيين، لا كما يريده السلاليون والصفويون.
- بشير عبدالله
Yaljazeera@gmail.com