تمسّك المملكة بالوسطيّة والاعتدال يحمل الشعب السعودي الحفاظ على أمن البلاد ومقاومة الإرهاب ">
تونس - سلمان العُمري:
وصف وزير الشؤون الدينية التونسي د. محمد خليل جهود المملكة في خدمة الحرمين الشريفين بأنّها عملاقة، وأنّ هذه الخدمات الكبيرة تحت رعاية سامية من الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- الذي لم يخلع على نفسه لقب إمبراطورا أو سلطانا بل لقّب نفسه (خادم الحرمين الشريفين)، وهي إشارة واضحة إلى توفير أفضل الظروف للوافدين لمكة المكرمة، والمدينة المنورة.
وقال د. محمد خليل في حواره مع «الجزيرة» أنّ المملكة تسارع دائماً إلى شدّ أزر أشقائها وأصدقائها في مختلف بلاد العالم، تضامناً معهم في الشدائد والمحن وعند الأزمات، وقد عملت الكثير من أجل الشعوب الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها، منوّهاً بالتعاون التونسي السعودي، وأنّ القيادتين التونسية والسعودية وضعتا منهجاً جديداً للتعاون بين البلدين.
وحيّا وزير الشؤون الدينية التونسي سعي المملكة الدؤوب في مقاومة الإرهاب، والغلو في الدين، مع تمسّكها بقيم الوسطية والاعتدال، ونبذ العنف والتطرف.. وفيما يلي نص الحوار:
* بدايةً كيف تنظرون إلى الجهود التي تضطلع بها المملكة العربية السعودية في خدمة الحرمين الشريفين وتوسعتهما وخدمة الحجاج والزوار؟
- إنّ الجهود التي تقوم بها المملكة العربية السعودية في خدمة الحرمين الشريفين أقل ما يقال فيها أنّها عملاقة وذلك بالرجوع إلى حجم ما وقع إنجازه في هذا الصدد وإلى فخامة ما هو في طور الإنجاز.
إن توسعة خادم الحرمين الشريفين هي مصافحة من المملكة للمستقبل، ويد بيضاء تخلع على الحجاج والزائرين خلعة الراحة والارتياح بما يوفّر لهم حظّ العبادة في يسرٍ وخشوع، والأهم أنّ جهود المملكة في خدمة ضيوف الرحمن لم تقف عند حدّ التوسعة بل تعدّتها إلى مشاريع لا تقل أهمية كإعادة تهيئة فضاء الجمرات، وتسيير قطار المشاعر بما يخفف الضغط المروري عند النفرة الكبرى.
ومما يذكر أيضاً جهود الرعاية الصحية للحجاج والزوار، ووضع جهاز ضخم للطوارئ والأزمات، وهيكلاً صلباً للدفاع المدني مدعوماً بيقظة أمنية ملحوظة وانتشاراً أمنياً مدروساً، هذا إلى جانب الجهود الواسعة في التوعية الدينية، وفي التوجيه والإرشاد.
كل هذه المجهودات المباركة تصب في خدمة ضيوف الرحمن وفي خدمة الحرمين الشريفين تحت رعاية سامية من الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- الذي لم يخلع على نفسه لقب إمبراطور أو سلطان بل لقّب نفسه لقب (خادم الحرمين الشريفين)، وفي هذا إشارة واضحة إلى توجّه قيادة المملكة إلى توفير أفضل الظروف للوافدين على بيت الله الحرام وللزائرين إلى الحرم النبوي للقيام بأعمال العبادة في أريحية كاملة.
إن ما يستحق التنويه هو أنّ الإخوة السعوديّين في الأوساط الحكومية والرسمية يعتبرون هذه الأعمال واجباً يعتزّون بالقيام به بعيداً عن الرياء والسمعة طلباً لرضا المولى عز وجل وترضية للضمير.
* وما رؤيتكم حيال جهودها في محاربة الإرهاب ومكافحة الغلو ونشر الوسطية والاعتدال؟
- إنّ ممّا يستحق الذكر سعي المملكة الدؤوب في مقاومة الإرهاب، والغلو في الدّين، وكذلك في تمسّكها بقيم الوسطية والاعتدال، ونبذ العنف والتطرف، وفي سعيها الجاد إلى نشر ثقافة الحوار بعيداً عن التخوين والتكفير وعن الاقتتال والاحتراب.
إنّ القيادة تؤسّس لقيم المواطنة، ولقواسم العيش الآمن في ظلّ التعاليم الإسلاميّة السمحة، وقد أشار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى ذلك صراحة عند لقائه المشاركين في مهرجان الجنادرية، حيث عبّر لهم عن تمسّكه وتمسّك المملكة بالوسطية والاعتدال، ونبذ الغلوّ ونشر التسامح، ولاشك إنّ هذه الدعوة الملكيّة السامية تحمّل الشعب السعودي كافّة مسؤولية الحفاظ على أمن البلاد ومقاومة الإرهاب وعلى نشر الفكر المستنير وبث روح التسامح والتفاهم والوئام؛ وهي معانٍ تشترك في احترامها وفي العمل على تكريسها كل الشعوب في الوقت الحاضر. لذلك فإنّ دعوة الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- ليست دعوة سعودية خاصة، إنما هي دعوة إنسانية عامة.
* وماذا عن مجال دعم التضامن الإسلامي؟
- لقد عملت المملكة كثيراً من أجل دعم الشعوب الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها، وكانت تسارع دائماً إلى شدّ أزر أشقّائها وأصدقائها في مختلف بلاد العالم، تضامناً معهم في الشدائد والمحن وعند الأزمات، كما أنها كانت ولا زالت تساند مشاريع التنمية في العديد من البلدان وتدفع إلى الاستثمار فيها إسهاماً في نهضتها الاقتصادية، وهي لم تقف عند هذا الحد بل عملت على نشر الثقافة الإسلامية، وعلى نشر الدعوة في أقاصي وأداني أصقاع الدنيا.
إنّ العديد من المساجد ومن المراكز الثقافية المبثوثة في العالم الإسلامي وخارجه تشهد للمملكة بجهودها الموفقة في خدمة الفكر الإسلامي، وبثّ التوعية الدينية الصحيحة.
كما تشهد لها الأعمال الإنمائية التي قامت بها في كثير من دول العالم النامي سواءً في أفريقيا أو في آسيا سواءً عبر المصارف أو الجمعيات التعاونية أو الجمعيات الخيرية أو القروض بدون فوائد أو التبرعات أو الإعانات التي تقدّمها للأشقاء والأصدقاء في الشدة والرخاء عند الحوائج والكوارث وعند البناء والتشييد، في السلم وفي الحرب، وفي غيرها من الظروف والأحوال سواء طلب منها ذلك أم لم يطلب.
* وهل لكم أن تحدثونا عن آفاق التعاون بين المملكة وتونس في المجالات الإسلامية؟
- إنّ التعاون التونسي السعودي قديم ومتين ويستمد جذوره من العلاقة الأخوية التي كانت تربط بين الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله- وبين الزعيم الحبيب بورقيبة أول رئيس تونسي ـ رحمه الله ـ، ثم تواصلت في تعاون مثمر ومتبادل وهي وإن عرفت بعض الفتور في وقتٍ ما نظراً للظروف المخصوصة التي عرفتها تونس خلال السنوات الخمس الماضية إلا أنّ فخامة الرئيس الباجي قائد السبسي قد نفخ في نارها من جديد، فأذكى روحها وأحياها بيده المشدودة بيد الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- فوضعا معاً منهجاً جديداً للتعاون بين بلدينا، ونحن نعمل جميعاً من أجل تجسيم إرادة القيادتين الحكيمتين في إقامة تعاون متعدد الأبعاد خاصة وأننا نواجه جميعاً نفس التحديات ونفس المشاكل التي تتطلب الاشتراك في تصوّر الحلول، وفي وضع وتنفيذ الخطط الكفيلة بتحقيق الازدهار والأمن لبلدينا العزيزين.
وفي هذا الإطار، وضمن هذا التمشي يندرج عملنا ويتنزل التعاون بيننا في مجال الشؤون الإسلامية، حيث سنعمل على تبادل الخبرات في مجال مقاومة الفكر التكفيري والتصدّي للإرهاب بوسائل ثقافية وبمقاربة علمية.
كما سنتبادل الخبرات في مجال تعليم القرآن الكريم، وكذلك في أساليب الخطاب الديني وطرقه ووسائله، وفي مجال المسابقات القرآنية والتحكيم، وشؤون الحج.
وقد عبّر الإخوة في المملكة العربية السعودية على مساندتهم واستعدادهم التام للتعاون مع وزارة الشؤون الدينية التونسية، ودعمهم لبرامجها في تحفيظ القرآن الكريم وفي العناية بالجوامع والمساجد ونشر الفكر الوسطي، وفق مقاربة فكرية وثقافية خاضعة للمناهج العلمية الحديثة، وقد تم الإمضاء على محضر لجنة التنسيق والمتابعة لتفعيل التعاون التونسي السعودي في مجال الشؤون الإسلامية.
وقد عبّر الإخوة السعوديون عن دعمهم المطلق لتونس في مسيرتها نحو الديمقراطية في إدارتها للشأن الديني وفق مقاصد الشريعة، وفي إطار الاعتدال وتقديس الوطن، والوفاء لأهله والتمسّك بأمنه.