قرأت مقال الدكتورة هيا بنت عبدالرحمن السمهري (فسطاط التعليم أوتاده ورواده)، ففي عصر الانفجار المعرفي تظهر الحاجة لإعادة صياغة مفهوم الإعلام التربوي بمفهومه الشامل وباعتباره إحدى الأدوات المساهمة في تحقيق أهداف التربية، وتنمية المسؤولية الاجتماعية ونشر السلوكيات الإنسانية المتسامحة المستوعبة للآخرين، مما يحسّن نمط البيئة التربوية ويجعلها أكثر مرونةً وتسامحاً ويرفع الوعي السلوكي عند مكونات العملية التعليمية. بالإضافة إلى نشر ثقافة التعامل العلمي مع المعلومات وتحليلها ومعالجتها وإكساب ثقافة الفكر النقدي والإعلامي في الأوساط التعليمية، وهذا من خلال الاستفادة من وسائل الاتصال الحديث وتوظيف مصادر المعلومات لتحقيق تلك الغايات التربوية، وخصوصاً أن مفهوم التربية اتسع وأصبح أكثر شمولية بما يتعلَّق بتنمية المهارات ونظريات تعديل السلوك وتعليم التفكير ومخاطبة القدرات العقلية العليا عند الطلاب.
والإعلام التربوي في مفهومه الحديث يتوقّع منه أن يكون وسيلة مهمة لنشر الفكر التنويري في الميدان التربوي، وإشاعة الفكر المعتدل ونبذ الفكر المتطرف وتنمية قيم الولاء للوطن والمحافظة على النسيج الاجتماعي، ونشر ثقافة القراءة والاطلاع والانفتاح الواعي على ثقافات الشعوب الأخرى، حيث إن النظام التعليمي مسؤول إلى حد كبير في إحداث الأثر الاجتماعي الإيجابي في المجتمع وغرس القيم الإنسانية وإكساب ثقافة الحوار وأدب الاختلاف الحضاري مع الآخر والحد من ثقافة التعصب بمختلف أنواعه مذهبياً أو قبلياً، والحد من ظواهر التطرف والغلو الديني في الميدان التربوي، ونبذ ممارسات العنف والكراهية وسوء الظن في الآخر، وإشاعة ثقافة السلام والتسامح والرحمة والتعاطف الإنساني والتواصل الإيجابي ورفع الوعي الاجتماعي بأثر تلك القيم الإنسانية، باعتبارها قيماً تتصل بكيان الإنسان وتعيد التوازن في المجتمع.
وليحقق الإعلام التربوي الغاية منه، من الضروري أن يتمتع القائمون بالدور الإعلامي بمرجعيات كافية حول خطوط التقاء مفهوم الإعلام مع العلوم الإنسانية الأخرى التي تتداخل معه في الدور كعلم الاجتماع والخدمة الاجتماعية وعلم النفس بفرعيه التربوي والاجتماعي، حتى يتاح لهم الإشراف على خطط البرامج التربوية التي تنفذها المدارس من خلال برامج النشاط والإرشاد وبرامج التوعية الإسلامية التي تخاطب سلوك الطلاب وقيمهم بحيث تتوافق وقيم الإسلام المعتدلة بعيداً عن ثقافة التشدد والعنف في التعامل مع الآخر المختلف، هذا إلى جانب توافر الحرية المسؤولة في طرح الأفكار والرؤى وتوافر الأدوات المهنية الكافية لممارسة العملية الإعلامية. فالإعلام التربوي ليس مجرد تحرير أخبار، بل هو دور حيوي مكمل للعملية التعليمية، كونه يقرأ القضايا والظواهر التربوية ويطرحها للنقاش والنقد والتحليل، ساعياً لتقديم دور إيجابي فاعل ومكمل لبقية أدوار المنظومة التربوية.
أريج زياد عنبرة - الرياض