فوزي صادق ">
ارتكب وزير بريطاني شاب مخالفة مرورية بعد أن أوقف سيارته الحكومية في موقف ذوي الاحتياجات الخاصة، وبعد عودته من التسوق وجد تذكرة المخالفة مُلصقة على نافذته وبها اسم الشرطي الذي حررها ورقم شارته، وبينما الوزير يغادر الشارع، قابل الشرطي الخمسيني وجهاً لوجه!
بعد مرور أسبوعين من الحادثة، رن تلفون منزل الشرطي، وكان المتصل مكتب الإدارة العامة للشرطة بمحافظة لندن، وقال له «راجع الإدارة حالاً»، فقال الشرطي لزوجته «أنا كنت أعرف أنهم سيتصلون بي، واستباقاً للأحداث وضعت بدلة الشرطة مع الشارة بهذا الكيس، وسأسلمها لهم مع استقالتي»، فاستشاطت الزوجة غضباً، وأقنعته أن يوكل محامياً للقضية قبل أن يتهور بقطع رزقه. وما أن دخل الشرطي مكتب مساعد وزير الداخلية، تفاجأ بوجود الوزير صاحب المخالفة جالساً أمامه، فأخبره المسؤول: «لقد أخبرنا معالي الوزير بكل ما حدث، وكيف أن إخلاصك في عملك لم يتأثر أمام كبار مسؤولي الدولة، لذا فقد قدم الوزير توصية خاصة بك إلى وزير الداخلية بنفسه لترقيتك شارتين تحتاج إلى عشر سنوات حتى تحصل عليهما، وزيادة في راتبك تعادل الضريبة الحكومية التي تُخصم من راتبك الشهري، وهذا ظرف به مبلغ قُدِّم لك من صندوق الإعانات الخاصة برواتب الشرطة، كمكافأة لجهودك وإخلاصك لعملك ووطنك»، فابتسم الشرطي وقال «اعذرني معالي الوزير» فتحولت الابتسامة إلى بكاء من السعادة، ورجع إلى زوجته وأخبرها بكل ما حدث.
إن ثقافة احترام النظام هي القناعة التي يجب أن تكون عند كل فرد في أي مجتمع بأن يحترم الأنظمة السارية في بلاده، لأن ثقافة احترام الأنظمة تسهم مساهمة فعّالة في تجذير احترام حقوق الآخرين، ونحن في دول العالم الثالث يجب أن نعترف بأننا نفتقد إلى ثقافة احترام الأنظمة والقوانين، والدليل أن معظمنا يحاول دائماً أن يخالف الأنظمة السائدة، وعلى مختلف مستوياتنا! مع أننا نعلم تماماً بأن ما نرتكبه من أفعال مخالفة للأنظمة نستحق المحاسبة بسببها، وأفضل مثال نضربه على ذلك هو المرور، فأتمنى أن يكون الكل على قدر من المسؤولية، وأن يتحمل التكليف المنوط به، وأن يرى الله وإنسانيته ووطنيته أثناء تأدية عمله كما وجدنا الشرطي الإنجليزي.