عبدالله بن عبدالعزيز الفالح ">
إن للأئمة وخطباء المساجد والدعاة والمعلمين وغيرهم من أفراد المجتمع كل في مجاله وتخصصه الدور البارز والهام في تفعيل العمل الدعوى بشكل إيجابي هام وهادف نحو الوسطية والاعتدال لكل القضايا والمستجدات والمهمات الدعوية والاجتماعية والوطنية؛ مما يخدم ويصب في مصلحة بلدنا الغالي وأمتنا الإسلامية والعالم أجمع وفق فهم معتدل بعيد عن الغلو والتطرف أو التكفير والتفجير، حمانا الله.
الأمن الفكري وأمن البلد والإنسان هو مطلب غال ومهم للجميع، لأن كل منكر يرتكبه الإنسان في مجتمعه أيا كان في الإخلال بالأمن أو العمل على انتشار المنكرات والأفعال المشينة والمتطرفة؛ سواء غلواً أو مجافاة عن الحق، إنما هو خرق خطير في سلامة وصلاح هذا المجتمع وذاك, وهذا يُعتبر من معاني الحرص على الأمن بمختلف جوانبه وإنكار المنكر والأمر بالمعروف.
لذلك ينبغي لمن ينتهج ويسلك مسالك تخالف المنهج السليم والصحيح أو تدعو إلى تعكير صفو الأمن في بلاد المسلمين بأفكار مخالفة للدين القويم ولسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتقي الله ويبتعد عن تلك الأفكار التي تجلب المشكلات والاضطراب في الأمن، وعلى الجميع الاتصاف بتقوى الله سبحانه في هذه الأمور ويرجع إلى الكتاب الكريم والسنة الشريفة المطهرة ليستقي منهما أصول دينه ومعتقده السليم، ووجوب الاهتمام بصلاح الأفراد والجماعات حتى يصلح أيضا ذوو الاتجاهات والأفكار المنحرفة من تيارات مغالية أو مواجهة للدعوة الإسلامية الصحية المختلفة، يصلح المجتمع بعون الله تعالى ثم بجهود وإخلاص المواطن وحماة الوطن المخلصين لدينهم ثم بلادهم بعيدًا عما يعكر صفو الأمن في البلاد، يجب أن نعتبر ونتعظ بالأحداث الواقعية الحية المحسوسة التي حدثت من حولنا حتى نعي دورنا الفعلي في مجتمعنا المسلم، ونأخذ على يد الواقع في حدود الله والإنكار عليه، وهذا هو سبب بإذن الله في نجاة الجميع صاحب المنكر ومن أنكر عليه ونهاه عن ذلك الذنب وتلك المعصية، على الأخ أن يكون لديه يقظة تجاه نفسه أولاً وتجاه أخيه، فيحب لأخيه ما يحب لنفسه فيرده عن الخطأ إن أخطأ،.كما هو معروف فإن الأمن الفكري وما صاحبه من أنواع ومجالات الأمن الأخرى هي ولاشك من الواجب الشروع باستمرا ر للعمل على تحقيقها في مجتمعنا الإسلامي المسلم بما تقتضيه تعاليم هذا الدين الحنيف القويم، وما تمليه علينا توجيهات الرسول الكريم عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم، نحن نعلم ونشاهد اتجاهات كثيرة مختلفة من الأفكاروالمعتقدات والتصورات التي تعج بها ساحتنا الإسلامية خاصة مع وجود آراء ومذاهب شتى، سواء مغالية عن النهج السليم أو مبتعدة عنه أياكانت عقدية أو فكرية أو أدبية وغيرها، لذا كان واجبا ولزاماً على المؤمن المسلم أن يدرس هذه الأفكار وأن يعيها يصرف عزمه إلى تحصين عقول الشباب والناس عموماً، والسعي بصدق وجد إلى الحصانة الفكرية بل والأمنية، وجعلها ضد تحديات الأمن الفكري المعاصر المؤسف الذي يلازم تلك التوجهات والآراء المخالفة للصواب والدين الحق، قال الله تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (143).
جاءت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير هذه الآية الكريمة أن المراد من قوله تعالى: {أُمَّةً وَسَطًا} أي: عدلاً خياراً، وأن المراد من الشهادة على الناس: الشهادة على الأمم يوم القيامة أن رسلهم قد بلغوهم رسالات الله، لهذا فإن من الواجب العمل بحرص نحو تعزيز الوسطية وتحقيق الأمن الفكري، ونشر الاعتدال وفق تعاليم شرعنا المطهر، حتى لا تنحدر الأمة وشبابها إلى منهج مخالف وسلوكيات غير مرغوبة ولاتوافق أحكام ديننا الحنيف، كذلك يجب تصحيح المفاهيم والأخطاء التي تحدث جراء ذلك كله وتوجيهها وفق رؤية صحيحة مدروسة وطرح بناء في اعداد جيل الشباب الذي ينبذ الغلو والتطرف بأشكاله المختلفة.