رمضان زيدان ">
تُطالعنا الحياة بالكثير من المشاهد المرئية للكائن البشري على كوكب الأرض فتتجلى له منذ الوهلة الأولى لوجوده أن (الحاجة أم الاختراع)، وكان ذلك هو الباعث والمحرك الأساسي لصناعة وسائل مساعدة تمنحه القوة على البقاء، وذلك مما أفاء الله عليه من التفكّر والتدبّر بإعمال العقل للوصول إلى نتائج تسير به من إنجاز إلى آخر، وذلك بما لديه من مهارات ومعطيات منبثقة عن ماهيته الإنسانية وطبيعته البشرية، وأول ما تُفضي علينا به الحياة في معرض رفقتها مع العنصر البشري حينما أحس بالاحتياج لمساعدة الأشياء من حوله كان ذلك هو ملهمه للخروج من رحم البدائية إلى عالم رحب من المعرفة والتعلّم وسبق ذلك التأمّل ليكون له دافعا واقعيا من خلال تجربة حقيقية لخلق ما يحتاج إليه في يومياته المعيشية، وهو سائر في رحلته الممتعة والمليئة بالمغامرات نجاحات كانت أو إخفاقات على ظهر هذا الكوكب وأول ما دفع به لواقعٍ حركيٍ، أنّات الجوع، فيقوم من فوره بزراعة السنبلة ليستخلص منها الحنطة التي يسد بها الرمق وبعدها أراد بشعور فطري أن يصنع لنفسه ما يتسربل به ليواري سوأته حيث إنه لم يسترِح إلى هيئته العارية ففكّر وتدبّر وعمل وصنع له لباساً من ورق الأشجار وهذه طبيعة إنسانية تنبثق من الباعث الفطري لدى الكائن البشري ومن ثم يأتيه البرد الشتوي القارس فيحرّكه ذلك إلى صنع مدفئة له من الحطب وفروع الأشجار ثم يصنع لنفسه كوخاً خشبياً وهو في هذه المسيرة لا ينفك عن مطالعة الطبيعة الخلاّبة التي تؤنسه في وحدته وتساعده على تحقيق بغيته لينطلق الإنسان في رحابها عاملا متدبرا ومدخرا من السمان إلى العجاف، ومن ثم يأتي تقدمه الحضاري الهائل بصناعة الفلك التي تسبح فوق يمٍّ هائلٍ وهو بذلك كله يسير في معيّة القدر الرحيم تسمو به الفضائل لترتقي به إلى المنازل السامقة، وعنده شعور قوي بأنه قد خُلق لأمر جلل ولشأنٍ عظيم، قد حباه الله بمكرماتٍ وعطايا وكثير من النعم والمزايا ما لم يؤت أحداً غيره من المخلوقات وسخّر له الأشياء والأحياء من حوله لتكون له معيناً على إرساء المُثل القويمة والأخلاق العظيمة وهو ماضٍ في ربوع الحياة.