في المرحلة الهامة والتحولات التاريخية والسياسية والاضطرابات التي تعصف بالعالم وفي ظل أزمات اقتصادية واجتماعية وإنسانية ومع الأوضاع الغير مستقرة التي تعيشها بلدان وشعوب تتزن معادلة الأمن والأمان لدينا في الوطن الكبير المملكة العربية السعودية التي تضرب أمثلة حية ونموذجية للاستقرار رغم العداءات الخارجية والفتن التي يحيكها صناع الفتنة وجهابذة الظلال.. حيث يعيش المواطن والمقيم في المملكة في بيئة تجاوزت تلك الاضطرابات ونهلت من معادلات مميزة في الاستقرار الاجتماعي والنفسي والتنموي مما جعل المملكة تتربع على قائمة الدول الآمنة المطمئنة بفضل الله عز وجل ثم بتوجيهات قيادة حكيمة صنعت هذه الأجواء منذ تأسيس المملكة على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز وأبناءه من بعده الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله -رحمهم الله- وحتى الآن في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله الذي أعطى للعالم دروسا خالدة في الحزم والعزم ووأد الفتن ومجابهة كل التحديات بقرارات تاريخية ستظل منهجا على مر العصور.
ووسط تلك القلاقل والفتن ظلت المملكة ولعقود مثالا يحتذى به في إغاثة الإنسان فالمملكة ومنذ تأسيسها كانت سباقة لمساندة الشعوب التي تتعرض للمحن أو للكوارث في كل قارات العالم وكانت نصيرة للمسلمين المضطهدين في كل أرجاء العالم وكانت تنشر رسائل السلام في عدة اتجاهات من خلال المؤتمرات والمناسبات المختلفة سواء في الخليج أو المنطقة العربية أو الشرق الأوسط أو على المستوى العالمي في كل الميادين والمحافل المختلفة.
شكلت المملكة منظومة إغاثية تكافلية كبرى على المستوى السياسي والإغاثي واحتضنت أراضيها عشرات الآلاف من الشعوب المنكوبة على مدار عقود خلت وكان آخرها توجيهات القيادة بشأن استقبال الأشقاء السوريين واليمنيين ومساعدتهم إغاثياً في كل أنواع الإغاثة الإنسانية وتوفير كافة الحقوق الإنسانية التي تضمن لهم العيش الكريم ومدت مخيمات اللاجئين في الأردن والدول المجاورة بأطنان من المساعدات كإغاثة الشعب السوري لمواجهة الأزمة الإنسانية التي يتعرض لها، وساندت المملكة الأشقاء اليمنيين في وقف جرائم الحوثيين وميليشيات صالح في اليمن ومساعدة الشعب اليمني على منظومة العيش الكريم ووقف الجرائم التي قامت بها هذه الجماعات ضد الحكومة الشرعية وضد الشعب حتى يتم توفير العيش الآمن الكريم لهم.
وتسجل بلدان شرق وغرب وأواسط آسيا والدول الإفريقية التي تعرضت في سنوات ماضية لنكبات وكوارث مثل الزلازل والبراكين ومواسم الأمطار تاريخاً إغاثياً حافلاً بالإنسانية للمملكة العربية السعودية ومن أراد التحقق ما عليه سوى تسجيل تلك البراهين من واقع تلك الدول التي تدين للمملكة هذا العمل وهي التي تتعامل مع الإنسان أولا في منظومة تعتمد على سياسة المساعدة والغوث للإنسان وإغاثة الملهوف ومساندة المكروب بينما دولاً أخرى تتبجح بالعمل الإغاثي وهي لا تعرف منه سوى الاسم وتمـارس في داخل حدودها كل الأسـاليب الملتوية ضـد الإنسان وحياته وكرامتـه ومستقبله.
وقد عكست تقارير من الأمم المتحدة تصدر المملكة الدول المانحة في المساعدات دولياً، وأشادت منظمة الأغذية والزراعة العالمية «الفاو» بأن السعودية ساهمت وبتميز في مكافحة الجوع والفقر في العالم.
وكان من أهم المجالات الإغاثية التي تعكس توجيهات القيادة واسم المملكة عالميا وعمق العمل الإنساني إسهامات المملكة في برامج جمعيات الهلال الأحمر ودعمها طيلة عقود ماضية دولا عديدة بتنفيذ الآلاف من المشاريع التي تسهم في تنمية الإنسان وفي مكافحة الفقر وفي الإغاثة بكل أوجهها ومجالاتها.
ووفقا لتقارير دولية فإن مساعدات ومساندات المملكة إنسانيا غطت حوالي 70 % من خارطة العالم ما يعكس ريادة المملكة في الجانب الإغاثي الإنساني، وكان آخر القرارات التي شكلت تحولاً في إغاثة الإنسان إنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الذي قدم ولا يزال وسيظل مساعدات مميزة لإغاثة المنكوبين ومساعدة الملهوفين.
التقارير الدولية التي تصدر من جهات دولية تؤكد علو وسمو المملكة وريادتها في الأعمال الإغاثية والتنموية للعالم مما يعكس وجودها كأنموذجاً للعمل الإنساني سواء في الداخل أو الخارج وها هي تصدر للعالم كله مناهج إنسانية في التعامل مع الأشقاء ومع الأصدقاء ومع المسلمين ومع الإنسان بشكل عام عاكسة جوهر التزام هذه الدولة وقيادتها بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة التي تحث على الخير وعلى إغاثة الإنسان الأمر الذي يلجم أصحاب الفتن أو ممن يصدرون التقارير المغلوطة الكاذبة والافتراءات عن حقوق الإنسان داخل المملكة فقد وقفت وفود دولية متعددة من كل القارات على حقيقة الحقوق الإنسانية في المملكة وأيضاً اعترفت وفق لغة النتائج والبراهين ببصمة المملكة الذهبية على خارطة العمل الخيري والإنساني .فقد أنتجت المملكة هذه المعادلة السامية من الإنسانية لتكون مثلا يحتذى به وقد سارت بعض الدول على ذلك.
المملكة سائرة في إغاثة الإنسان كرائدة في هذا المجال تماما مثل ريادتها في القضايا العربية ووقوفها مع نصرة كل قضايا المسلمين في شتى بقاع الأرض وها هي تصدر المناهج الحكيمة لكل العالم في التعامل مع الأزمات والتحديات والفتن في منهج قائم على الشريعة الإسلامية لتلجم الخونة وتدحر أرباب الضلال ولتمد يدها وجسور الإغاثة والعون في منهج إنساني فريد ينطلق من أرض المملكة وفق توجيهات قيادتها ليرسم الخارطة الإغاثية لكل أنحاء العالم مسجلة بذلك الأنموذج الأميز في هذا العمل وغيره من الأعمال التي كانت وظلت ولا تزال المملكة فيها تسجل الريادة والقيادة.
د. صالح بكر الطيار - رئيس المركز العربي الأوروبي للدراسات - باريس