عبدالحميد جابر الحمادي ">
خشي أبناء الوطن وسياسيوه بعد رحيل العملاق الأنيق فكراً ومنطقاً وكاريزما الأمير سعود الفيصل - رحمه الله - من حدوث شرخ أو فراغ دائم أو مؤقت في حقيبة وزارة الخارجية التي يعول عليها مجلس التعاون الخليجي والعالم العربي والإسلامي آمالا كبيرة وثقيلة وكثيرة تتعلق بمصائر الشعوب واستقرار الأوطان، بالإضافة لما لهذه الوزارة من تأثير كبير على روابط وعلاقات واستراتيجيات تربط المملكة كدولة لها ثقلها السياسي بالعالم بامتداد جغرافيته القارية والدولية، وليس غريباً أن يجتاح ويغمر هذا الشعور ويجول في قلب كل مواطن غيور يهتم بتفاصيل إنجازات ومواقف بلده في كافة الأصعدة والأدوار، خصوصاً علاقاتها الخارجية التي تنعكس إيجابا أو سلبا على جوانب التنمية ممثلة في الاقتصاد والأمن والاستقرار.
أشعر بالفخر والاعتزاز عندما أوجه قلمي بالكتابة عن شخصية وطنية أو موقف وحدث وطني هام، كما هو الحال أثناء كتابتي عن معالي وزير الخارجية عادل الجبير الذي اكتسب ونال الثقة الملكية مرتين وفي عهدين زاهرين، فالأولى كانت في عهد الملك عبد الله - رحمه الله - حيث وقع الاختيار عليه ليكون سفيراً للمملكة في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1428هـ/ 2006م. وخلفاً للأمير تركي الفيصل - حفظه الله - الذي استقال من منصبه بناء على طلبه، والثقة الملكية الثانية جاءت بتعيينه وزيراً للخارجية في عام 1436هـ بأمر ملكي أصدره الملك سلمان بن عبد العزيز - رعاه الله وسدد خطاه - خلفاً للأمير والوزير والبارع الذي فاق معاصريه الأمير سعود الفيصل الذي طلب أيضاً قبول استقالته بعد رحلة طويلة من النجاح الدبلوماسي ليبقى مشرفاً ومستشاراً ووزيراً للدولة بطلب من خادم الحرمين الشريفين.
لا أجد صعوبة في اختيار الكلمات أو المعاني حينما أكتب عن التميز الشخصي أو المهني لإِنسان خصوصاً عندما يكون سهل ملاحظتها وكشفها، لأن التميز صفة بارزة ظاهرة سهلة الاكتشاف لكنها صعبة في ممارستها وإتقان فنونها، وهو ما يحظى ويتمتع به الوزير النجيب عادل أحمد الجبير من هدوء وتأن واتزان عند الإجابة أو الإدلاء بتصريح صحفي، ومن ذلك عندما بادره أحد الإعلاميين بسؤاله هل إيران جننتكم ؟ فيجيبه بأكثر من هدوء السائل بقوله : إيران ما جننتنا وما حد يجننا فنحن عندنا عقل وحكمة وصبر وطولة بال وقوة.. أيضاً امتاز وزيرنا بصفة وكاريزما الحزم وذاك ظاهراً وحاضرا في اللقاءات والبيانات المشتركة مع نظرائه وزراء الخارجية في الدول الأخرى، ولمن لا يعلم فالشخصية الحازمة من أبرز خصائصها المطالبة بحقوقها مع الالتزام بواجباتها دون أن تغبن وتظلم الآخرين أو تقصيهم بمعنى (كلانا يكسب) حيث تقع بين طرفي نقيض، فهناك الشخصية العدوانية الشرسة المؤذية المنعزلة التي تقصي وتؤذي الآخرين على حساب مصالحها وأطماعها وبين الشخصية الخانعة الذليلة التابعة المهانة التي تترك حقوقها من أجل حقوق الآخرين، بسبب ضعف توكيد الذات والثقة بالنفس.. وهذا ما أظهره الوزير عادل في عمليات التفاوض والمثابرة وفهم واستيعاب الأحداث وتوكيد المواقف الثابتة.
وفق الله تعالى الوزير عادل الجبير وسدد خطاه ومنحه الحكمة والثبات والبصيرة ورباطة الجأش وحسن اتخاذ القرار، فهو أولاً وأخيراً يعمل ويجتهد لصالح الوطن والأمة العربية والإسلامية، ولا يحتاج للثناء من أجل شخصه أو تلميعه أو تحسين صورته للحصول على مزايا وظيفية أخرى، فقد بلغ وتبوأ أرفع المناصب والمزايا الوظيفية ونال لقب وزير.. إنما استحق الكلمة فقيلت فيه.