د. خيرية السقاف
هذا الإنسان يعيش ليسخر كل ما في الطبيعة من أجله..
يطغى عليها بكل ما تمكِّنه قدراته..
هو في كبد متلاحق معها من أجل ذاته..!
أحواض السباحة التي يجمِّل بها بيوته، تمتد في براح شتوي..
حتى الماء المسجون فيها صامت بلا حراك..!
الطيور الملونة في الأقفاص يقيِّدها،
الصناديق الزجاجية يزين بها داخل بيوته،
يسجن فيها أسماكاً تتحرك في مائها المحجوز..
في الأقفاص الزجاجية المليئة بالماء يخادعها بأفكاره
يضيئها ، يحركها كما الموج بحفنة هواء صناعي، عن مولد كهربائي يضخ،
في هذا السجن الزجاجي يكيف لها الحياة بالتورية..!
يا له من جبّار قاسٍ هذا الإنسان..
يقيِّد حريات ما في الطبيعة من أجل رفاهه، ومتعته !!..
وحين تتأمل أحواض السباحة وأقفاص الطيور، وحظائر الحيوان، واصطبلات الجياد،
يخطر لك أن تتساءل، ألا يحرر هذا السجان الماء، والطيور، والأسماك في بيوته..؟
ألا يدعها تعيش كيفما أراد لها خالقها في مطلق كونه العظيم..؟!
لكنها المنفعة التي يتمحور حولها سلوكه مع مقدرات الأرض،
لا مبالاة هذا الإنسان تضعه في خانة الكنايات الكثيرة..!..
لأنه لم يبق له إلا الهواء،
إنه لو يستطيع أن يسجنه لمجرد أن يخص به نفسه لفعل..
فغاية الإنسان في الحياة متعته،
وحتى آخر رمق فيه..!!