الشعر العامي سليل الشعر الجاهلي ">
ضمن فعاليات الأدب الشعبي المقام في إطار النشاط الثقافي بالمهرجان الوطني الثلاثين للتراث والثقافة الذي تنظمه وزارة الحرس الوطني، أقيمت مساء (الأربعاء 1 -5 -1437هـ) بقاعة الملك فيصل بفندق الإنتركونتنتال محاضرة بعنوان (الشعر العامي بين الإبداع ومزاحمة الفصحى) ألقاها الدكتور عبدالرحمن الفريح، وسط حضور متميز من محبي ومتذوقي هذا اللون من الأدب الشعبي، وقد أدار المحاضرة قاسم الرويس الذي قدَّم المحاضر وعرَّف بجهوده كأكاديمي ومؤرخ سعودي له العديد من المؤلفات والكتابات. وقد أكَّد المحاضر في بداية تناوله أنَّ ساحتنا الأدبية عامرة بالشعراء المبدعين الذين يتميزون بعطاءاتهم الشعرية في علم الشعر بشقيه الفصيح والشعبي، وهذا الإبداع في الشعر لم يأتِ من فراغ، وإنما هناك الكثير من العوامل المؤثرة التي اجتمعت لإعطائه هذه الخاصية، وفي مقدمتها الخلفية البيئية والاجتماعية الشعبية، وبيّن الدكتور الفريح أنَّ الشعر هو التعبير عن الشعور الإنساني، وهو ميدان الفن القولي الأول الذي سجَّل فيه الشاعر العامي تقدماً في خلق صور شعرية، مبهرة وحالمة في الوقت نفسه. مؤكداً على بلاغة الشعر العامي وقدرته على اختصار المسافة بين الشاعر والمتلقي.
ونفى المحاضر تهمة الإساءة للشعر الفصيح من خلال الاهتمام بالشعر العامي، فكلاهما إبداع والمزاحمة بينهما منتفية، وسلّط الضوء على المقاربة بين الشعر العامي والشعر الجاهلي، مشيراً إلى أن الشعر العامي هو سليل الشعر الجاهلي من حيث المشاعر، والصور، والمعاني، وذكر الدكتور الفريح أنَّ تسمية الشعر العامي بالشعر النبطي غير صحيحة، واستدل على ذلك بعدم ورود قصيدة عامية تنسب للأنباط، فلا يمكن أن ننسب هذا اللون من الأدب الشعبي إلى أمة مجهولة لم تتحدث اللغة العربية، وشدَّد الفريح على أن الشعر العامي هو ابن العرب والقبائل العربية التي كانت تسكن الجزيرة العربية، فهو بلساننا ولسان آبائنا، وهو شعر عامي بلسان عربي فقط انحرف عن العربية في البناء، واستشهد الفريح بالعديد من قصائد شعراء الفصحى ومنهم النابغة الذبياني، والفند الزماني، وعامر بن الطفيل.
وأوضح المحاضر أن تسمية هذا اللون من الشعر بالشعبي ليس ازدراء له أو امتهان، بل هو شعبي؛ لأنه يشترك فيه كل الشعب قولاً واستماعاً وإبداعاً وتفاعلاً. وشدَّد الدكتور الفريح على أن استحضار الشعر العامي أو الشعبي لا يعني هجر الفصحى كما يقول البعض، ولكن دراسة الأدب العامي تزيدنا علماً بتاريخنا وموروثنا الإبداعي من خلال دراسته لفظاً ومادة وأداء، فالتعالق بين النوعين الفصيح والشعبي، يسهم في رصد هذا الموروث العربي الأصيل، وليس دعوة إلى العامية أو تكريسها، وقد شارك في المداخلة الشاعر القطري حمد بن محسن النعيمي الذي أثرى موضوع المحاضرة بمداخلته حول مسمى الشعر الشعبي ونسبته إلى الأنباط، واقتراب هذا المسمى من الموال الشعبي.