رُقومٌ تَلاشى
تركي الزميلي
قالَ لي.. شَبَحٌ
واهنُ الصوتِ
ما بَينَ مَقْبَرتَيْنِ
أَطَلَّ يُغَنِّي..
وما يَنْتَشِي حَوْلَهُ..
غَيرُ وَقْعِ السُّكونْ:
التَّصَحُّرُ يَهمِي جفافاً على الكلِّ..
أمْ أنني أَتخيّلُ ما لا يكونْ..
اِنْكِبابَ الجُموعِ على مِزَقٍ.. يَرتَعونْ
لاعِقِينَ دِماءً تَسيلُ..
ولا شيءَ فيها.. سِواهمْ! -
وما ارتاعَ منهم.. سِوايْ!
هل تُرى غِبتُ.. أم غابَ عنّي الذي يُبصرون..
مِن الوَهْمِ؟
أمْ لمْ تُحدِّقْ بصائرُهمْ..
في صَلابةِ أَطرافِهم.. تَتساقَطُ منهمْ
وهمْ يَلْعَقونْ!
كأعجازِ نَخْلٍ هَوَتْ..
في مَسيلِ الوقائعِ والنارِ والجدبِ..
بعدَ اسْتِلابِ الحُصونْ؟!
سوفَ أََحْسِبُني عاقِلاً -كالجنونْ-
وسأَرْقُمُ بعضَ الوصايا هنا.. فَوقَ ماءٍ ودمْ
وأُراقِصُ في حَلَباتِ خَيالي البَجَعْ
لأُخَفِّفَ بعضَ الوَجَعْ!
1
للمُطَفِّف قُلْ: إنما تَخْزُنُ البيدَ حِمْلَ انتقامٍ بَليدْ
وتدفِنُ حولَكَ ما كانَ مِن قبلُ حُلْماً
تَراءى كَطَيْفٍ..
فما أَمْهَلَتْهُ الرؤوسُ الصحارَى لينمو سويّا
فعادَ سراباً.. تَناءى هُوِيّا
تُحيطُ به ظُلَمٌ..
لا تُطيقُ بواكيرَ زُخْرُفِهِ في خَيالِ اليَباسِ
فتَسْلبهُ ظِلَّهُ في الهَواءِ..
إلى أنْ تَبَعْثرَ..
ثُمَّ اضْمَحلّ اضْمَحلّ إلى أنْ تَيبَّسَ
ثُمَّ امَّحى.. في زمانِ الأُفولِ العقيمْ
2
للمطبِّل ُقلْ:
لم يَعُدْ ثَمَّ صِدقٌ لِنعرفَهُ،
إِنَّ آذانَنا لم تُفارِقْ ضَجيجَكَ شِبراً
أَلا فاتَّئِدْ.. وَاسْتَكِنَّ قليلا
قد تُجَنُّ.. وأنتَ تَرى المنتَظَرْ:
أنَّ للرعب أنتَ، وما تَنتظِرْ!
أَوَلَسْتَ تُحَدِّقُ في مُقلتَيكَ..
تُحيطُ بها حارِقاتُ الشَّررْ؟!
3
للصحافيِّ حين يُشَيِّدُ من جثةِ الفَألِ قِصَّتَهُ،
قلْ لهُ:
هلْ تَرَى؟!
«هِيَ أَشياءُ لا تُشترَى»
لَكأنّي بها حَسرة أَكْسَبَتْ حَسَراتٍ تَنامَى
على شُرُفاتِ جَفافٍ مُقيمٍ على مَحْرقةْ
4
وأخيراً تمهل، وقلْ - ِحَذِراً هامِساً-
للعباءاتِ أو للعمائمِ سوداً وبِيضاً:
أما زال غيُّ البداياتِ جَلْداً طَرِيّاً عَرِيّاً جَبانْ
كلَّما عزفَ النايُ للقتلِ راقَصَهُ - طَرِباً - أُفعوانْ!
5
وبعدُ، إذا ما تَبقَّى فمٌ للكلامِ فأَقْبِلْ إِلينا
إلى طَلَلٍ.. ما بَكى فَقْدَه أحدٌ، وتساءلْ:
أَنحنُ يباسُ الهشيمِ على عَتَباتِ جفافَينِ
نيرانُنا تَتقاسمُنا في الحريقِ السقيمْ؟!
25 يناير 2016
- تركي الزميلي