وداعا أخي يوسف..
فلن أنسى أيامنا التي قضيناها طوال أيام عمرك - رحمك الله -. تذكرت الأوقات الجميلة معك، وجدك ومزحك وأسلوبك وأفكارك وقصائدك الرائعة..
عاد بي شريط أفكاري إلى أيام طفولتي، وحرصك الدائم على إخوتك، فكم تعلمت منك خط القلم والقراءة، فكنت خير من تعلمت منه. وفي مرحلة شبابي كنت صديقاً لي، وكنت قريباً من الجميع، ويغمر روحك الهدوء والابتسامة الدائمة رغم معاناتك في رحلة عمرك.
كنت صاحب مشاعر حساسة ومرهفة، ودموع عينيك قريبة، ولا تطيق الفراق.
حينما تجرعت فراق أبي وأنت كنت طالباً بالجامعة بالرياض.. حتى بعد مرور عشرين عاماً من دفن أبي، كانت تذرف دموعك حينما تهيض مشاعرك، وقلت:
الشمس غابت وأقبلت وحشة الليل
ليل ن طويل والعنا في طريقة
أصعب مصيبة في حياة الغرابيل
يومه لفاني العلم ومر الحقيقة
قالوا توفي أبوك ويصعب ما قيل
عجزت أشيل اخطاي في عمر الدقيقة
كنت دائماً تكتم الحزن في قلبك، وتخفي مهامر دموعك، وتحاول أن تنسى، ولكن جرح الفراق في قلبك أصبح عطيباً. وتجرعت بعد ذلك فراق الحبيبة أمي - رحمة الله عليها - مما زاد حزنك حزناً، وجرحك جرحاً؛ وقلت:
ادلهم الليل وشموعي طفت
وين نور الدرب ضيعت الدليل
كل حزن الكون في قلبي نبت
أمي اللي ما لها عندي مثيل
إلى أن قلت:
ما في يدينا شي والقدرة جرت
جيل يا ماجد يطارد خلف جيل
نعم، كان إيمانك بالله سبحانه قوياً، وهذه سنة الله في خلقه. وأذكر في إحدى قصائدك يوم أن كنت مرافقاً معنا بالمشفى، وقلت:
يقول ماجد ليه ما تنظم البيت
تكتب قصيدة في تحكي الغرابيل
ياما طلبت الله وياما تمنيت
أمشي أنا وأخوي درب التساهيل
رحمك الله يا أخي وعضيدي يوسف؛ ففراقك عنا نزفت منه جروح الفقد. كنت نِعم الرجل، ومحبوباً لدى الناس، ويشهد لك الناس والتاريخ على طيب أفعالك ووصلك بالأقارب، وقد قلت في أحد اجتماعات الأسرة قصيدة، يخلدها لك التاريخ، كان مطلعها:
باسمه بديت مكون الكون تكوين
الواحد المعبود رب ن خلقنا
الحمد لله رابط الوصل بالدين
يومه ومر بالوصل حنا وصلنا
الحمد لله جاعل العيد عيدين
عيد الفطر والثاني اللي جمعنا
.. إلى آخر القصيدة.
أبيات من الشعر جميلة منك يا أخي، وتحث على الوصل بين أهلك وناسك.
ومن أحد نصوصك الجميلة:
يا نجوم الليل ما عندك خبر
عن هنوف سدير في ديرة هلي
عقرب الساعة وشبك ما تمر
عجل الخطوات وقتي ينجلي
كنت تحب ديرتك المجمعة حب المتيم حتى أنك وصفتها بالهنوف شديدة الجمال. نعم، سوف تبقى خالداً في قلوب أحبابك؛ فالناس تشهد لك بالخير، وذكرك الطيب ترك بصمة لك يا معلم الأجيال، وتركت بصمة لك في الشعر أيضاً.
في آخر أيام عمرك قلت:
يالله دخيلك لا دنت حزة السام
في لحظة ن والموت ما عنه عني
اغفر ذنوبي كل ذنوب وآثام
يا رب عفوك محسن ن فيك ظني
راجياً من الله أن يجزيك خير الجزاء، ويدخلك جنات الفردوس أنت وأبي وأمي وجميع موتى المسلمين، وتصبح قبوركم روضة من رياض الجنة، آمين يا رب العالمين، وأن يعيننا على ذكره وفعل الخير والصلاة والزكاة والصيام وحج بيت الله الحرام، وأن يحسن الخاتمة لنا.. رحمك الله أخي رحمة واسعة.
ماجد بن أحمد الثميري - المجمعة