إجماع على أهمية تعزيز الهوية الوطنية لدى النشء وتنمية قِيَم الانتماء ">
الجزيرة - المحليات:
توحدت دعوات الأكاديميات والباحثات خلال ندوات اليوم الثاني للفعاليات الثقافية للمهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية30) التي استضافتها جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن إلى أهمية تعزيز الهوية الوطنية لدى النشء، وتنمية قِيَم الانتماء والولاء لدى أفرادها.
وأكدت الدكتورة عزة بنت عبد الرحيم بن شاهين، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر المساعد بجامعة طيبة في دراستها على أهمية دور الأسرة في تنمية روح الوطنية والمواطنة في نفوس أطفالها من خلال غرس السلوكيات والممارسات العملية الدالة على حب الوطن، والانتماء له، مؤكدة أن الأسرة المستقرة التي تُشبع حاجات الطفل، تعد عاملاً مهماً من عوامل سعادته واتِّزانه وتكامل شخصيته، ومِن ثَمَّ قدرته على التفاعل بشكل إيجابي مع المجتمع.
ولفتت إلى أنه لا تعارض بين مفهوم الانتماء الوطني، وبين الشريعة الإسلامية، وتابعت: الانتماء الوطني مثله مثل باقي أشكال الانتماء الأخرى، يجب أن ينظر إليه باعتباره أحد مكونات دائرة الانتماء الأكبر، الانتماء إلى الإسلام دينًا وثقافة، ومشروعًا حضاريًّا. ودعت الدكتورة عزة في توصياتها المعنيين إلى الاستفادة من التجارب الناجحة في البلدان الأخرى من أجل وضع مناهج تثقف الطالب بمفاهيم حقوق الإنسان بصورة صحيحة وواضحة ومتكاملة، إضافة إلى عقد دروس نموذجية وطرق تدريسية، متنوعة ومميزة في عرض المفاهيم والمعارف المتعلقة بالديموقراطية والحريات العامة وسيادة القانون، وتقديمها للطلبة بصورة مشوقة ومتنوعة.
كما أوصت بضرورة إشباع حاجات الشباب المادية والمعنوية؛ بما يسهم في قوة ارتباط الفرد بوطنه وسَعيه إلى استمرار تقدُّمه واستقراره، ومنها الحاجة إلى الأمن والحماية، والحاجة إلى إشباع المطالب الاقتصادية.
وشددت الدراسة على ضرورة وجود قاعدة معلوماتية حول التربية في حقوق الإنسان وتوثيقها وفق قنوات محددة في النظام التربوي، مع تنظيم الندوات وحلقات البحث والحوار والنقاش التي تتيح فيها مشاركة الهيئة التدريسية وأولياء الأمور والطلبة جميعاً، بما يكسب الطلبة مهارات الحوار والنقاش والتعبير والإصغاء وحل المشكلات.
ودعت الدكتورة عزة أيضاً إلى ضرورة تعزيز الثقافة الإسلامية كأساس لبناء الهوية والانتماء الوطني، وتابعت: فالمحافظة على الذاتية الثقافية الإسلامية في مواجهة محاولات العولمة لتحويل جميع الثقافات إلى نمط عالمي موحد - ضرورة ملحة لتحصين الهوية الثقافية وبناء الانتماء الوطني.
ومن جهتها، دعت الكاتبة الإعلامية كوثر الأربش الشباب إلى معرفة كيف تكونت وحدة الوطن المبنية على العقيدة الإسلامية والوحدة العربية الإسلامية، لافتة إلى أن «الوطنية لا تعني تجرد الشخص من صفاته وأصالته لأن الوطن مظلة أعلى».
واستعرضت الكاتبة الإعلامية نماذج لشباب وبنات سعوديين برزوا ونجحوا في ميادين مختلفة ووحدهم اسم الوطن، مؤكدة أن حب الوطن لا يحتاج لإثبات، في الوقت الذي حذرت من الطائفية ووصفتها بأنها أكبر مهدد للأمن الوطني، كما حدث في العراق وسوريا واليمن ولبنان.
وفي السياق ذاته، تحدثت الدكتورة نوف بنت ناصر التميمي، الأستاذ المشارك بجامعة سلمان حول تعزيز شعور الشباب بالانتماء الى أسرهم، وذواتهم والشعور بشرف الانتماء للوطن والاعتزاز به، داعية إلى ضرورة إعداد الشباب للعمل والمشاركة الفاعلة في خطط التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، إلى جانب تهذيب سلوكه وأخلاقه وتعويده على التحلي بأخلاقيات المواطن الواعي.
وأشارت الدكتورة نوف إلى ضرورة تعزيز الثقافة الوطنية بنقل المفاهيم الوطنية للطفل، وبث الوعي فيه بتاريخ وطنه وإنجازاته، وتثقيفه بالأهمية الجغرافية والاقتصادية للوطن إلى جانب العمل على بناء وعي ابنها بتنمية مهارات التفكير الناقد، وغرس روح المبادرة، وتعويده على العمل المشترك، وحب التفاهم والتعاون والتكافل والألفة، والاستعداد للدفاع عنه بالقلم واللسان والسلاح.
وفي الندوة الثانية التي عقدت بعنوان الأسرة وتحديات ثقافة التقنية، دعت الدكتورة ريم بنت عبدالمحسن بن محمد العبيكان المحاضر بجامعة الملك سعود إلى ضرورة توجّه الجيل الجديد نحو إنتاج المحتوى الرقمي وأهمية دور الأسرة في التعامل الإيجابي مع ثقافة التقنية.
من جانبها، رأت الدكتورة وفاء عبد البديع اليافي من كلية الاقتصاد والإدارة جامعة الملك عبد العزيز، أن الوسائل التقنية الحديثة لها انعكاسات سلبية، وكذلك آثار إيجابية، لافتة إلى عدد من الخطوات التي تعزز الاستفادة منها، أبرزها ضرورة قيام الاسر بتوجيه ابنائهم وارشادهم للاستخدام الامثل لوسائل التقنية الحديثة، ونشر ثقافة الحوار في نفوسهم، مما سينعكس إيجاباً على اتجاهاتهم وسلوكهم في وتعاملهم مع الآخرين في المجتمع.
كما شددت على أهمية زيادة وبناء العديد من المؤسسات الثقافية والاقتصادية والرياضية والاجتماعية والعلمية لاستيعاب طاقات الشباب وتوجههم في إطار الوعي والمسؤولية، إلى جانب تطوير دور الأسرة بوصفها المدرسة الأولى في حياة الفرد، واستغلال وسائل وأدوات العصر الرقمي المرئية والمقروءة والمسموعة لبث البرامج الثقافية، وتشديد المراقبة من قبل الجهات الرسمية بشكل مركزي وعلى مقاهي الانترنت خاصة.
كما تحدثت الأستاذة أمل الطعيمي حول الأسرة وتحديات ثقافة التقنية، وتناولت بالتفصيل تحديات الاستخدام الاستهلاكي السلبي، والاستسلام للتلقي والتخلي عن دور الفاعل، إلى جانب ضعف المسؤولية الفردية والجماعية.