المفتي: المملكة بقيادة (الملك المظفر) ساعدت في توحيد الأمة ">
الجزيرة - محمد الغشام:
استقبل مفتي عام المملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ بمنزله ضيوف وباحثي المؤتمر الدولي عن الرحمة في الإسلام، الذي اختتم أعماله مساء أمس الأول، ونظمه قسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية بجامعة الملك سعود بحضور رئيس لجنة المؤتمر الأمير الدكتور سعود بن سلمان بن محمد آل سعود، وعدد من كبار علماء المسلمين وضيوف المؤتمر يتقدمهم قاضي قضاة الأردن وإمام الحضرة الهاشمية الدكتور أحمد الهليل، وسماحة مفتي السنغال البروفسور ورئيس رابطة علماء أفريقيا الدكتور أحمد محمد لوح، وغيرهم من ضيوف المؤتمر.
ورحّب مفتي عام المملكة في مستهل كلمته، بالضيوف المشاركين بالمؤتمر، وقال: «كان الناس قبل الإسلام أعداء متناحرين متعادين، فلما جاء الإسلام خفتت الفتن كلها وزالت، وأصبح هو الحكم بين الناس، بعد أن كانوا يتحاكمون إلى الجاهلية والعادات القبلية، فالعالم غير العربي ما بين فارس والروم، كلها عداوات وإحن، فجاء الله بالإسلام فجمع به القلوب ووحد به الصف وهدى به الخلق إلى كل خير، فأعظم النعم وأجلها أن ألف الله بين قلوبنا، وقال الله تعالى: {إنما المؤمنون إخوة}، هؤلاء الإخوة من جميع أقطار الدنيا كلهم ولله الحمد على قلب واحد، وكلهم موحدون وساعون في الدعوة إلى الله، والدفاع عن الدين، وتبيين الحق من الباطل
وأكد المفتي أن المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك المظفر سلمان بن عبدالعزيز ساعدت بكل جد في توحيد الأمة، وعدم قبول أي عدوان عليها؛ حيث كان الوقوف مع الأمة موقفاً مشرفاً ضد العدوان والظلم، وبذل المساعدات المالية في كل حين.
ووجّه المفتي خطاباً لكل دعاة الأمة والعلماء، مخاطباً المفتين بقوله: «اتقوا الله في فتواكم، واعلموا أن الله سائلكم عما أفتيتم به»، مبيناً أن هذا العصر نتعرض فيه لفتن عظيمة، مؤكداً أن «الحكومة السعودية هي حكومة، ولله الحمد، قائمة بواجبها، حكومة وقبلة المسلمين لا تزال قوية بما تعطي من أموال وخيرات وحرص لجمع كلمة الأمة وصفّها.»
وتابع: «يقول الله: {لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم}، فالإسلام ألف القلوب وجمع الكلمة، ووحد الصف، وقال الله: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض}، وخاطب الباحثين والمشاركين بالمؤتمر: جئتم إلى هذا المؤتمر المبارك، وهو المؤتمر الدولي للرحمة في الإسلام، فسمعنا به ما ألقي به من كلمات، واطلعنا على ما فيه من بحوث، وكلها بتوفيق الله وتسديده».
وأردف: «إن لقاءنا بإخواننا العلماء دائماً يزيدنا معرفة بهم واتصالاً وتعاوناً معهم، والرئاسة العامة للإفتاء مستعدة للتعاون مع إخواننا في أقطار الدنيا على ما يريدون، المفتون سنتعاون معهم، الدعاة والمثقفون، وكل من له اتصال بكم فنحن في الرئاسة العامة للإفتاء مستعدون للتعاون معهم وشد عضدهم وتقوية الصلة بهم، فإنهم على خير وعافية»، مشيراً إلى أن من الرحمة في الإسلام دعوة الخلق إلى الله، فإن هذا الدين يهدي إلى الحق والعدل والإنصاف والسلام، فهو دين المحبة والمودة، دين الرحمة، دين أصلح الله به العالم كله، فحكم به العالم سنين عديدة بالعدل والإنصاف وقيام الواجب.
وقال مفتي عام المملكة: «إننا في هذا العصر المبارك نتعرض لفتن عظيمة ومصائب كبيرة وفتن عديدة عمّت بلاد المسلمين كلها، بأسباب تسلط الأعداء علينا، وبسبب انخداع أبنائنا بتلك الآراء والأفكار الضالة، التي بسببها سفكوا الدماء وانتهكوا الأعراض، ونهبوا الأموال وأخلوا السبل وأضعفوا فيها الأمةـ وما زالت تعاني من مصائبها وأضرارها ما الله به عليم».
وأضاف: «فتن لا يمكن القضاء عليها إلا بتوفيق الله جل وعلا، ثم بتآلف الأمة، واجتماع كلمتها، فعلماء الأمة والدعاة إلى الإسلام والمفتون والأئمة في أنحاء العالم، يجب أن يكون من مسؤوليتهم توعية الأمة وتبصيرها وتحذيرها من مكائد أعداء الله لها، فإن الله يقول: {ودوا لو تكفرون كما كفروا}، فهم يودون أن يضلونا عن ديننا وأن يسلبونا نعمتنا، فيجب ألا ننصاع إلى هذه الآراء الجاهلية والدعوات المضللة، يجب أن نستبين من صاحب كل دعوة، ما هي أفكاره؟ ما هي سيرته؟ ما هي أحواله؟ ما هي أعماله؟ ما هي شخصيته؟ فيجب أن تستبينوا من ذلك هل هذه الدعوة صالحة أو غير صالحة، كم خدعنا بدعوات وشعارات جاهلية وظنها البعض حقيقة، ولكنها سراب لا خير فيه، ودعوات مضللة أوجبت ضعف الأمة واستكانتها وتآمر الأعداء عليها، وجعل مصيرها بيد أعدائها، وكل هذا بسبب الذنوب والمعاصي».
واستطرد: «فلو قام المسلمون بدينهم حق القيام، ودافعوا عنه وناضلوا عنه، ودعوا إلى اجتماع الصف وتفاهم العلماء فيما بينهم فإن في ذلك خيراً كثيراً، ولعل هذا اللقاء يكون اجتماعاً طيباً وفيه توعية طيبة، ويصدر بيان منا عن قضايا الأمة المصيرية، وماذا يجب على الأمة في مقابلة تلك الفتن العظيمة التي لا يشك فيها مسلم، وما يفعله تتار هذا الزمان من إزهاق الأرواح وقتل المسلمين وتهديم بيوتهم ومصانعهم وسفك الدماء في كل مكان، كل ذلك بسبب ذنوبنا، {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفُ عن كثير}».
وواصل المفتي بقوله: «أيها المُفتون: اتقوا الله في فتواكم واعلموا أن الله سائلكم عما أفتيتم به، فتحروا في فتواكم اتباع الكتاب والسنة، والاجتهاد في ذلك قدر استطاعتكم وما أشكل عليكم فإن الإخوة في اللجنة العلمية مستعدون للتعاون معكم».
وشدد: «أيها الخطباء، أيها الدعاة اتقوا الله في الأمة، ادعوا إلى الله بالحكمة والبصيرة، حذروا الأمة من المصائب والشرور المحدقة بها، وأعلموهم أنها أمة محمدية التي هي خير الأمم وأكرمها على الله، يسرق الأعداء دينها وأمنها واقتصادها وسياستها ووحدتها ويريدون أن يقلبوا الموازين وأن تعود الأمة إلى جاهليتها يقتل بعضها بعضا ويسبي بعضها بعضاً، وكل هذا في نفوسهم لكن يأبى الله ألا يتم نوره ولو كره الكافرون، ودين الله منصور لمن نصره {وكان حقا علينا نصر المؤمنين}، {ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز}، فالمطلوب منا النهضة بهذه الدعوة والتوصيل للمجتمع واستغلال وسائل الإعلام في بث الخير والهدى والتوجيه وصرف الناس عن الإصغاء إلى هذه المواقع السيئة ووسائل التواصل الاجتماعي السيئة المليئة بالحقد والخبث وسوء الأخلاق ومحاربة العقيدة والقيم والفضيلة على أيدي أناس يدعون الإسلام والإسلام منهم براء».
وأوضح: «إن هؤلاء الذين غزوا العالم الإسلامي وأقاموا جامعاتهم وحسينياتهم، ليخدعوا الأمة ويضروا بها ويظهروا لها أنهم يصلحونها ولكنهم يفسدون أخلاقها وعقيدتها ويدمرون اقتصادها ويسعون في إفساد الأمة وإضلالهم فلا خير فيهم، وواقعهم المرير وتجربة الشعوب معهم دلت على أن القوم قوم فساد ليسوا قوم صلاح وقوم عدوان لا قوم سلام وقوم ظلمة لا أهل عدل فالحذر الحذر من كل هؤلاء المدعين، الإسلام عقيدة قلبية ولسان ناطق وعمل بالجوارح (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس على دماءهم وأموالهم) فالحمد لله على هذا الاجتماع المبارك، من آسيا من إفريقيا، من أوروبا، كل هذا ولله الحمد مما يدل على عظمة الإسلام وأنه دين الوحدة ودين السلام ودين العدل ودين الإخاء».
وأكد «آل الشيخ»، أن المملكة العربية السعودية بقيادة ملكها المظفر سلمان بن عبدالعزيز ساعدت بكل جد في توحيد الأمة وعدم قبول أي عدوان عليها، وقد وقفوا مع إخوانهم موقفا مشرفا ضد العدوان والظلم وبذل المساعدات المالية في كل حين، وقد وقف مع الشعب السوري موقفاً مشرفاً؛ في كل أسبوع ترسل الحملات من الغذاء والملابس وغير ذلك مما يحتاجون إليه.
واختتم مفتي عام المملكة بقوله: «الحكومة السعودية هي حكومة ولله الحمد قائمة بواجبها حكومة بلاد الحرمين وقبلة المسلمين لا تزال قوية ولله الحمد بما تعطي من أموال وخيرات، وحرصها على جمع كلمة الأمة وصفها، فوفّق الله ملكنا ونائبيه لكل ما يحبه الله ويرضاه، فندعو لهم والسؤال لهم التوفيق والسداد من أعظم المهمات؛ لأنهم الآن هم الذين يدافعون عن قضايا الأمة وعن مصير الأمة ويصلحون بين الإخوة ويوفقون بينهم، كما فعلوا مع سوريا ومصر وغير ذلك، فهم على طريق مستقيم ينادون دائماً أبداً بوحدة الإسلام، وما المجمع الفقهي الإسلامي إلا شيء من هذا»، سائلاً الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته وأن يتوفانا وإياكم مسلمين.