الزميل محمد الفيصل يحصل على شهادة الدكتوراه نظير أطروحته: المقالة في الأدب السعودي (1400 - 1433هـ) دراسة إنشائية ">
الجزيرة - المحليات:
نوقشت في كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود أطروحة الدكتوراه التي تقدم بها الزميل الدكتور محمد بن عبد العزيز الفيصل عضو هيئة التدريس بقسم الأدب في كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود، حيث نوقشت رسالته: (المقالة في الأدب السعودي 1400 - 1433هـ دراسة إنشائية)، وقد تكوّنت لجنة المناقشة من الاستاذ الدكتور: عبد الرحمن الهليل مقرراً، والأستاذ الدكتور مسعد العطوي مناقشاً، والدكتور علي جماح مناقشاً، وقد قررت اللجنة منح الفيصل درجة الدكتوراه بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى.
وقد تناول الدكتور محمد الفيصل في أطروحته العلمية: (المقالة في الأدب السعودي 1400 - 1433هـ دراسة إنشائية) بالدراسة والتحليل جماليات الإبداع المقالي، ليدرس آلية انتقاء الكتاب من اللغة ما يخدم المقالة، وكشف عن تركيب عناصر النص التي أكسبته الشعرية، وذلك عبر الدراسة الإنشائية التي اعتمدها في البحث وهي مجمل القواعد والقوانين المستخلصة من الخطاب الأدبي، والدالة على الإنشاء أي على الصناعة والبناء.
وقد تناول الفيصل المقالة السعودية بالبحث في ستة مستويات كشفت عن الهوية الأدبية فيها، وكانت البداية بالتمهيد الذي تناول فيه مفهوم المقالة، بالإضافة إلى لمحة عنها بالمملكة العربية السعودية، وتحدث عن مفهوم المقالة الأدبية عند النقاد، وبين الشروط الواجب توافرها فيها لكي تكتسب صفة الأدبية، ووقف على مراحل تطورها وازدهارها، وأشار إلى عوامل هذا التطور السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وما نتج عنه من تنوّع في الموضوعات.
ودرس في الفصل الأول: بناء النص، وتحدث فيه عن بناء النص وهيكله العام، وهذا الفصل في أربعة مباحث وهي: العنوان، والمقدمة، والمتن، والخاتمة.
المبحث الأول: العنوان، وتناول د. الفيصل فيه عنوانات المقالات ووجودها من عدمها، واختلافها، أما المبحث الثاني: المقدمة، فقد اختص بالحديث عن مقدمات المقالات التي يسوقها الكُتّاب لتمهيد فكرة المقالة، وبحث فيه تنوع المقدمات واختلافها قصراً وطولاً، وفي المبحث الثالث: المتن، درس صلب الموضوع الذي يمثل أساس المقالة الأدبية وجوهر تكوينها وعلاقة هذا الجزء ببقية أجزاء المقالة الأخرى، وفي المبحث الرابع والأخير من هذا الفصل تناول الباحث الخاتمة، وكشفت عن طبيعتها، وعن قيمتها في بناء المقالة الأدبية. كما تناول في هذا المبحث خواتيم المقالات، وكشف أيضاً عن العلاقة الفنية بينها وبين المتن والمقدمة في المقالة الأدبية.
أما الفصل الثاني من هذا البحث فخصصه لمعجم المقالة، وبحث فيه معجم كاتب المقالة الأدبية في أربعة مباحث هي: المألوف والغريب، والجزالة والرقة، والترادف، والتنافر.
وخصص المبحث الأول للحديث عن: المألوف والغريب، ودرس فيه المألوف والغريب من الألفاظ التي يستخدمها الكتاب في مقالاتهم، أما المبحث الثاني: الجزالة والرقة، فألقى فيه الضوء على الفضاء الذي يمنحه معجم الكاتب لاستخدام ألفاظ شعرية تنتظمها السياقات الدلالية الخاصة بمنشئ النص، وهو ما يفسر وجود التمايز والاختلاف بين الكتاب، والمبحث الثالث: الترادف، درس الألفاظ المترادفة في مقالات الكتاب، وتأثير هذا الترادف على الخطاب الأدبي، أما المبحث الأخير في هذا الفصل فتناول فيه التنافر، وبين تأثيره على التراكيب وانسجامها، فوجود كلمة غريبة بجانب كلمة هامسة أو رقيقة يفقد النمط الكتابي جاذبيته، فتصبح الألفاظ قلقة في أماكنها مما يؤثر على السياق فتحدث المقالة جفاءً لا يتقبله المتلقي، وبين د. الفيصل تأثير اللفظة المتنافرة على السياق العام.
وفي الفصل الثالث: درس المظاهر البنائية في المقالة الأدبية، في أربعة مباحث، هي: التكرار، والتقييد والانطلاق، والتقديم والتأخير، والرمز.
في المبحث الأول: التكرار، تناول فيه هذه الظاهرة البنائية في المقالة الأدبية، فهي من خواص اللغة الإنشائية وبين تأثيرها على السياق والدلالة في النص، أما المبحث الثاني: التقييد والانطلاق، فدرس فيه طريقة كل كاتب في انطلاق قلمه بلا قيود أو توقف؛ لربط ذلك بالبناء الإنشائي العام للمقالة، فكلما كان السياق منطلقاً فسيكون محفزاً للظواهر الإنشائية في المقال والعكس صحيح، وفي المبحث الثالث: التقديم والتأخير، تناول فيه أبعاد هذا المظهر البنائي الذي يوجه المعنى في النص ويقنن توجهه، ليحفز الفكر ويشعل الذهن، فيندمج المتلقي في قبول النص ويسير معه حتى يصل إلى الحقيقة التي ينشدها والتي وضعت الألفاظ والجمل من أجلها، أما المبحث الأخير من هذا الفصل الرمز: فدرس فيه وسيلة من وسائل التعبير غير المباشر الذي يستخدمه الكتاب، ويعمد كتّاب المقالة الأدبية للتعبير عما هو قابل للتأويل، فهو يستخدم للتشويق أحياناً أو للإشارة إلى المقصود في ثوب متلون؛ ليعطي بُعداً دلالياً يرتبط ارتباطاً وثيقاً بطبيعة اللغة الإنشائية.
أما في الفصل الرابع: التناص، فقد تناول فيه تعالق النصوص وتفاعلها بكيفيات مختلفة، وهو من أبرز عناصر الإنشائية، وقد استعمله كتاب المقالة الأدبية في عدة أوجه، وقد قسمه إلى ثلاثة مباحث وهي: التناص مع القرآن الكريم والحديث الشريف، والتناص مع الحكم والأمثال، والتناص مع الشعر.
وفي المبحث الأول: التناص مع القرآن والحديث، درس التناص مع الآيات القرآنية في بعض المقالات، فهناك فئة من كتاب المقالة الأدبية يفيدون من قراءتهم وحفظهم للقرآن الكريم فيوردون ألفاظاً وتراكيب مشتقة من الكتاب الحكيم، وفي المبحث الثاني: التناص مع الحكم والأمثال، تناول فيه تعالق بعض نصوص المقالات الأدبية مع الحكم والأمثال؛ مما يحدث إيقاعاً إنشائياً يلبس العبارة أو التركيب بُعداً دلالياً خاصاً فيكسب النص الشعرية، أما المبحث الثالث من هذا الفصل: التناص مع الشعر، فدرس فيه تأثير ثقافة كاتب المقالة الأدبية على عطائه المقالي الأدبي، فهو يستفيد من التراث الثقافي والأدبي، وفي غالب الأحيان ما يكون استدعاؤهم للتراث الشعري نابعا من تأثرهم بهذه الثقافة، ودرس الباحث في هذا المبحث تأثير هذا التعالق الشعري في أدبية المقالة.
وفي الفصل الخامس: المجال التصويري، وفيه بيَّن قيمة التصوير المهمة والحيوية والفعالة في المقالة الأدبية، فالتصوير يقوم بهذه المهام المعقدة من خلال الإيحاء الذي يخلقه في النص، فإنشائية التخييل لا تزيف المعنى الحقيقي، لكنها تقدمه بصورة غير تقليدية؛ فكاتب المقال الأدبي لا يصور نفسه ولا يشير إلى حادثة تعرض لها إلا بما يضمن له الاقتناع.
وفي المبحث الأول: مصادر الصورة، قام الباحث بتتبع مصادر الصور عند الكتاب على اختلاف توجهاتهم، وتناول هذه المصادر بالدراسة وربطها بالبناء العام للمقالة الأدبية، أما المبحث الثاني: أنواع الصورة، وفيه درس الصورة بأشكالها المختلفة، الصورة البصرية التي ترى بالعين، وهناك الصورة السمعية التي تلتقط بالأذن، ثم إن هناك الصورة العقلية التي تدرك بالعقل ولا تخضع للحس، ليبين كيفية إفادة كتاب المقالة الأدبية من هذه المصادر المتنوعة، أما المبحث الثالث: وظائف الصورة، فقد تتبع فيه وظائف الصورة في المقالة الأدبية، وهذه الوظائف تتمثل في الوظيفتين: الدلالية، والجمالية.
وفي الفصل السادس والأخير من هذا البحث تناول: بلاغة المقالة، في مبحثين الأول: أساليب التحليل، وفيه درس تنوع أساليب التحليل التي يتوسلها كتاب المقالة الأدبية؛ لإيصال الفكرة إلى المتلقي، وتختلف هذه الأساليب في عرض الفكرة وتحليلها وتقديمها للمتلقي. وفي المبحث الثاني: درس الباحث الأساليب التي يتخذها كاتب المقالة لإقناع المتلقي بالقضية التي يطرحها في مقالته؛ فهو عندما يطرح أي موضوع جدلي فإنه يفترض من يعارضه فيه؛ لذا فهو يحاول إقناعه بتقبل هذه الفكرة.
وتعد أطروحة الدكتور محمد بن عبد العزيز الفيصل أول دراسة إنشائية للمقالة الأدبية في المملكة العربية السعودية، وقد لقيت الدراسة استحسان الأكاديميين والمثقفين والباحثين.