مندل عبدالله القباع ">
(الهياط والمهياطة) انتشرا مؤخراً في مجتمعنا من بعض الشباب، وتفاخروا بما ينم عن الهمجية وسوء تربية وتنشئة اجتماعية، وأصبحوا يبثون هياطهم عن طريق رسائل التواصل الاجتماعي، ومنها (الفيديوهات)، وكنا قبل هذا لم نعرف هذه الهياطات في مجتمعنا المتماسك والمتحاب، المجتمع الذي يقيم على هذه الأرض الطيبة والمقدسة بوجود الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة {أصلهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء}. نقدر ونجل النعمة التي نعيشها، وأول هذه النعمة نعمة الإسلام ورغد العيش الذي نعيشه منذ الدولة السعودية الثالثة بقيادة موحد الجزيرة وصقرها (الملك عبدالعزيز) ورجاله الأشاوس الذين قطعوا (الفيافي والصحارى) - عليهم رحمة الله وسحب الرحمة والمغفرة إن شاء الله -. وكان هدف هذا الموحد وشغله الشاغل إقامة شعائر الله المعتمدة على (كتاب الله وسُنة نبيه محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم)، مبشر هذه الأمة المحمدية وهاديها إلى الطريق الصحيح، الذي أخرجها من الظلمات إلى النور، والذي يقول «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»؛ لأن من الأخلاق المحببة والمطلوبة شكر النعم وحفظها؛ حتى لا تنزل علينا عقوبته؛ فأصبح مجتمعنا المعطاء يقدر نعمة الله عليه الذي أسبغها عليه؛ إذ يقول ربنا عز وجل {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ}، إلا أن هناك بعض الأشخاص (لا يقدرون هذه النعمة وغيرها)؛ فيقومون بالتباهي والتفاخر بنشر بعض الصور، مثل من يجلس على وليمة وحده عليها ما لذ وطاب، ومن ينشر أن هناك بعض ضيوفه يغسلون أيديهم (بزيت وماء العود)، ومنهم من يقدم لنا ناقته ويطعمها بالنقود، ومنهم من ينشر صورة (دلة مبهرة من هذه النقود)... إلخ. ألا يعلم هؤلاء أن الجوع يقتل كل عشر ثوانٍ الجياع من الأطفال؟ أين هم عن هذه المجاعات في أغلب دول إفريقيا؟.. هؤلاء أثبتوا شناعة فعلهم وكفرهم بالنعمة.. ألا يدرون أن الله غيور على نعمته {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ}، فهم - مع الأسف - نشؤوا في بعض الأسر مرهفين من حيث المأكل والملبس والمسكن والمركب.. يقول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «اخشوشنوا؛ فإن النِّعَم لا تدوم». فأفعالهم هذه تدل على أنهم عندما أغدق الله عليهم بفسحة النعمة ورغد العيش نسوا وتناسوا أن هناك من أفراد مجتمعهم يبحثون عن لقمة العيش من أجل سد رمقهم؛ فهم أولى من الهياط والتبجح بكفر النِّعَم، لكن يبدو أن بعض هؤلاء - مع الأسف - لم يرضوا ويتلقوا التنشئة والتربية الإسلامية الصحيحة، خاصة من قِبل أسرهم التي عليها مسؤولية أن تعلمهم وتربيهم على شكر وتقدير النعمة التي أنعم الله بها عليهم من أمن واستقرار ورغد العيش من أجل المحافظة عليها؛ لأنه ليس كل ميسور وغني في أحواله يسلك هذا المسلك؛ لأن المال والنعمة (أمانة) عند البشر من الله لمعرفة مدى تقديرها واحترامها، وإظهار حقه للسائل والمحروم والمحتاج.. فالعيب الأكبر يقع على الأسرة؛ فعليها تربيتهم، وحثهم على تقدير نعمة الله التي أنعم الله بها عليهم وعلينا، التي هي ليست في المال وحدة بل الشكر موصول لله على الصحة والأمن في الأوطان.. والرسول - صلى الله عليه وسلم يقول بما معناه: «مَنْ أصبح منكم معافى في جسده، آمناً في سربه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا».
فيا أيها الشباب، اشكروا نعمة الله عليكم {إِنَّ اللّه لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأنفسهِمْ}. وأنتم يا أولياء الأمور ربوا وحثوا أبناءكم على عدم (الهياط) في وسائل التواصل الاجتماعي بما يخالف نعمة الله التي أنعم الله بها علينا.
وأخيراً نقول للإخوة المربين والمربيات في المدارس التي تعتبر المحضن الثاني بعد الأسرة: ساهموا، وشاركوا في التربية بصفة عامة؛ من أجل تقويم سلوك أبنائكم وبناتكم التقويم الصحيح، خاصة بشكر النعم، والمحافظة عليها؛ حتى لا يأتي يومٌ لا ينفع فيه الندم، ويصيبنا كما أصاب غيرنا؛ لأن الله يمهل ولا يهمل، ويختبرنا تجاه هذه النعمة من أمن وصحة ورغد العيش.. فالخير يخص، والشر يعم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.