القطاع المصرفي يلعب دوراً حيوياً في إثراء السياسة النقدية الجديدة بالمملكة ">
الجزيرة - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية:
كثير من المراقبين كان يتوقع أن ينحصر حجم السيولة في السوق؛ نتيجة تراجعات الأسعار العالمية للنفط، والتي أثرت على حجم الإنفاق الحكومي منذ بداية عام 2015م في ضوء التصريحات والسياسات الترشيدية التي تم تبنيها لضبط الإنفاق وتحركاته .. حتى أن البعض توقع أن تتحرك السياسة النقدية في مسارات مثيلة نحو الانكماش أو التقييد للسيولة البنكية ..
إلا أنَّ إعلان مؤسسة النقد العربي السعودي أظهر ما يخالف ذلك، حيث بيَّن في نشرته الشهرية الأخيرة أنَّ إجمالي القروض التي منحتها البنوك للقطاعين الحكومي والخاص بلغت في نهاية عام 2015م حوالي 1497 مليار ريال، وذلك مقارنة بقيمة 1251 مليار ريال في نهاية عام 2014م، أي أنَّ الإجمالي العام لقروض الجهاز المصرفي ارتفع بنسبة 19.7% خلال العام المنتهي 2015م .. وهو ما يعطي دلالات على أنَّ الجهاز المصرفي سعى لتغطية العجز في السيولة؛ نتيجة تقييد الإنفاق الحكومي .. ولكن كيف جاءت هذه القروض وتوزيعاتها؟
قروض القطاع الخاص تنمو بنسبة 13.9% ..
في عام 2014م نمت القروض المقدمة للقطاع الخاص من مستوى 1076 مليار ريال في 2013م إلى حوالي 1204.8 مليار ريال في عام 2014م، أي أنها نمت بنسبة 11% تقريباً .. وهذه النسبة كانت هي النسبة الغالبة سنوياً تقريباً .. ولكن في عام 2015م سجلت هذه النسبة ارتفاعاً ملموساً لتصل إلى 14% تقريباً، بشكل يعطي دلالات على أنَّ القطاع الخاص وجد في الجهاز المصرفي فرصة لتمويل عجز السيولة بقيمة بلغت 167 مليار ريال تقريباً .. وقد توزعت هذه القروض المقدمة للقطاع الخاص في عام 2014م على 256 مليار ريال للقطاع التجاري بنسبة مساهمة بلغت حوالي 19%، في مقابل 158.4 مليار ريال للقطاع الصناعي، وبنسبة مشاركة بنحو 12% .. وهذه النسب من المتوقع أن تسود هي نفسها في عام 2015م .. أي أن تصل قروض القطاع التجاري إلى 261 مليار ريال، في مقابل 165 مليار ريال للقطاع الصناعي. كما تشير نشرة ساما إلى أنَّ القروض الممنوحة للقطاع الحكومي ارتفعت من 46 مليار ريال في عام 2014م إلى حوالي 125 مليار ريال في نهاية عام 2015م بارتفاع قدره 26%. وتظهر الإحصاءات أعلاه حدوث تحركات في صنع السياسة النقدية التي بدأت تحتل حيزاً مهماً من السياسة الاقتصادية السعودية التي ما كانت تظهر في السنوات السابقة حيث كانت تسيطر ملامح سياسة مالية منفردة تقوم على الإنفاق الحكومي. ومن أكبر الدلائل على فعالية السياسة النقدية في السوق السعودي هو الزيادة الجديدة التي حققها عرض النقود خلال عام 2015م، فالقراءة الأولية للسياسة الاقتصادية كانت تلمح إلى انحسار المعروض النقدي؛ نتيجة انحسار الإنفاق الحكومي .. إلاَّ أنَّ عرض النقود أحرز زيادة - رغم أنها طفيفة - ضمنت عدم حدوث تراجع كما هو متوقع .. حيث ارتفع عرض النقود من 1729 مليار ريال في عام 2014م إلى حوالي 1774 مليار ريال في نهاية عام 2015م .. وهو ما يحث على طمأنة السوق.