سفير خادم الحرمين الشريفين لدى إسبانيا يحاضر في المركز الأعلى للدراسات الدفاعية والاستراتيجية ">
الجزيرة - عبدالله أباالجيش:
استضاف المركز الأعلى للدراسات الدفاعية والإستراتيجية في مدريد صاحب السمو الأمير/ منصور بن خالد بن عبدالله الفرحان آل سعود سفير خادم الحرمين الشريفين لدى مملكة إسبانيا الذي ألقى محاضرة عن السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية ومواقفها تجاه القضايا والأزمات الإقليمية في المنطقة أمام مائتين وخمسين طالبا وضابطا من طلاب وضباط إسبانيا وخمس وعشرين دولة يمثلون خمس قارات ضمن الحلقة الدراسية المخصصة لطلبة الدورة السابعة عشرة لأركان القوات المسلحة وذلك بحضور رئيس المركز الأعلى للدراسات الدفاعية والإستراتيجية الفريق/ ألفونسو دي لاروسا مورينا ورئيس الكلية العليا للقوات المسلحة الإسبانية اللواء/ رافائيل سانشيث اورتيجا، وبحضور الملحق العسكري السعودي العميد ركن/ أنس العلي والملحق الثقافي السعودي في مدريد الدكتور/ سعيد المالكي، كما دار حوار مباشر بين سمو السفير والحضور أجاب خلاله على أسئلة واستفسارات الحاضرين حول مواقف المملكة تجاه عدد من الأزمات والقضايا الإقليمية في اليمن وسوريا والعراق والعلاقات مع إيران ومكافحة الإرهاب والوضع في السوق البترولية.
بدأ سمو الأمير منصور محاضرته بمقدمة موجزة عن المملكة العربية السعودية وجهود تأسيسها على يد المغفور له جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله ومشيراً إلى المكانة الروحية الخاصة التي تحتلها المملكة في العالم الإسلامي الذي يحوي أكثر من مليار ونصف المليار مسلم لاحتضان أراضيها للبقاع المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة ولتشرفها بخدمة الحرمين الشريفين، وبما تقدمه المملكة من جهود وخدمات لخدمة الحجاج والمعتمرين المتوقع أن يصل عددهم خلال السنوات الخمس القادمة إلى ثلاثين مليوناً سنوياَ بعد الانتهاء من مشاريع توسعة الحرمين الشريفين، وباعتزاز المواطن السعودي بدينه وهويته الوطنية وانتمائه العربي والإسلامي وبإسهام الحضارة العربية الإسلامية في الحضارة الإنسانية المتعددة الثقافات والأديان والأعراق، وبالإنجازات التنموية التي حققتها المملكة منذ تأسيسها وجعلت منها اليوم دولة رفاه قوية ومستقرة ومؤثرة سياسياً واقتصادياً على المستويين الإقليمي والدولي، ومشيراَ إلى النقلة النوعية والإصلاحات السياسية والاقتصادية التي شهدتها المملكة في خلال عام واحد منذ تولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود مقاليد الحكم في المملكة التي شملت تحديث وتطوير هياكل الدولة وآليات عملها بما فيها إنشاء مجلس الشئون السياسية والأمنية ومجلس الشئون الاقتصادية والتنمية وبما يضمن رفع كفاءة وأداء الأجهزة الحكومية لخدمة موطني المملكة ودفعاً لمسيرة وبرامج التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والخدمية. كما أشار سموه إلى أن المملكة قد شهدت حدثاً هاماً تمثل في مشاركة المرأة السعودية في الانتخابات البلدية اقتراعا وترشحا وبأن المرأة السعودية قد حققت بجدارة فوزا هاما في الانتخابات يعزز من مكانتها ومشاركتها في الحياة العامة ويضاف إلى دورها ومشاركتها الفعالة في مجلس الشورى والمؤسسات المختلفة الأخرى. كما تحدث سمو السفير عن دور المملكة القيادي في مجال الطاقة وبأنها تنتهج سياسة بترولية معتدلة ومتوازنة تراعي مصالح المنتجين والمستهلكين مع الحرص على نمو وازدهار الاقتصاد العالمي، وأشار للأزمة الحالية التي تواجهها السوق البترولية العالمية نتيجة انخفاض أسعار النفط ومؤكدا بأن المملكة والدول المنتجة للبترول في أوبك قد أوضحت بأن الأزمة الحالية يعود سببها للفائض النفطي من خارج دول الأوبك وبأن مسئولية تنظيم السوقالبترولية ورفع الأسعار واستقرارها لا يجب أن تتحملها دولة واحدة أو عدة دول وبأن ذلك يتطلب تعاون وتنسيق الدول المنتجة للبترول من خارج أوبك.
وأشارسمو سفير خادم الحرمين الشريفين في مدريد إلى الدور الإيجابي الذي تضطلع به المملكة على المستويين الإقليمي والدولي لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام والرخاء لشعوب المنطقة والعالم وإلى دورها العالمي ضمن مجموعة دول العشرين، ومشيرا إلى مساهماتها ومساعداتها الإنسانية والتنموية موضحاً بأن المملكة تحتل قائمة أكبر الدول المانحة للمساعدات الإنمائية في العالم وتبوأت المرتبة السادسة طبقا لإحصائيات الأمم المتحدة حيث بلغ ما قدمته المملكة خلال الأربعة عقود الماضية أكثر من 115 مليار دولار استفادت منها أكثر من 90 دولة في العالم، وتحدث سموه عن مرتكزات السياسة الخارجية للمملكة موضحا بأنها تستند إلى الالتزام بميثاق الأمم المتحدة واحترام المعاهدات والاتفاقيات الدولية واحترام مبادئ وقواعد القانون الدولي والالتزام بمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى والعمل على حل المشكلات والخلافات السياسية بالحوار والطرق السلمية والمحافظة على الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز نهج الاعتدال ومكافحة العنف والتطرف والإرهاب كما ترتكز على المبادئ الأخلاقية والوضوح والمصداقية في التعامل الدولي كما تولي اهتماما خاصا بالدفاع عن القضايا العربية والإسلامية ودعم التضامن والتعاون العربي والإسلامي. وقدم سموه عرضا لسياسة وتوجهات ومواقف المملكة العربية السعودية تجاه عدد من الصراعات والأزمات الإقليمية الراهنة مبتدئاً بقضية فلسطين وعملية السلام في المنطقة لكونها من القضايا الرئيسية الثابتة التي تولي المملكة لها أهمية بالغة وموضحاً بأن حكومة إسرائيل تنكرت لكافة التفاهمات مع الفلسطينيين وتبنت سياسة تهدف لتجميد عملية السلام ووضع العراقيل أمام العملية السلمية من أجل مواصلة احتلال الأراضي الفلسطينية واستمرت في بناء وتوسيع المستوطنات وبما يتعارض مع القرارات الدولية، مشيراً لجهود المملكة ومساعيها في دعم جهود السلام الشامل والعادل وفقاً لمبدأ الأرض مقابل السلام ورؤية حل الدولتين. ثم تحدث سمو السفير عن الوضع في اليمن موضحاً بأن المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي قد استجابت لطلب الرئيس اليمني الشرعي وحكومته المعترف بها دولياً الأمم المتحدة، وقادت تحالفاً عسكرياً عربياً وإسلامياً لدعم الشرعية في اليمن ضد الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران الذي يهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة ووضع حد للتهدد المباشر لأمن المملكة ومواطنيها بعد استيلاء الميليشيات الحوثية على القواعد العسكرية اليمنية والصواريخ الباليستية بعيدة المدى والتهديد باستخدامها ضد المملكة، وأشار سمو السفير بأن الإجراءات التي اتخذتها المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي قد أيدتها قرارات جامعة الدول العربية كما أيدتها غالبية دول العالم بناء على ما نصت عليه المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وأشار سموه إلى أنه وبعد أقل من عام على انطلاق عملية عاصفة الحزم ثم عملية إعادة الأمل تمكنت قوات الجيش الوطني والمقاومة اليمنية بدعم من قوات التحالف من استعادة 80% من الأراضي اليمنية واستطاعت الحكومة اليمنية من العودة لممارسة واجباتها ومسئولياتها في اليمن والتنسيق مع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لتوزيع لمساعدات الإنسانية وتنفيذ برامج الإغاثة المخصصة للشعب اليمني الشقيق وبأنه على الرغم من هذه الإنجازات العسكرية إلا أن المملكة تؤيد وتدعو لعودة الحوار والحل السلمي برعاية الأمم المتحدة انطلاقاً من المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن رقم 2216.
ثم تحدث عن جهود المملكة في مكافحة الإرهاب موضحاً بأن المملكة قد عانت مثلها مثل كثير من دول العالم من آفة الإرهاب التي تتطلب تعاوناً وتضامناً دولياً من أجل القضاء عليه، وموضحاً بأن التنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش وغيرها قد اتخذت من الدين الإسلامي وسيلة لتحقيق غاياتها الإجرامية التي لا تمت للإسلام أو القيم الدينية والأخلاقية بأي صلة وبأن المملكة قد حاربت طوال عقد من الزمان تنظيم القاعدة الذي نفذ عمليات إرهابية عديدة في المملكة راح ضحيتها العديد من الأبرياء وتمكنت من القضاء عليه وذلك بعد مطاردة الأجهزة الأمنية السعودية لأعضاء هذا التنظيم والقبض عليهم ومحاكمتهم كما استطاعت الأجهزة الأمنية من القيام بعمليات استباقية جنبت المملكة والمقيمين على أرضها الكثير من الضرر والأذى. كما أشار إلى أن تنظيم داعش تمكن من الظهور وتحقيق أهدافه الإجرامية بسبب الأرضية الخصبة التي نشأ فيها وأنتجتها سياسات العنف والتهميش والفراغ الأمني في بعض الدول التي قامت فيها حروب واضطرابات وعلى رأسها العراق وسوريا، وبأن هذا التنظيم وغيره من التنظيمات الإرهابية يتغذى ويعيش على استمرار هذه الحروب والاضطرابات، وبأن زعيم هذا التنظيم قد أعلن بأن المملكة هو عدو له ودعا أنصاره وخلاياه لتنفيذ عمليات إرهابية في المملكة، ونتج عن ذلك عدد من التفجيرات الإرهابية التي طالت عدة مساجد في عدد من مناطق المملكة راح ضحيتها مصلين آمنين قتلوا بدم بارد ومن غير شفقة أو رحمة. وأشار سمو السفير إلى أن المملكة انضمت مبكرا للتحالف الدولي ضد داعش في سوريا كما كونت تحالفاً إسلامياً واسعاً ضم 34 بلداً بقيادة المملكة وأنشئت مركز عمليات مشتركة في الرياض لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمحاربة الإرهاب ولتطوير البرامج والآليات اللازمة لدعم تلك الجهود ووضع الترتيبات اللازمة للتنسيق مع الدول الصديقة والمحبة للسلام والجهات الدولية في سبيل خدمة المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب وحفظ السلم والأمن الدوليين، وأوضح بأن المملكة تقف بكل عزم وقوة وصلابة في الصفوف الأمامية مع دول العالم لمكافحة التنظيمات الإرهابية حتى يتم تدميرها والقضاء عليها، وبأن المملكة قد اتخذت إجراءات حاسمة بإصدار قوانين تجرم الأشخاص الذين ينضمون أو يتعاونون بأي شكل من الأشكال مع تنظيم داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى، كما اتخذت إجراءات تهدف لتجفيف المنابع الفكرية السامة لهذه النظيمات وتجفيف مصادر تمويلها، وأوضح بأن علماء المملكة قاموا بإيضاح جوهر الإسلام الذي ينبذ العنف والتطرف والعدوان والإفساد في الأرض ويحث على الوسطية والاعتدال والإحسان مع تبيان حقيقة تنظيم داعش الإرهابي وأهدافه الشريرة والتحذير من مغبة الوقوع في حبائل هذا التنظيم وغيره من التنظيمات الإرهابية وعدم التأثر بفكرهم الضال والتأكيد بأن الاعتداء على الأنفس البريئة المعصومة هو عمل تحرمه الشريعة الإسلامية تحريماً مطلقاً. وحول الحرب في سوريا، أوضح سمو السفير في محاضرته بأن قيادة المملكة العربية السعودية قد سعت منذ بداية ثورة الشعب السوري في مارس 2011م على حث رئيس النظام السوري بشار الأسد على معالجة واحتواء الاحتجاجات الشعبية بطرق سلمية وتجنب استخدام القوة العسكرية إلا أن هذا النظام آثر التعنت وعدم الإنصات لصوت العقل والحكمة وقام بتكثيف حملته العسكرية الشنيعة وشن حرب إبادة ضد الأهالي والمواطنين السوريين باستخدام كافة أنواع الأسلحة الثقيلة من دبابات وطائرات وصواريخ ثم استخدام الأسلحة الكيماوية وإلقاء البراميل المتفجرة على التجمعات السكنية للمدنيين العزل، ولم تستثن المدن والقرى التي يقطنها السكان المدنيون وغالبيتهم من الشيوخ والنساء والأطفال من سياسة الحصار والتجويع حتى الموت مما يعد جرائم حرب في عرف القانون الدولي وجرى ذلك بدعم ومساندة عسكرية مباشرة من الحرس الثوري الإيراني وعناصر حزب الله في لبنان والمليشيات الطائفية التي جندتها إيران من العراق وأفغانستان وغيرها من الدول مما أدى إلى قتل ما يقارب ثلاثمائة ألف سوري وعلى الرغم من المشاهد الصادمة لقتلى الأسلحة الكيماوية ومشاهد المدنيين الذين شارفوا على الموت بسبب الحصار والتجويع وتشريد ما يقارب من أحد عشر مليون إنسان من بيوتهم وأراضيهم وموت المئات منهم غرقاً في البحار وهم في طريقهم للبحث عن ملجأ آمن إلا أن المجتمع الدولي لم يتحرك لإيقاف هذه المأساة والنكبة الإنسانية، وبأنه كان واضحاً منذ البداية للمملكة العربية السعودية بأن عدم التدخل بشكل فوري وجاد وتحمل المسئولية الإنسانية والأخلاقية لإنقاذ الشعب السوري من براثن نظامه الجائر سيؤدي إلى صراع طويل المدى ويفتح الطريق بسبب الفراغ الناتج عن هذا الصراع لنفاذ المجموعات الإرهابية المتطرفة، وهذا ما تم بالفعل حيث استغل تنظيم داعش الإرهابي هذه الأوضاع للتمدد في سوريا بعد العراق مرتكباً المزيدنالجرائم الوحشية كما يفعل النظام السوري بمواطنيه، وأوضح بأن المملكة تقف لمساندة الشعب السوري ووقف آلة القتل ورفع الظلم الذي لحق به من قبل نظامه الذي فقد شرعيته، وتسعى المملكة للمحافظة على إبقاء سوريا وطناً موحداً يجمع كل مكوناته وطوائفه الدينية والعرقية، ودعت المملكة لحل سياسي وفقاً لمقررات جنيف 1يخرج سوريا من أزمتها ويمكن من قيام حكومة انتقالية من قوى المعارضة المعتدلة مع خروج القوات الأجنبية من سوريا، ولهذا استضافت المملكة اجتماع المعارضة السورية في شهر ديسمبر 2015م بكل أطيافها ومكوناتها التي نجحت في اختيار وتشكيل هيئة عليا للتفاوض لتمثيلها في الاجتماع الدولي للسلام حول سوريا والمتوقع عقده في جنيف. وحول العلاقات السعودية- الإيرانية أوضح سمو السفير بأن المملكة العربية السعودية حرصت على مد يد الصداقة والتعاون مع النظام الجديد في إيران بعد الثورة الإيرانية في العام 1979م إلا أنه آثر سعيه المحموم لتصدير ثورته للبلدان المجاورة والتدخل في شئونه الداخلية، ومع ذلك التزمت المملكة بمبدأ حسن الجوار، كما اتبعت سياسة عقلانية تقوم على الحلم والصبر وتخفيف التوتر وعدم التصعيد في مواجهة الاستفزازات والتهديدات الإيرانية المستمرة والتي كان من بينها استغلالها لمواسم الحج السنوية لتعكير أجوائه الإيمانية بالإصرار على تنظيم المسيرات ورفع الشعارات السياسية وأعمال الشغب التي أدت إلى قتلى وجرحى عنها في العام 1987م واستمر هذا السلوك لسنوات عدة مع زيادة التحريض الطائفي وإثارة النعرات الطائفية في المنطقة والقيام بأعمال تخريبية لإشاعة الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار، كما عمد إلى دعم وتدريب الخلايا الإرهابية وتوجيهها للقيام بأعمال إرهابية داخل المملكة كان من بينها تفجير الخبر في العام 1996م، ولاحت خلال فترة حكم الرئيس الإيراني الأسبق خاتمي فرصة قصيرة لتحسين العلاقات بين البلدين إلا أن الطبيعة الأيديولوجية الطائفية لهذا النظام وسعيه الحثيث للهيمنة والتوسع لم يساعد على تحقيق النجاح المنشود لبناء علاقات طيبة كانت تسعى المملكة إليها بكل نية حسنة. واستمرت التوجهات العدوانية لهذا النظام تحكم ممارساته وأفعاله مع المملكة ودول الخليج حتى تبين للمملكة بأنها تتعامل مع نظام ذي وجهين فما يقوله بعض المسئولين الإيرانيين من كلام حول الحوار والتعاون يتناقض تماماً مع الأفعال على الأرض والتي تؤكد النوايا السيئة تاه المملكة وبقية دول الخليج وارتبط ذلك دوماً بحملة بروبغندا إيرانية مليئة بنشر الإشاعات والأكاذيب والكراهية. ووجهت إيران جهودها نحو تطوير برنامج نووي وأثارت شكوك العالم والأمم المتحدة ووكالة الطاقة الذرية حيال البعد العسكري لهذا البرنامج الذي يهدد الأمن والسلم الدوليين، كما طورت برنامجاً كبيراً للصواريخ البالستية بعيدة المدى، وبالرغم من العقوبات الاقتصادية عليها تجاهلت إيران احتياجات الشعب الإيراني وأنفقت المليارات من الأموال على مشروعها التوسعي في المنطقة وذلك بتأسيس وتمويل وتدريب وتسليح تنظيمات طائفية في عدد من الدول العربية مما يعد تدخلا سافرا وخطيرا في الشئون الداخلية للدول العربية. واستغلت إيران عدة أحداث وتطورات في المنطقة العربية أولها التدخل العسكري الأمريكي في العراق واضطرابات ما يسمى بالربيع العربي وذلك للتدخل وفرض الهيمنة في العراق والبحرين وسوريا واليمن بالإضافة إلى لبنان.ومضيفاً بأن لإيران سجلا سيئا يتناقض تماما مع قواعد السلوك الدولي والأعراف التي تحكم العلاقات الدولية وذلك بدعمها ورعايتها للإرهاب والتخريب وتورطها في مخططات الاغتيال، ففي ذروة الحرب ضد تنظيم القاعدة قدمت إيران ملاذاَ آمناً لبعض قيادات هذا التنظيم الإرهابي، كما أدانت السلطات الأمريكية في العام 2011م إيران لتورطها في محاولة اغتيال السفير السابق في واشنطن وزير الخارجية السعودي الحالي، كما زرعت العديد من الخلايا الإرهابية التي تم اكتشافها في دول الخليج العربي بهدف العبث بأمن دوله وشعوبه، وقد أثبتت حادثة الاعتداء على السفارة السعودية في طهران وقنصليتها العامة في مشهد والعبث بمحتوياتهما وإشعال النيران فيهما بعد تنفيذ أحكام قضائية بإعدام إرهابيين في المملكة استخفاف إيران وضربها بالحائط للمواثيق والمعاهدات الدولية التي تلزم الدولة المضيفة بحماية البعثات الدبلوماسية وفقاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 واتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963مما دعا المملكة إلى اتخاذ قرار بقطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية والرحلات الجوية مع إيران، هذه الأفعال تسلط الضوء مرة أخرى على سجل النظام الإيراني في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي وثقتها الأمم المتحدة ولجانها المتخصصة وأجمعت دول العالم على إدانتها في قرارات دولية متعاقبة اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة كان آخرها بتاريخ 17 ديسبر 2015.
وذكرسمو السفير بأن المملكة قد رحبت بتوقيع الاتفاق النووي مع إيران على أساس الالتزام بآلية مراقبة صارمة لمنع إيران من التملص ومواصلة أنشطتها النووية وبأنه وفي ظل كل هذه الممارسات الإيرانية المرفوضة عالمياً لا بد أن يقلق العالم من احتمالات إنفاق إيران الموصوفة بأنها دولة راعية للإرهاب للأموال المتاحة لها بعد تطبيق الاتفاق النووي على دعم وتمويل شبكات الإرهاب الدولية والمليشيات الطائفية المسلحة وزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة،وموضحاً بأن حكومة المملكة العربية السعودية قد عبرت بأنها لن تقف صامته أمام الممارسات الإيرانية العدائية وستقف أمامها بكل حزم وصلابة كما لن تسمح بتدخلها في الشئون العربية استناداً لقرارات جامعة الدول العربية التي رفضت وأدانت بشكل قاطع هذه التدخلات السافرة.
لقد قامت المملكة العربية السعودية وعلى مدى سنوات طويلة وضمن منظمة التعاون الإسلامي بدور إيجابي وجهود حثيثة لتعزيز التضامن الإسلامي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً من أجل معالجة المشاكل والأزمات التي تواجهها الدول الإسلامية وعلى رأسها مكافحة الإرهاب وهزيمة المتطرفين، وفي المقابل فإن الدور الإيراني قد ارتكز على إشعال وتأجيج الخلاف والفتنة المذهبية بين المسلمين السنة والشيعة الذي كان له آثار سلبية على العالم الإسلامي، واختتم سمو السفير كلمته بالتأكيد على أن المملكة ملتزمة بنهجها السياسي المتمسك بالقانون الدولي والأعراف الدولية ومصممة على مواصلة جهودها وسعيها للحفاظ على السلم والأمن ومكافحة الإرهاب ودعم الحوار وتعزيز قيم التسامح والوئام والسلام في المنطقة والعالم.