تفاعل رقمي مصطنع ">
نحن كتّاب نصوص التفاعلية بشكل أو بآخر دون أن نستشعر ومن ثم تأتي المسميات النقدية لتحيل تداعياتنا وتجاربنا الإبداعية إلى أنساق وتتضخم بفعل المحتوى الذي يتخذ له بمرور الزمن سماته وخصائصه المستمدة من تعديلات النقاد ودراساتهم المتواصلة، منذ سنوات كتبت ومجموعة من المبدعين والمبدعات نصوصا أدبية مشتركة شعرية ونثرية.
كتبت مع بعض الشعراء السعوديين والعرب تجارب شعرية تتعلق بتفاعلي أو تفاعلهم مع نص كتبته أو كتبوه فنتج عن ذلك نص آخر متأثر به ومت ما هو مشترك معه فيه .أستطيع اعتبار مثل تلك التجار بالإبداعية كتابات تفاعلية بشكل أو بآخر
كما كتبت برفقة الشاعرة فوزية أبو خالد تجارب كتابية عن جلساتنا وبعض رحلاتنا معا وكتبت هي كذلك.
أليست تلك النصوص المشتركة أدبا تفاعليا بشكل أو بآخر؟
هاهنا تحضر في رأسي أفكار كتابية كثيرة موازية تمت كتابتها بموازاة عدد من المؤثرات والوسائط الرقمية وغيرها. مثل كتاب تيب معايشة لوحة فنية أو صورة فوتوغرافية معروضة حاسوبيا تداخلت بمضامين متنوعة من أدوات فنية متعددة.
أخضعت ذاتي لتجارب شعرية وإبداعية كثيرة كانت تفاعلية بشكل أو بآخر. كأن أكتب بموازاة صوت فيروز أو خوليو حيث تعشش الموسيقى والصوت والكلمات وتؤثر في مشاعري وأفكاري بشكل أو بآخر.
فهل ينحصر الفرق تفاعليا في أداة الاستماع إليها؟ وإن كان ذلك من خلال وسائط إلكترونية مثل اليوتيوب وأنا أرى انفعال المطربون تأثر بتفاعلاته وألمح أصابع عازفي حلق بي عبرنا يمثل عمر فاروق مثلا أو عود مثل فرقة جبران أو مغنيا يغني قصائد محمود درويش مثل بشار زرقان.
كتبت بموازاة التلفزيون وأنا أتابع مشهد او أتأثر بالتنقل بينه وبين الإعلان التلفزيوني والخبر وسواه وظهرت لي لقطات إبداعية غريبة تستحق المغامرة وعيتها بعد مغامرة الكتابة، فهل أضحيت آنذاك كائنا افتراضيا أملا؟وهل بدا ما كتبته وأنا على ذلك النحو من التفاعل المرئي المختلط بالمشهد المتعدد تفاعلية أملا؟!
كتبت بموازاة دقات الساعة أستمع إلى نبض الثواني لفترة زمنية محددة وكررت التجربة في سكون تام إلا من نبض الساعة .
من التجارب التي أخضعت حسيلها كذلك تجربة الكتابة في الضوء بأشكال واتجاهات مختلفة مركزة أحيانا ومحفوفة بالمكان أحيانا أخرى حيث كتبت بموازاة الإضاءة الخافتة والإَضاءة بألوان مختلفة مرة زرقاء وأخرى خضراء أو صفراء أوحمراء،كما كتبت في العتمة،أليس ذلك التجريب تفاعليا بشكل أو بآخر؟.
من ناحية أخرى فمحاولة استثمار كثير من الأسئلة التي تطرحها التقنية علينا والإجابة الصريحة المتلبسة للمتخيل عن تلك الأسئلة من مثل: ما الذي يحدث الآن ؟ أو :بماذا تفكر؟ ، بماذا تشعر ؟، وما إلى ذلك من الأسئلة التي تنبش في الأعماق والمشاعر وتضعها على حائط رقمي أو في قلب تغريدة ما. ذلك التفاعل الذي أضحى استغلال بعض المستخدمين له استخداما مصطنعا وغير مبتكر ولم يعد تفاعليا بالفطرة ، مثل ذلك السلوك التقني المزيف صار مأساة تفاعلية في واقع العالم الرقمي الذي يفترض به أن يساعد على التعبير المباشر والتفاعل معه , بينما في اختلاط المزيف بالحقيقي ظهرت حالة من التلقي المشكك في الحالة الافتراضية الرقمية للمكتوب وأثار ذلك الأمر مشاعر التردد في التفاعل مع المقروء.
إذن فنشوء حالة من التلقي السلبي إزاء المنتج الرقمي كان السبب وراءه حالة تفتقد للشروط الإبداعية للكتابة التفاعلية وطبيعتها، وهو تلق ينم عن ذكاء قرائي لايتعامل مع الكتابة دون إخضاعها لموازين الوعي بحالاتها وتجلياتها ومحاكمتها من خلال تلك الزاوية الدقيقة من الرؤية الدارسة التفاعلية المتأملة المستقرئة للرقمي.
- هدى الدغفق