علي خالد المطيري ">
انتشرت بيننا منذ مدة ليست بالبسيطة مقاطع تصور مظاهر بذخ وترف (وهياط ما له سنع) ولا أطيل شرحها فقد وصلت لكم بالتأكيد جميعها أو أغلبها عبر هواتفكم ورأيتموها، ولست في صدد إعادة عرضها لأنها مؤلمة، وقامت حملات إعلامية رسمية مضادة لمكافحة هذه الظاهرة ومناقشة أسبابها، وهذا المفروض والصحيح لمحاربة مثل هذه الأفعال.. فقد قال الله تعالى: {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ}، كما أنه عندما أشاهد هذه المقاطع أظن أنها ببلد آخر معدل دخل الفرد فيه مرتفع أو بعالم آخر أو بمدينة أفلاطون الفاضلة، ولكن إذا نظرت لثياب ممثليها واستمعت إلى لهجتهم تبين أن هؤلاء الأناس للأسف من جلدتي.. وأذكر ذلك ليس نقمة أو غبطة للخير الذي يملكونه ولكن بطريقة التظاهر الفجة التي لا يراعون فيها النعم، وبفعلهم ذلك لا هم الذين حفظوا مالهم ولا هم تصدقوا به وأفادوا به غيرهم.
وهذه الفئة لا شك أنها لا تمثل مجتمعنا فهم بالتأكيد قلة، ولكن ما صدر منهم له عدة تفسيرات:
أولاً: قد تكون تمثيلية أداها اثنان أو ثلاثة ثم قلدهم هواة التقليد، يقصد منها إظهار المواطن أمام المسؤولين بأنه غير محتاج ولا يجب أن يكثر من مطالبه تجاه الدولة، إن رفعت الأسعار لا بأس وعليه أن لا يتذمر خصوصاً أنها صادفت زيادة سعر (البنزين)، أو أنها تمثل رداً على مقاطع انتشرت سابقاً منذ فترة من الفترات تبين وجود فقر مرير وأناس يبحثون عن الطعام بين صناديق القمامة والشارع.. وهنا أتعجب ما إذا كانت هذه المقاطع حقيقة أم ممثلة فبذلك تكون رسائل يجب أن لا تمر مرور الكرام فإما فقر مرير أو غنى فاحش وكأنه لا يوجد طبقة وسطى، أم وجود حرب بين طبقتين.. والعالم عندما يرى بأن المملكة لا يوجد بها محتاج ونصور كأننا نتعرض لوباء تفشي المال «اللهم ارزقنا الخير كله» هذا يشكل خللاً وعدم توازن.
ثانياً: قد تكون الأخيرة حقيقية فهم بذلك يغضبون الله تعالى علينا بفعلهم ذلك وخربوا على المحتاجين أمام المسؤولين وأظهروا لولي الأمر أن الجميع وصلوا لحالة من التشبع والبذخ.. ولذلك نبرئ منهم داعين الله (اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا) فهم ليسوا منا وكما قال تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ}، كما أنهم خربوا على إخوانهم وجرحوا إخوانهم المحتاجين بتصويرهم أن الجميع غير محتاج.
نعم نحن بخير ولا بد من شكر الله تعالى وأن أحوالنا أفضل من غيرنا بكثير وهذه الأفعال بالتأكيد تغضب الله عز وجل علينا، ولكن لا ننسى أنه بالمقابل يوجد -لا أقول فقر-، ولكن يوجد محتاجون كثيرون.. وما فعلوه مثل هؤلاء الأشخاص يمثل جرماً كبيراً.. ونلاحظ دولاً غيرنا كيف تبدلت أحوالهم من الأفضل للأسوأ لعدم شكرهم الله وعدم حفظهم لنعمه.
إن واجبنا شكر الله الذي أنعم علينا وحفظ لنا النعمة وكما قال رسولنا عليه الصلاة والسلام: (يا عائشة, أكرمي مجاورة نعم الله, فإن النعمة إذا نفرت قلما تعود)، ولكن بالمقابل لا ننسى أنه يوجد محتاجون يجب النظر لهم.. ومثلما قامت وسائل الإعلام ومسؤولون نشيطون لمحاربة هذه المشكلة بالمقابل يجب أن يهتموا بهؤلاء المحتاجين ويقدموا لهم يد العون، ونعترف أن هناك أناساً بيينا بحاجة يجب النظر بأمرهم ومساعدتهم لنرتقي وننهض من خلالهم بمجتمعنا وأمتنا.