«الإسلامي للتنمية» يقود يدَ ساحل العاج لإصدار أضخم صكوك سيادية بكتلة غرب إفريقيا ">
الجزيرة - الرياض:
نجحت جمهورية ساحل العاج في تنفيذ أكبر عملية إصدار للصكوك السيادية في غرب إفريقيا بقيمة 155 مليار فرنك إفريقي (244 مليون دولار) بالعملة المحلية. وقد ساهمت المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص، عضو مجموعة البنك الإسلامي للتنمية ومقرها جدة، بوصفها المرتِّب الرئيس للعملية ومديرة الإصدار في نفس الوقت. وقد اكتتب في عملية إصدار الصكوك ومدتها خمس سنوات مستثمرون مؤسساتيون إقليميون ودوليون، كما اكتتب فيها مستثمرون أفراد من الدول الثمانية الأعضاء في الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا.. ولقد دعمت مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، التي تملك فيها السعودية حصص مسيطرة، الإصدار عبر الاكتتاب فيه.
وعلمت صحيفة «الجزيرة» أن وفداً رفيع من جمهورية ساحل العاج، ترأسته وزيرة مالية البلد الإيفواري (نيال كابا)، قد زار دولة «المقر» لمجموعة بنك التنمية الإسلامي قبل الشروع بالبرنامج الترويجي للصكوك وذلك من أجل تثمين دور المجموعة في دعم انتشار الصيرفة الإسلامية في القارة الإفريقية، وقالت الوزيرة في كلمتها أمام مجموعة البنك أن تلك «الصكوك» هي «صكوككم»، في إشارة منها إلى أن هذا الإصدار ما هو إلا ثمرة جهودكم لنشر المالية الإسلامية بالقارة الإفريقية.
وعولت الجمهورية التي يقطنها مايقارب 39 % من المسلمين على دعم المستثمرين العرب لصكوكها والذي سيساهم نجاحها في دفع دول افريقية أخرى بالنظر بجدية في اللجوء إلى تلك الأدوات الإسلامية لدعم مشروعات التنموية التحتية.
ونقل بيان صحفي للمؤسسة الإسلامية، حصلت «الجزيرة» على نسخة منه، عن خالد محمد العبودي، الرئيس التنفيذي المدير العام للمؤسسة، قوله: «تبذل المؤسسة قصارى جهودها للمساهمة في تحول السوق المالية للاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا. وتلتزم المؤسسة بتعزيز وزيادة حجم معاملات التمويل الإسلامي في اقتصادات الاتحاد».
وكانت جمهورية كوت ديفوار قد كلفت المؤسسة، بوصفها المرتِّب الرئيس، بهيكلة برنامج الصكوك، وتعيين استشاريين آخرين والتنسيق معهم، والاتصال مع المسؤولين الحكوميين، والإشراف على عملية إصدار الصكوك. وتساهم المؤسسة بفعالية كبيرة في مساعدة الدول الإفريقية على الدخول إلى سوق الصكوك. وقد ساعدت المؤسسة جمهورية السنغال في أول إصدار لصكوك سيادية في السوق الإقليمية للاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا.. وساهمت تلك الخطوة في تمهيد الطريق لدول أخرى من غرب إفريقيا للنظر في الصكوك كأداة بديلة للتمويل.
التوزيع الجغرافي للمكتتبين
وقد جذبت التوقعات الاقتصادية لكوت ديفوار مكتتبين من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وبخصوص التوزيع الجغرافي للمكتتبين، اكتتب في الصكوك 56 % من غرب إفريقيا و6 % من شمال إفريقيا، و38 % من منطقة الشرق الأوسط.. وقد فازت هذه العملية مؤخراً بجائزتين، هما «أفضل عملية صكوك للعام (2015)» و«أفضل عملية إصدار في قارة إفريقيا للعام (2015)»، والتي تقدمهما مجلة «أخبار التمويل الإسلامي (IFN)».
كتلة غرب إفريقيا
وفي الإطار ذاته، وقع البنك المركزي للمنطقة التي تتعامل بفرنك غرب إفريقيا اتفاقاً مع ذراع القطاع الخاص في البنك الإسلامي للتنمية للمساهمة في تمويل مشروعات صغيرة ومتوسط الحجم من خلال صندوق إسلامي حجمه 100 مليون دولار.
ويأتي الاتفاق بعد أن طرحت ساحل العاج أول صكوك بقيمة 150 مليار فرنك غرب إفريقيا في ثاني إصدار من نوعه للاتحاد الاقتصادي والنقدي لدول غرب إفريقيا الذي يضم ثمانية دول. وجاء في بيان مشترك أن المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص ومقرها جدة ستقدم 30 مليون دولار للصندوق وستعمل على إيجاد مستثمرين إضافيين لزيادة حجمه إلى 100 مليون دولار.
ويضم الاتحاد بنين وبوركينا فاسو وساحل العاج ومالي وغينيا بيساو والسنغال والنيجر وتوجو. ويجمع بنك مركزي إقليمي هذه الدول التي تتعامل بفرنك غرب إفريقيا وهو مرتبط باليورو.. ورغم النمو القوي الذي سجله التمويل الإسلامي في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا إلا أنه يتخلف عن الركب في إفريقيا، حيث يعيش ربع مسلمي العالم مما يتيح فرصاً للمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص للتوسع في أنشطتها في المنطقة.
شهية الإفريقيين للصكوك متنامية
أصبح لدى البلدان الواقعة في غرب إفريقيا شهية متنامية نحو الصكوك وذلك بفضل جهود المؤسسة الإسلامية. وتجلى ذلك بفوز ذراع القطاع الخاص للبنك الإسلامي للتنمية بتفويضين من حكومتي ساحل العاج والنيجر وذلك لمساعدتهما في إصدار سندات إسلامية السنة الماضية.. وتطمح نيجيريا التي بها أكبر عدد من المسلمين في إفريقيا جنوبي الصحراء أن تصبح مركزاً إفريقياً للتمويل الإسلامي. وفي غضون ذلك تدرس السنغال إصدار صكوك جديدة.
وقال العبودي: «إصدار السنغال فتح أبواب المنطقة بأسرها».. وتابع العبودي: إن زيادة إصدارات الصكوك السيادية قد تشجع الشركات على استخدام التمويل الإسلامي أيضاً لكن لا يمكن لأي إصدار أقل من 200 مليون دولار أن يكون ذا جدوى اقتصادية.
السنغال تطلب العون
من ناحية أخرى، طلب الرئيس السنغالي ماكي سال من البنك الإسلامي للتنمية في السعودية مساعدة بلاده في دخول سوق التمويل الإسلامي للمرة الثانية مع سعيها لتجهيز التمويلات اللازمة لمشروعات بنية تحتية. وقال سال لقناة تلفزيونية سنغالية لدى عودته من زيارة للسعودية السنة الماضية: «آمل أن يساعدنا البنك الإسلامي للتنمية في الاستفادة من التمويل الإسلامي خصوصاً الصكوك لتنفيذ مشروعات إستراتيجية في قطاع البنية التحتية مثل خط سكك حديدية للقطارات السريعة يربط بين دكار ومطار بليز ديان الدولي الجديد».
ولم يوضح الرئيس السنغالي حجم الإصدار أو توقيته لكن رئيس البنك الإسلامي للتنمية أحمد محمد علي أكد له أن البنك سيساعد السنغال على تمويل برنامجها. معلوم أن الصكوك السنغالية تعتبر أول صكوك سيادية صادرة من القارة الإفريقية. وفاز الإصدار بعدة جوائز عالمية، لعل أهمها جائزة أفضل مشروع إفريقي في عام 2014، من طرف «IFN» التابعة لـ«REDMONEY».
وتعتزم مؤسسة تنمية القطاع الخاص إصدار صكوك هذا العام في إطار برنامج اقتراض قيمته 1.2 مليار دولار مع حصولها على تصنيف ائتماني هو الثاني لها بعد أن صنفتها فيتش عند AA في نوفمبر تشرين الثاني. وتتوسع المؤسسة في إفريقيا من خلال وحدتها تمويل إفريقيا القابضة التي لها حصص ببنوك إسلامية في السنغال والنيجر وغينيا وموريتانيا وتعتزم إقامة بنوك جديدة في مناطق أخرى.
وغالباً ما تكون الضرائب مصدر إشكالية للصكوك بسبب طبيعة الصكوك من حيث كونها تعتمد في الأساس على الأصول وهو ما يعني أنه قد تكون هناك حاجة لعدة عمليات لنقل ملكية الأصول من أجل إتمام عملية الإصدار مما يتسبب في عبء ضريبي ثقيل على مصدري الصكوك في غياب تشريع خاص يعالج هذه المسألة.
وكان العبودي قد كشف مؤخراً أن مؤسسته تخطط لزيادة أنشطتها في إفريقيا كجزء من خطة لتعزيز جاذبية التمويل الإسلامي في المنطقة. وتهدف المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص التي تأسست عام 1999 إلى تدعيم التنمية الاجتماعية في الدول الأعضاء من خلال تقديم التمويل لمشروعات القطاع الخاص بما يتطابق وتعاليم الشريعة الإسلامية.
وتركز المؤسسة في تمويلاتها للدول الأعضاء البالغ عددهم 51 على المشروعات التنموية التي تهدف إلى خلق فرص العمل وتشجيع الصادرات. كما تقوم بتعبئة الموارد الإضافية للمشروعات وتشجيع تطوير التمويل الإسلامي وأسواق رأس المال.