الجزيرة - المحليات:
في خطوة تعكس مدى حرص جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، متمثلة في كلية الإعلام والاتصال، على الوفاء لكل المهنيين والأكاديميين، الذين سخّروا جلّ حياتهم في خدمة الوطن ومؤسساته الإعلامية، تقيم الكلية لقاءً علمياً صباح اليوم، بالقاعة الكبرى بالكلية؛ لاستعراض المسيرة المهنية والعلمية للدكتور بدر بن أحمد كريّم - رحمه الله - بمناسبة تبرع ورثته بمكتبتيه للجامعة. وفي هذا الخصوص، أكَّد عميد كلية الإعلام والاتصال، الأستاذ الدكتور عبدالله الرفاعي، أنَّ جامعة الإمام ممثلة في كلية الإعلام، لن تدّخر جهدًا في سبيل الوفاء لكل المهنيين والأكاديميين، الذين سخّروا جلّ حياتهم في خدمة الوطن ومؤسساته الإعلامية، وقال «الكلية تفخر بجميع الكوادر الوطنية التي تعمل في المؤسسات الإعلامية، ومن حق الأوفياء أن نقابلهم بالوفاء دائمًا». وأضاف الرفاعي «أصدرت الجامعة إصداراً خاصاً بعنوان (الإعلامي العصامي)؛ لاستعراض سيرة بدر كريّم - رحمه الله -، كما أنَّ هذا اللقاء العلمي يأتي كجزء بسيط تقدمه الجامعة تجاه تكريم الراحل ومسيرته الغنية؛ وفاءً لما قدَّمه لبيته وجامعته، ويهدف اللقاء إلى إلقاء الضوء على السيرة الثرية للدكتور بدر بن أحمد كريّم - رحمه الله - مهنياً وعلمياً وتكريمه لوفائه للجامعة».
وفي هذا الخصوص، يأتي هذا اللقاء بعد أن مرّ الإعلام السعودي منذ تأسيس المملكة، على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، بالكثير من التحولات والمراحل التي واكبت تطور ونمو المملكة وتبوأها لمكانتها الملائمة عربياً وإسلامياً ودولياً، حيث تم تأسيس عدد من الصحف التي تحولت لاحقاً لمؤسسات صحفية، كما تم إنشاء الإذاعة والتلفزيون الذين عمل بهما الكثير من أبناء هذه البلاد وأداروها بكل كفاءة وإتقان حتى في ظل شح الموارد - آنذاك -، ومن بين أبناء الوطن الذين يشار إليهم بالبنان، وواكبوا الكثير من تطورات الإعلام السعودي، وعملوا فيه بكل كفاءة ومصداقية «الدكتور بدر بن أحمد كريم» - رحمه الله -. والراحل الدكتور بدر كريّم.. هو أحد أبرز الإعلاميين السعوديين الذين تواجدوا بكل قوة وحضور وتفان على الساحة الإعلامية الوطنية طوال أكثر من خمسة عقود، وتفخر الجامعة به كدارس ومدرّس فيها، حيث حصل على درجة الدكتوراه بعد تقاعده، واستمر في إكمال مسيرة ثرية وحافلة بالإنجازات حتى بعد التقاعد من العمل الرسمي، وقد تبرع - رحمه الله - للجامعة بمكتبتيه في الرياض وجدة، حيث ضمّن وصيته التبرع للجامعة بمكتبتيه.
عمل الفقيد الدكتور بدر كريّم مذيعاً مرافقاً مع عدد من ملوك المملكة، ثم تولى عدداً من المناصب الإعلامية المهمة، وكانت مسيرته - رحمه الله - تستحق التوثيق والإبراز كنموذج للإعلامي العصامي الذي عمل في خدمة وطنه في مختلف الظروف؛ محبة منه لهذا المجال، وإيماناً منه بأهمية الإعلام الكبرى. وقد أصدرت الجامعة إصداراً خاصاً بعنوان «الإعلامي العصامي»، حيث تقيم كلية الإعلام والاتصال، لقاء علمياً صباح غد الاثنين، بالقاعة الكبرى بالكلية؛ لاستعراض مسيرته وإنجازاته المهنية والعلمية بمناسبة تبرع ورثته - رحمه الله - بمكتبتيه للجامعة، ويأتي هذا اللقاء العلمي كجزء بسيط تقدمه الجامعة تجاه تكريم الراحل ومسيرته الغنية، وفاء لما قدمه لبيته وجامعته، ويهدف اللقاء إلى إلقاء الضوء على السيرة الثرية للدكتور بدر بن أحمد كريم - رحمه الله - مهنياً وعلمياً وتكريمه لوفائه للجامعة.
ويبدأ اللقاء بكلمة لمدير الجامعة المكلف، تليها كلمة وكيل الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي، ثم عميد كلية الإعلام والاتصال، يعلق على اللقاء المذيع عبدالله الشهري من القناة الأولى، ثم يلي ذلك تكريم أبناء الراحل بدر كريّم من قبل الجامعة. ويحمل اللقاء عنوان: (نتذكر: بدر كريم)، وينطلق العنوان من الهدف الرئيس للمناسبة، وهي تذكر الفقيد بشيء من مآثره؛ إبرازاً لعصاميته ومقابلة لوفائه تجاه الجامعة ومنسوبيها، بالوفاء والعرفان، كما يأتي العنوان المقترح مقاربة لكتابه - رحمه الله - (أتذكر) الذي رصد فيه الكثير من الشخصيات والمواقف والمناسبات المؤثرة في مسيرة الإعلام السعودي.
ويتضمن اللقاء عدداً من المحاور التي يتحدث عنها الأستاذ إبراهيم الصقعوب، الذي يتناول عصامية الراحل وإنجازاته -رحمه الله - خلال عمله في الإعلام المرئي والمسموع مذيعاً ومعداً، ثم وكيلاً لوزارة الإعلام لشؤون الإذاعة، ثم عضواً في مجلس الشورى. وفي المحور الثاني، يتحدث الأستاذ خالد المالك، مناقشاً إنجازات الراحل الصحفية، محرراً، ثم نائباً لرئيس تحرير صحيفة عكاظ، ثم مديراً عاماً لوكالة الأنباء السعودية.
وفي المحور الثالث، يتحدث الأستاذ الدكتور محمد البشر، عن إسهامات الراحل في مجال البحث والتأليف في الإعلام حتى حصوله على درجة الدكتوراه بعد تقاعده.
الدكتور بدر كريم..
والإعلامي العصامي بدر كريم، هو بدر بن أحمد كريّم الجهني، وهو من مواليد عام 1355هـ- 1935م، بمحافظة ينبع، والتحق بالعمل الحكومي عام 1954م، موظفاً بجوازات محافظة جدة، ثم عمل مراقباً للمطبوعات بالمديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر عام 1957م، فمذيعًا في الإذاعة والتلفزيون، حيث أعدَّ وقدَّم عدداً من البرامج الإذاعية والمتلفزة، من أهمها: ركن الصحة، في الطريق، دعوة الحق، تحية وسلام، أبناؤنا في الخارج، ضيف الليلة. وتميزت رحلته التعليمية بالعصامية؛ حيث حصل على الشهادة الابتدائية، ثم المتوسطة والثانوية بنظام المنازل، ثم حصل على الشهادة الجامعية عن طريق الانتساب، حيث كان خلال هذه المراحل يعمل في الإذاعة، ورأس الوفود الإعلامية التي تابعت النشاطات الداخلية والخارجية للملك فيصل بن عبدالعزيز، ثم عُيِّن عام 1400هـ مديراً عاماً للإذاعة السعودية، وعمل صحفياً، حتى وصل عام 1406هـ إلى منصب نائب رئيس تحرير صحيفة عكاظ. وحصل كريم على الماجستير في علم الاجتماع من جامعة الملك عبدالعزيز عام 1407هـ، عن رسالته التي كانت بعنوان «دور المذياع في تغيير العادات والقيم في المجتمع السعودي: دراسة ميدانية على قرية خليص»، ثم تولى إدارة مؤسسة مروى للعلاقات العامة والإعلام والإنتاج الإعلامي، ثم عُيِّن مديراً عاماً لوكالة الأنباء السعودية، وعمل قبل وبعد حصوله على درجة الدكتوراه محاضراً متعاوناً مع قسم الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، حيث درَّس عدة مقررات من أهمها: فن الإلقاء، وتقديم البرامج وغيرها. وكان حصول الدكتور بدر كريّم على الدكتوراه نموذجاً للكفاح، وأنَّ تلقي العلم والمثابرة له لا يتوقف عند سن معينة، فكان له الخياران الإعلام والعلم. واختير كريّم عام 1421هـ عضواً بمجلس الشورى، وحصل على شهادة الدكتوراه من قسم الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، بتاريخ 18-11-1427هـ، وكانت رسالته بعنوان «الدوافع الاجتماعية للتعرض للصحف السعودية مع تصور مقترح للمضامين الاجتماعية». وشغل الراحل عضوية مجالس عدد من الجمعيات، منها الجمعية السعودية للإعلام والاتصال، وجمعية الأمير فهد بن سلمان بن عبدالعزيز الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي، وأسس ورأس مركز غزوة للدراسات والاستشارات. وكانت تجليات عاشق المذياع الدكتور بدر كريّم الصوتية، قد بدأت من الإذاعة، وتجلى فيها، وأصبح من نجومها المشاهييوم أن كانت الإذاعة في نطاق ضيق ثم كبرت، وهو رجل المواقف، حيث كان مع الملك فيصل المذيع الأول، واكبه في رحلاته الشهيرة إلى إفريقيا، وكان بحق ممارساً وعاشقاً للميكرفون، وكان متفانياً في خدمة الإذاعة، ويهتم كثيراً بالبرامج الجماهيرية حتى وصل إلى مدير عام الإذاعة، ولكنه لم يتخل عن عشقه للميكروفون، وكان مخلصاً لعمله ولوطنه رغم المرض الذي عاجله مبكراً، إلا أنَّه كان يتعافى من أجل أن يكون حاضراً في قلوب جمهوره.. فقد كان بحق نموذجاً للإخلاص والتفاني. وللإعلامي الراحل بدر كريّم، أربعة أبناء، وبنت وحيدة، وهم ياسر، ود.أيمن، وإياد، وأحمد، وغزوة
مؤلفات الدكتور كريّم..
وللإعلامي العصامي بدر كريّم عدد من المؤلفات العلمية، منها: «سنوات مع الفيصل» الذي روى فيه ذكريات ومواقف إعلامية له مع الملك فيصل بن عبدالعزيز - رحمه الله - على مدى أحد عشر عاماً، أمضاها كريّم في متابعة النشاطات الإعلامية الرسمية للملك فيصل داخل المملكة وخارجها، تارة مذيعاً، وتارة أخرى رئيساً للوفود الإعلامية. إضافة إلى عدد من المؤلفات الأخرى وهي: «أتذكر»، و»قراءة في فلك الإعلام»، و»الكلمة المسموعة»، و»نشأة وتطور الإذاعة في المجتمع السعودي»، و»دور المذياع في تغيير العادات والقيم في المجتمع السعودي»، و»الإعلام أدوار ومسؤوليات». وأعدَّ الراحل ونشر كتباً وبحوثاً إعلامية، واجتماعية، وأسهم بكتابة مقالات اجتماعية وإعلامية في عدد من الصحف والمجلات السعودية، منها عكاظ، والجزيرة، والرياض، وشارك ببحوث وأوراق عمل في الكثير من المؤتمرات، والندوات، واللقاءات العلمية.
وفاة عاشق الميكروفون..
وتوفي الإعلامي بدر كريّم، صباح يوم السبت 25 شعبان 1436هـ / 13 يونيو (حزيران) 2015م، في الرياض بعد صراع مع المرض، وبفقدان بدر كريّم فقدت الساحة الإعلامية قامة كبيرة، وجزءاً من تاريخ الإعلام، وأحد الرواد الأوائل الذين مهدوا الطريق للأجيال، ومن الأشخاص الذين أسسوا للبدايات الإعلامية، خصوصاً في مجال الإذاعة.