ريادة القطاع الخاص للتنمية الاقتصادية تدعم التحول تجاه تخفيف الاعتماد على النفط ">
الجزيرة - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية:
منذ الثمانينات.. كنا ولا نزال نركز كاقتصاديين على أن الفكر الإستراتيجي السعودي ينطلق من رؤية للتنويع الاقتصادي أو بالأدق تحقيق التنمية الصناعية بعيدًا عن الصناعة الاستخراجية النفطية والسعي لبناء صناعات تعتمد على التَّميز النسبي للمملكة في النفط والغاز.. وهذه الرؤية هي رؤية صائبة، ولكنها تسير ببطء بعض الشيء نظرًا لأن التصنيع أو الصناعة التحويلية تقوم غالبًا على نقل تكنولوجيا متقدمة في مجالات صناعية متخصصة.. وهذا الأمر يحتاج بعض الشيء، في جزء منه يعتمد على جذب الاستثمارات الأجنبية في هذه الصناعات والسعي للاستفادة منها مباشرة في نقل حر للتكنولوجيا.. في المقابل يقوم جزء آخر على التعلم التكنولوجي للكوادر الوطنية بإيفادهم في زيارات وبعثات للشركات الأجنبية بالخارج أو في بعثات علمية مباشرة.
وبالطبع كلا الطريقين يحتاج بعض الوقت، وربما بعض الصناعات تحتكرها بعض الشركات أو الدول، وتضع عراقيل كبيرة في نقلها بسهولة.
هذه الرؤية القديمة هي رؤية حققت بعض النجاحات وهي لا تخفي على أحد، حيث ارتفع إجمالي الناتج غير النفطي في المملكة بالأسعار الثابتة من مستوى 267 مليار ريال في عام 1980 إلى حوالي 414 مليار ريال في عام 2000م (بأسعار 1999).. ثم صعد بقوة إلى مستوى 1324 مليار ريال في 2014م (بأسعار 2010م).. بالطبع هي زيادة كبيرة للغاية تعادل الأربعة أضعاف تقريبًا وبالأسعار الثابتة.
ويوضح الجدول (1) تفاصيل غاية في الأهمية وتدلل على أهمية الإنجاز غير النفطي للمملكة، حيث إن معدلات النمو خلال الخمس سنوات الأخيرة للقطاع غير النفطي سواء كقطاع خاص أو قطاع حكومي جاءت إيجابية ومرتفعة بشكل ملموس، بلغت عند حدها الأدنى حوالي 5.7 في المائة للقطاع الحكومي في عام 2013م، وبلغت عند حدها الأقصى حوالي 15.8 في المائة للقطاع الحكومي في عام 2010م، والقطاع الخاص حقق معدلات نمو سنوية في حدود العشر في المائة فأكثر سنويًا، وهي معدلات عالية تناهز مستويات النمو في الصين والنمور الآسيوية الأخرى.. في المقابل نلاحظ بعض الاضطراب في معدلات نمو القطاع النفطي، بعضها جاء سالبًا في بعض السنوات.
أما الجدول (2)، فيوضح أن هناك إحلالاً قائمًا ويزداد من سنة لأخرى لنصيب القطاع الخاص محل القطاع الحكومي، حيث ارتفع ناتج القطاع الخاص من 746 مليار ريال في عام 2010م إلى حوالي 959.6 مليار ريال في عام 2014م، في المقابل نلحظ زيادة أقل في ناتج القطاع الحكومي خلال نفس الفترة.
وعليه، فإن هناك تحركًا وطنيًا واقتصاديًا من القطاع النفطي إلى القطاع غير النفطي، وهذا الاتجاه الرئيس للاقتصاد الوطني منذ الثمانينات، ولكن خلال السنوات الخمس الأخيرة برز توجه اقتصادي جديد وهو التخفيف من القطاع الحكومي وإحلال ضمني للقطاع الخاص.
وعليه، فإن التوجه أو الخط الإستراتيجي للخريطة الاقتصادية السعودية الآن هو التخفيف عمومًا من الاعتماد على النفط، وإحلال القطاع الخاص ليتولى الريادة لعملية التنمية الاقتصادية، أعمالاً لقواعد ومبادئ الاقتصاد الحر.