لم أعد أريد نصيبي من الحياة.. فقط أريد نصيبي من الأحلام.
«عمرو»
سأفترض أنه اليوم الأول من إبريل وسأكذب عليكم «وربما أيضاً من أجلكم» كذبات صغيرة.
وإبريل ما زال بعيداً والأحلام بعيدة أيضاً ودائماً لهذا سأستعير أو أستدين هذا اليوم من إبريل وأعيده إليه أو إليكم عندما يصل فأنا مفلس اليوم حتى من الأحلام وربما من الأمنيات.
اليوم سأقول إني أحبكم جميعاً.. جميعاً بدون استثناء وإني غفرت لكم جميعا وسأرسل لكم رسائل خطية بالبريد..سيعود ساعي البريد يدق أبوابكم أو اذهبوا إلى صناديق بريدكم المهجورة وستجدون داخلها بدلاً عن الفواتير رسائل خطية مني.. رسائل مكتوبة بخط اليد خطي الرديء جداً وبالحبر الأسود، وعلى ذلك الورق المسطّر لن أطبع لكم رسالة موحدة على ورق (الآي فور) الأبيض وفقط أغير السطر الأول منها السطر الذي يحتوي اسم المرسل إليه لا, فأنتم لا تتشابهون أبداً ولكل منكم مساحاته الشاسعة في القلب وله رؤيته للكون والعالم ولم يحب وما لا يحب.. وتذكروا أن خطي رديء جداً، والآن ومن شح الاستعمال غدا أكثر سوءاً حتى إني أنا بالكاد أعرفه, غير أن ما أقوله سيصل إليكم.. وستجدون أيضاً رعشات يدي وأخطائي الإملائية الفاضحة وعطشي للكثير من الكلمات التي أكتبها خطأ ثم أشطبها وأتركها تكاد تكون مقروءة.. أخطاء الكلمات كأخطاء الحياة قد نرتكبها ثم نعتذر عنها لكنها تظل هناك كالكلمات المشطوبة.
وقد لا تكون الرسائل منمقة وحتماً مشوشة وبسطور مائلة لكنها ستحملني أنا.. أنا الذي أكتب إليكم لأقول لكم إني أحبكم وليس الحاسوب ولا رسائل الواتس أو حتى الماسنجر. وقد ذكرنا الواتس فسأحذفه هذا اليوم وأعود أهاتف كلاً منكم إذا ما عجزت عن زيارته وسأثرثر معه كثيراً وسأساله عشر مرات: كيف حالكم طيبين؟.. كيف حالكم طيبين؟.. كيف حالكم طيبين، وعندما نمضي في الحديث سأعود وأسأله: كيف حالكم طيبين؟.. ولن يتذمر أحد منكم هكذا اعتدنا أن نفعل قبل برقيات «الواتس» الجماعية والمعلبة وسنضحك كثيراً ومن القلب.. ومتى آخر مرة ضحكنا معاً من القلب.؟
واليوم سيكسر كل الأطفال أجهزة التواصل التي في أيديهم والتي يدفنون فيها رؤوسهم طوال اليوم وجزء كبير من الليل وحتى في السيارة وأسرّة النوم وعلى مائدة الطعام.. اليوم سيعود الأطفال يأكلون معاً ويتعاركون معاً ويخدشون بعضهم معاً.. بعض هذه الخدوش تغدو عندما نكبر أوسمة للذكرى ولقد كنا نخدش بعضنا من أجل لعبة نصف مهشمة أو ونحن نلعب, وكنا عندما لا نجد ما نلعب به نخرج للشارع نخط على الأرض خطوطاً ومربعات ونلعب معاً «البربر» وربما عسكر وحرامية.. ونتبادل الأدوار.. أدوار الحرامية والعسكر أو الحرامية والبسطاء وليس كما يحدث الآن يظل الحرامية حرامية وطلقاء ويكبرون والعسكر والبسطاء يختطفهم الموت والفقد والمنافي.
اليوم سيكرر الأطفال ذلك سيعودون أطفالاً لا يكبرون سريعاً ويتلوثون سريعاً وتعجنهم الحياة سريعاً ثم لا يعودون أبداً أسوياء.
وسيعودون يفرحون مرة أخرى بمكافآت الحياة البسيطة وستعود لأعينهم الدهشة وحتى لنا نحن الكبار الذين ما عدنا يدهشنا أي شيء.
اليوم هو الأول من إبريل تذكروا.. وسأقول لها بصدق أحبك وبصدق ستقول لي أحبك ثم نضحك معاً عندما نتذكر أنه الأول من إبريل حتى وإن كان مستعاراً من عام لم يصل.
اليوم هو الأول من إبريل ولدي أمنيات وأحلام وكذبات كثيرة أريد أن أدفع بها إليكم لكن المساحة انتهت وأنا أجدني أيضاً عاجزاً حتى عن الحلم وعن اختراع أوهام أملأ بها العمر.
واليوم ليس الأول من إبريل ويوم واحد ليس كافياً لاختراع أوهام تهبنا السعادة وربما ليس كافياً كل إبريل.
- عمرو العامري