سعود البديري
لم يكن حديث الكاتب توماس فريدمان Tomas fredman قبل أيام «بالنيويورك تايمز» حديثاً أُحادياً أو رأياً منفرداً أو حديثاً وجدانيّاً يمكن قراءة ما وراءه من «غزلٍ سياسي لمصلحة شخصيّة. أو أنّه مجرد حديثٍ عابر أو مداهنة دبلوماسيّة رقيقة.
فبغض النظر عن مدى تأثيره الفاعل والقوي بالرأي العام الأمريكي كغيره من كتّاب الرأي المعروفين الذين تتوشح صورهم كُبرى الصحف العالمية.
جاء «توماس فريدمان» بإعجابه المفعم بالذهول ليعبّر عن «مكانة المملكة الكبرى بالعالم ومدى قدرتها السياسية على تجاوز المحن بأحلك الظروف وأصعبها، جاء أيضاً ليعبّر عن مدى ما حظي به «المواطن السعودي» ومؤسساته المختلفة عن وعيٍ وإدراكٍ كبير مكّنه من معرفة أبعاد وتفاصيل الحياة المدنيّة والحضاريّة الذي استطاع أن يسخّرها لأجل معتقداته الدينية والفكريّة وأن يأخذ من كل إشراقة ما يلائم خصوصيته ويضمن «المحافظة على عقيدته وأصالته» المتجذّرة في أعماق فكره وعقله ووجدانه.
وعندما جعل للحديث مثاراً فإنّه أوغل في قراءة ما لمسه ووجده على ارض الواقع لدى ولي ولي العهد الأمين أميرنا المحبوب/ محمد بن سلمان وجعل من شخصيته «نموذجاً لمستقبل المملكة الآمن والناجح بإذن الله» وهو بذلك يدرك جيّداً
-وندرك معه بحياديةٍ تامة-
أبعاد ما ذكره كونه بذلك الحديث التلقائي الذي كتبه بلغة -قومه وبني جلدته- يؤكد نجاح المملكة في قدرتها السريعة على مسايرة المتغيّرات، وتعايشها الإيجابي المذهل مع التحوّلات إضافة لنجاح ملوكها في القراءة الجيّدة لروزنامة التاريخ على مختلف الأصعدة ومدى عزمهم على امتلاك الأدوات الحقيقية لصناعة المستقبل، وهذا ليس هو المقال الوحيد بالعالم الذي يخاطب الواقع والبصيرة عن حقيقة المملكة وقيادتها الحكيمة لكنّه كان بالفعل الأبرز كونه خرج بمشاهد واقعيّة لمسها الكاتب، وكونه من قلمٍ لم نعهد إطراء حبره وفكره في عزّ «هدوء العالم» و»ندرة ضجيج صراعاته» وكونه أيضاً جاء ليردّ على من يتهم المملكة ويدبّر لها الحيّل والمصائد ويتوّقع أنها ستقع يوماً بثمن «الحضارات والثقافات المتسارعة» ليجدّ أنّ «المملكة» قد سبقته «لميادين التقدّم والانفتاح السياسي والفكري» لكنّها لم تكن يوماً تسعى «بمزايداتٍ مع الآخر» مهما وأينما كان كونها تعرف «الساعة الحقيقية» للانطلاقة والوقوف، وتدرك أيضاً قيمة المقوّمات الراسخة والخالدة التي قامت وتأسست عليها منذ عهد المغفور له بإذن الله (الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل) طيّب الله ثراه.
وعندما حانت ساعة الصفر لضخّ روح الشباب في قيادة البلاد وتولّي مفاصلها وتفاصيلها جاءت إرادة مليكنا خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- في التعايش مع هذه المتغيّرات التي أسرت ألباب الغرب وجعلوا منها عنصر تقييم ورؤية فكرية لا يمكن قراءاتها من وسائل الإعلام أو من خلال قراءة آراء البسطاء من الناس.
لذلك جاء «ولي ولي العهد» صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وشدّ الأنظار وامتلكها برؤيته الوثّابة والمستقبليّة وبفريقه العملي المنظّم الذي نفّض بيروقراطية المسؤول وجعل منه «خليّة نحلٍ» لا تهدأ، تعمل بحرصٍ وإصرارٍ شديد، خشية وجود» كاميرا صادقة ومخلصة بيدّ مواطن بسيط يمكن من خلالها التقاط مكامن الخلل والقصور.
وهذا ما لم يكن مستساغاً بالسابق لظروف المرحلة وأُطر المناخات التقليدية السائدة.
لكنّه اليوم قد اتسع «مجهر الرقابة والمتابعة» وأصبح هناك مجالس ومؤتمرات شبه يومية لقراءة كافة المستجدات السياسية والأمنيّة والاقتصاديّة حرصاً على الوصول للمعالجة الناجعة والجيّدة بأسرع وقتٍ ممكن. وهذا ما يترجم السياسة الحقيقية لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين.
وبالعودة لتاريخ الكاتب (توماس فيردمان) فكما ذكرنا -آنفاً- ليس هو بالكاتب الغربي الذي اعتاد على مغازلة البيئة الخليجية عامةً والبيئة السعودية على وجه الخصوص وإسباغ الثناء عليها وخطب ودّها كونه لم يصل بالسابق للإدراك الحقيقي والمتعقّل لتفاصيل تلك الخصوصية التي جعلتنا نؤكد دائماً مقولة: (موعد الشيء على حلّه)!
بل لربما كان يوماً من الأيام لديه من التوّجهات التي تغذّي الاحتقانات الدينية والمذهبيّة كغيره ممن ركب الموجات السلبيّة وأساءوا فهم الإسلام ورموزه وعقيدتهم الصافيّة بمواضع كثيرة ومختلفة من خلال حكمهم الأعمى على بعض من يدّعون الانتساب إليه وممن أساءوا لعظمته وسماحته دون امتلاك الأدوات المقنعة لبناء التصوّر الحقيقي والصحيح لحقيقة هذا الدين العظيم وهذه البلاد الطاهرة.
وعندما تهيأت الظروف -للفريدمان- وسنحت له الفرصة الذهبيّة للحصول على أقرب وأسهل مفاتيح المعرفة بالقرب من هذا (الوطن العظيم والرائع) وجد الحقيقة والواقع، وجد النموذج المثير الذي لوى ذراع أفكاره وأفكار محيطه ومحيط بيئته، فجاء حديثه بذهولٍ وإعجاب كبير، وهو يدرك بداخله حجم ما يُحاك ضد المملكة من حربٍ إعلاميّة شعواء.
وكأنّه لم يتوّقع يوماً من الأيام أن المملكة ستكون قادرةً على امتلاك أوراق القوى الملائمة والمنسجمة مع ثوابتها وتوّجهاتها، فجاءت كلماته تعجّ احتراماً وتقديراً لهذا الوطن الغالي والشامخ بقيادته الحكيمة والرشيدة التي تكسوها نياشين المجد والفخر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله وأبقاه ذخراً للإسلام والمسلمين ولشعبه السعودي النبيل وسمو ولي عهده الأمين وحامين العرين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود.
فماذا لدى (فيردمان) والتايمز.. غير ما نعرفه وندركه؟! هذه المعرفة وهذا الإدراك الكبير التي نشأ وتوّلد من نابع ثقتنا وحبنا وصادق ولائنا لهذه الأسرة الملكيّة الكريمة والعريقة فجاء تُرجمان ذلك في مبايعتنا لسموّه الكريم.
تلك المبايعة المفعمة بصادق دعواتنا وأمانينا لسموّه الكريم بالتوفيق والسداد.
ماذا لدى (فيردمان) عن (محمد بن سلمان)؟ من جديدٍ لم نعتقده، ومن معرفة لم ندركها، ومن حرصٍ لم نعيه، ومن حبٍ لم يملأ قلوبنا، ومن مشاهدٍ لم تنقلها لنا الرواة من أكبر مسؤول يقابله حتى أبسط شخصٍ يلتقيه، إنها صور إعجابٍ عظيمة وكبيرة لا يمكن حصرها بهذا المقال إذن -يا سادة- لا شكّ أنّه إعجابٌ ندركه وتوّسمنا فيه خيراً بحاضرنا ومستقبلنا تحت ظل مليكنا وولي عهده.
وأعرف جيّداً هنا أنّ (محمد بن سلمان) شخصيةٌ ليست بحاجة للتلميع والإطراء -بمناسبةٍ أو بدون مناسبة- لكنّ -سموّه الكريم حفظه الله- تمثّل فيه (مستقبلنا.. وروح وحيوية شبابنا) هؤلاء الشباب الذين يمثلون الشريحة العمريّة الكبرى في منظومة نسيجنا الاجتماعي والوطني.
فهذا هو (محمد بن سلمان) الذي نعرفه ويعرف أبناء الشعب السعودي قصص مثابرته ونجاحه وتفوّقه ونشأته وتربيته في كنف من تكحلّت المآقي بإدارته وقيادته وتعطّرت المسامع وشنّفها حديثه المعرفي الواسع بالتفاصيل كافة هذه المعرفة الممزوجة بأريج المجد وعبق التاريخ.
هذا (محمد بن سلمان) الذي نعرف جميعاً قبل أن تأسرهم تحرّكاته الدبلوماسيّة وروحه الوثّابة وحرصه الدؤوب على ترجمة الثقة الملكيّة والأبويّة الذي نالها من والدنا وقائد مسيرتنا وهي ما يمكن اعتبارها «بالثقل والأمانة العظيمة» هذا الثقل الكبير الذي لا يمكن ترجمته إلا برؤية صادقة وعميقة استطاع بإرادته أن يصنع معادلات جديدة وتوّقعات إيجابيّة أرحب، لمس الجميع أروع وأسمى مظاهرها وصورها وأشكالها لتصبح مثار إعجاب العالم ومدعاة ذهول مؤسسات إعلام الغربيين والأوروبيين في العديد من منابر الرأي والتأثير.
وبالوقت نفسه ندرك جميعاً مدى قدرة تلك المؤسسات والمنابر بالتأثير على المشهد السياسي الأمريكي ورأيه العام رغم ما تحظى به من هامش ٍ كبير بالحريّة والتعدديّة الفكريّة فلقد كانت ذات وقت خندقاً تنطلق منه «مظاهر الحرب المسعورة على المملكة «لاسيما بعد أحداث» الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر» عندما نجحت قيادتنا -ولله الحمد- في تجاوز ظروفها وتداعياتها.
رغم ما عانت منه المملكة حينها من ظلمٍ كبير وتجنٍّ سافر كاد أن يؤثر على علاقتنا التاريخية والدبلوماسية بالولايات المتحدة الأمريكية لولا حنكة وبُعْد نظر وسياسة «الرياض» الحكيمة والرزينة، ونجاح «البيت الأبيض بواشنطن» في قراءة الواقع الحقيقي لسياسة المملكة ومدى تأثيرها الإقليمي والدولي في حفظ الأمن والسلم الدولي، كل هذا كاد أن تؤثر فيه منابر الرأي الإعلامية رغم وجود الشراكات الاقتصادية وحجم التبادل التجاري الكبير.
وهنا تكمن صورةٌ من صور (التحوّلات الإيجابيّة) بالعالم التي استطاعت (المملكة) أن تملك من خلالها (أذكى أدوات التأثير السلسة والممتنعة التي تضمن تحقيق الثراء الدبلوماسي الكبير، والديموغرافيّة الشعبيّة المتناميّة لدى كافة الشعوب الجمهوريّة والديمقراطيّة.
فشكراً «ماستر توماس فريدمان» لصادق حديثك، الذي لم يكن مفاجئاً لنا كمواطنين وشعبٍ يدرك قيمة ولاة أمر بلاده الطاهرة والمقدّسة.
بل تأكّد - يا (فريدمان) وأنت تقترب باسمك من كلمة (الرجل الصديق) أنّ هذا الوطن سيبقى دائماً بقيادته الحكيمة والرشيدة -أيدّها الله بنصره وسددّها- تلك القيادة التي لا تألوا جُهداً لخدمة شعبها والحرص على توفير أمنه واستقراره ورغد عيشه في موجٍ متلاطم من الصراعات الإقليمية والتحديّات الدوليّة، فلهم (الطاعة والولاء) وصادق الدعاء بدوام التوفيق والسداد.
فوطننا هو (موطن الإنسان، ومِشعل السلام، ومنارة العدل، وضوء الحب وشعاعه) لا يتغيّر له معتقدٌ مقدّسٌ وأصيل، ولا يتزعزع له ثابتٌ راسخ، وشعبه محبين للإنسان والسلام.
فما شهدت إلا بما علمنا فهنيئاً لنا بأميرنا المحبوب: (محمد بن سلمان) فهو (خيار الواقع والمستقبل) ذلك المستقبل الذي صاغ حروف مجده مدرستنا الإدارية الرائدة بالمملكة العربيّة السعودية تلك المدرسة التي تتولى قيادة بلادنا فهي خير من يعرفنا، ويعرف حبنا وظروفنا وآمالنا وتطلعاتنا وهو (سلمان بن عبدالعزيز) الذي تتقزّم الكلمات لذكر مآثره وشمائله الطيّبة وحبه الشديد للخير وغيرته على عقيدتنا الإسلامية السمحة وولي عهده وعضده الأمين، وسور وطننا وحصنه الحصين سمو الأمير (محمد بن نايف بن عبدالعزيز).
لم نعتَد بكثرة قراءة (التايمز) لكننا نسعد كثيراً عندما نجد ما بين صفحاتها ما يثلج الصدر ويسعد الخاطر من خلال تلك الومضات المضيئة والقراءة الموضوعية عن بلادنا وقياداتها) وتناوله بالحديث عن شخصية وقيادة ولي ولي العهد الأمين أميرنا الغالي والمحبوب (محمد بن سلمان) نحن نثمّن ونقدّر -كمواطنين وقرّاء ومثقفين- كافة الصحف العالميّة ومنابر التأثير الدولي التي تلتزم بأرقى المعايير المهنيّة وتنأى بنفسها من أن تصبح بوقاً لكل عقليّة منحرفة أو فكرٍ أجوف أو الدخول في لعباتٍ سياسيّة قذرة.
أمّا فخرنا واعتزازنا بسموّه الكريم - فهو (فخرٌ واعتزاز بلا حدود) قبل أن تُسلَّط عليه الأضواء الدوليّة، ووكالات الأنباء، وكاميرات وشاشات التلفزة العالميّة، وتتبّع أخباره ورحلاته المكوكيّة نحن على يقينٍ تام بثقة مليكنا المفدّى، وعلى يقينٍ أيضاً بأنّنا (أمام نموذجٍ إداري جديد) قادر على امتلاك إعجاب وتقدير الكثير من زعماء العالم.
فهنيئاً لنا.