عادل الشبحي
نشأت الحركة الحوثية في صعدة شمال اليمن أثناء حكم نظام علي عبدالله صالح، وتحديدا في العام 1991م على يد حسين بدرالدين الحوثي على أسس طائفية عابرة للحدود معتمدة على عدة أمور، منها الجهل والإرث المذهبي وحماس الشباب باسم مناهضة المشروع الغربي والفساد.. رفعوا شعار الموت لأمريكا والموت لإسرائيل ليكن مدخلا ومنطلقا لهم لموت اليمنيين.
تغيرت تسمياتهم عدة مرات حسب رؤى من يمولهم إلى أن استقروا على أنصار الله على غرار حزب الله في لبنان الذي هو أيضا أحد مليشيات إيران في المنطقة.
دخلوا في حروب مع النظام السابق لم تكن بنية الحسم من قبل رأس النظام، حيث عرفت هذه الحروب أن معظمها تنتهي قبل الحسم باتصال تلفوني من صالح.. كان صالح في كل مرة يعفو عن الأسرى بل ويكافئ أسرة كل قتيل بعشرة أضعاف شهداء الجيش..
كانت الحرب الأولى الخسارة الكبرى لهم التي انتهت بمقتل زعيمهم حسين بدرالدين الحوثي.. بعد أن حاول صالح إنقاذه من قذيفة قائد الحملة العسكرية حينها التي احترق بها داخل كهفه في جبال مران...
لعب صالح بأسلوب غير أخلاقي مع اليمنيين ولم يكن صادقا في حكمه وحربه فهو من كان يعتمد لهم التمويل المالي منذ نشأتهم وبعد كل حرب كان يلتقي بهم ويكرمهم بالأموال ومع مرور الزمن اتضح للكثير محاولة استغلال مساعدات الخارج تحت ذريعة محاربة الحوثيين بسبب خروجهم عن الدولة وتمردهم وإعلانهم الحرب عليها خدنة لمشروعهم الموالي لإيران.
كان حاكما غير ذي عهد وجارا لا علاقة له بروابط الجوار... صالح لم يكن رجل دولة بقدر ما كان يحكم اليمن بفكر العصابة فقد بنى جيشا مظللا لخدمته وعائلته ولم يكن جيشا وطنيا.. سخر مقدرات الدولة له ولعائلته والمقربين منه والحاشية من حوله والمرتزقة الذين كانوا يعيشون على ما يقدمه لهم من مخصصات من المال العام... خروج ثورة الشباب في 2011 للتغيير كان مرحلة فارقة في مسيرة الحوثيين الشيطانية فهم من استغلوها بتواجدهم في ساحات صنعاء ثم كان لهم الحضور السياسي الأول في مؤتمر الحوار الذي أحدثوا فيه على مدى 10 أشهر ضجة سياسية وإعلامية انتقلوا بها من وضع الهروب والتواجد بالكهوف إلى التواجد على الخارطة السياسية اليمنية بأكثر مما كانوا يتوقعون..
انتزعت الحركة الحوثية اعترافا من المكونات السياسية بخطأ الحروب الستة عليهم واعتذارا لهم أسوة بالقضية الجنوبية التي لا يختلف على مظلوميتها اثنان...
كل التحولات المتسارعة التي مرت بها تلك الحركة كانت بمساهمة ومساعدة مقصودة وغير مقصودة من المكونات السياسية في اليمن.. ولأن مطامع الحوثيين ومن ورائهم الدولة الفارسية كانت كبيرة وتوفر البيئة والحاضنة لهم وفكرهم فقد عملوا على إقامة تحالفهم مع المشروع الانتقامي لصالح من كل اليمنيين فكان بداية رسم ملامح تحالف الشر والفساد...
استغلت إيران الفساد السياسي والإداري والمرحلة الانتقالية وبتسهيل من هذا الجيش الموالي لصالح بمدهم بالسلاح عبر السفن المتتالية التي كانت تصل إليهم عبر ميناء ميدي في البحر الأحمر وبلحاف في شبوة مستغلين تعاون كثير من قادة الجيش والأمن والسلطة الذين يوالون المخلوع صالح.
بدأوا بالحرب على طلاب المدرسة السلفية في دماج وإعلان طردهم من صعدة بخطاب كاذب وعنصري واستمرت الحرب أكثر من مئة يوم تم فيها حصار هؤلاء الطلاب وأسرهم داخل مربع دار الحديث هناك..
حيث كان موقف الأحزاب والسلطة بعيدا عما كان ينبغي أن يقفوا فيه كون تلك الجماعة لا تقم مقام السلطة.. انتهت هذه الحرب بتهجير عنصري لطلبة دار الحديث إلى خارج صعدة دون الوفاء لما التزمت لهم به السلطة وبمشاركة من إعلام المخلوع رغم خطاب أولئك الطلبة وشيخهم الحجوري الموالي له طوال حكمه من مبدأ شرعي لديهم...
بعد هذا النصر الذي حققته هذه الحركة بدأت مشاركة بعض قوات صالح معهم في حربهم التالية مع لواء القشيبي جناح الإصلاح العسكري في عمران الذي تخلى عنه قائده ووزير الدفاع الموالي لصالح وانتهت تلك الحرب بمقتل القائد القشيبي والسيطرة لهذه الجماعة على محافظة عمران معقل شيوخ آل الأحمر.. مرت المعارك بتفجير الحوثيين لكثير من دور التحفيظ والمساجد وبيوت الخصوم وهو تكتيك تعتمده تلك الحركة في كل منطقة تستولي عليها وذلك لإخافة شيوخ وشخصيات المناطق الأخرى وهو أسلوب انتهجته الحركات المذهبية التي تعتبر الحوثية مقلدة لها في تلك الأعمال..
كل ما تم كان بحضور ممثل الأمم المتحدة جمال بن عمر ومباركة واستسلام من قبل الأحزاب الكبرى في اليمن ممثلة بحزبي الإصلاح والاشتراكي كأكبر الأحزاب بعد حزب صالح المؤتمر الشعبي العام.. وبعد إعلان الجرعة السعرية وزيادة أسعار المشتقات النفطية التي أعلنتها حكومة باسندوة وجدت تلك الجماعة سببا وعذرا جديدا وبمشاركة فاعلة من قبل مؤيدي المخلوع صالح وحزبه وقواته العسكرية تم حشد المتظاهرين والمعتصمين في شارع المطار بصنعاء ينادون بإسقاط الحكومة وحشد قواتهم ومسلحيهم على أطراف صنعاء ثم الإعلان عن خطوات متقدمة بالسيطرة على صنعاء دون أي مواجهة من قبل قوات الفرقة الأولى ووزارة الداخلية التي كانت لا تخضع كثير منها لهم وحليفهم صالح...
تمت السيطرة على العاصمة ومقرات الدولة هناك ومنها دار الرئاسة وأبقوا هادي فيه وتم التوقيع على ما سمي باتفاق السلم والشراكة تحت هذه الظروف غير العادية وللأسف أيضا بحضور ومباركة جمال بن عمر ممثل الأمم المتحدة في اليمن وتم بعد ذلك إرسال مندوبيهم وبعض الأطقم العسكرية إلى بعض المحافظات الشمالية لاستلامها..
لم يكن الأمر مقبولا لهادي وبعض القوى المحلية والإقليمية.
ولأنهم يسارعون في تحقيق أطماعهم طلبوا من هادي التوقيع على تعيينات لأكثر من 200 شخصية لهم في وظائف عليا بالدولة وهو ما كان السبب في وضع هادي في المعتقل بعد رفضه كل تلك التعيينات واشتباك مسلحيهم مع حراسة القصر الرئاسي انتهى باعتقاله بعد تقديم استقالته بعد استقالة حكومته بيومين وكذلك اعتقال الحكومة في صنعاء بطريقة لا تقوم بها إلا عصابات، حيث أعلنوا انقلابهم على الحكم بعد إصرار الرئيس هادي على عدم العودة عن الاستقالة وأسموه بالإعلان الدستوري الذي عطلوا به الأحكام بالعمل بالدستور السابق وشكلوا ما سموها باللجنة الثورية التي يترأسها ابن عم زعيمهم وهو لا يحمل أي مؤهل علمي أو معرفي ولم يسمع به أحد من قبل سوى امتهانه لبيع القات في أحد الأسواق اليمنية وعضوية 15 آخرين..
رغم اختلافهم مع حزب المؤتمر في طريقة إسقاط شرعية الرئيس، حيث كان المؤتمر أكثر خبثا وذكاء منهم ولكنهم لم يفعلوا بما طالب به المؤتمر خوفا من عدم منحهم ما يريدون ولعدم وجود ثقة بين الطرفين.. حيث طالب المؤتمر بعقد جلسة للبرلمان وقبول الاستقالة وهو ما كان سيقطع الطريق على هادي من طلب دول التحالف التدخل لإنقاذ اليمن منهم بعد أن تمكن من الهروب من قبضتهم والعودة عن الاستقالة وإعلان عدن عاصمة مؤقتة لليمن.
اتفق الحليفان عبدالملك الحوثي والمخلوع صالح على الحشد وإعلان الحرب على الجنوب تحت عدة مبررات مختلفة بينهما، فالحوثي أعلن أن الحرب ضد ما يسميهم الدواعش والإرهابيين وصالح يعلنها ضد الانفصاليين الجنوبيين.. ثم تسارعت الأحداث وحذرت المملكة العربية السعودية من هذه الخطوة لكنهم تجاهلوا وبدأوا الحرب على الجنوب وفي نفس الوقت يقيمون المناورات على الحدود..
حتى اتخذت المملكة العربية السعودية ومعها دول التحالف قرارها الشجاع والتاريخي بالتدخل العسكري استجابة لطلب الرئيس الشرعي لليمن.. وهو القرار الذي أعاد للعرب قوتهم أمام التهور الفارسي والمد الصفوي. وهاهي الانتصارات التي تحققت في عدن على أيدي المقاومة الجنوبية بالتنسيق والدعم والمساندة من قبل طيران التحالف بعد أن انتصرت الضالع وتم تحرير المحافظة من تلك القوات الغازية والمعتدية التي عملت المقاومة مع قيادة التحالف على تنسيق عمل عسكري احترافي ليكون تحرير عدن بوابة لانتصارات كبرى بدأت بالتحرير والسيطرة على قاعدة ومعسكرات العند الاستراتيجية بخطة محكمة وعملية نوعية، حيث تم تأمين غطاء جوي والتفاف بري من عدن من الاتجاه الغربي ومحاصرة الحوطة من جميع الجهات وهو ما سهل على المقاومة من السيطرة عليها بأقل خسارة..
ومن الطبيعي بعد تحرير محافظة لحج التفكير في مهاجمة تلك القوات في محافظة أبين من عدة جهات. وللأسف تغامر تلك الجماعة ولا تدرك مصيرها ومقاتليها وبنفس جودة العمل العسكري السابق الذي اتبع في تحرير عدن ولحج استمرت المقاومة مسنودة بالطيران والبحرية التي قامت بعمل متقن في ضرب مراكز وأوكار تلك القوات حتى تمت السيطرة على مديريات محافظة أبين لتكن الوجهة محافظة شبوة التي ما أن بدأت قوات المقاومة بالتحرك صوب المحافظة حتى أعلنت قوات الحوثيين والمخلوع صالح هروبهم من المحافظة وإعلانها محافظة محررة..
تلك الجماعة التي استمرات إسقاط مدن الشمال اليمني مدينة تلو الأخرى باستثناء مأرب المحافظة الوحيدة التي لم تسقط بيدهم فإن البيضاء قد شهدت حربا ضارية كانت الغلبة فيها للحوثيين المسنودين بالجيش والحرس العائلي.
وانتفاضة محافظة تعز بعد أن سيطروا عليها ولكنها وبسبب التركيبة السكانية المختلفة مع فكر هولاء الغوغاء والموالين لإيران ظهرت مقاومة منظمة وأعلنت عن نفسها مقاومة ترفض تواجد تلك القوات في مدينتهم لكنها مقاومة لا تتناسب وعدد سكان المحافظة الأكبر في اليمن من حيث عدد السكان..
شكرا لكل دول التحالف على كل ما قدمته في هذه الحرب.
شكرا لعدن وأهلها الذين تحملوا كثيرا من ويلات الحرب قتل وقنص وقصف وحصار ودمار ووباء..
شكرا لرجال المقاومة الجنوبية في عدن ولحج وأبين والضالع وشبوة وحضرموت الذين كانوا أصحاب عزيمة وإصرار..
سيكتب التاريخ بداية النهاية للمد والشغب الفارسي في عدن وبقرار شجاع من الملك سلمان وبمشاركة فاعلة من دولة الإمارات وبعض الدول العربية والإسلامية.