علي بن سعد المالكي ">
لا حول ولا قوة إلا بالله، فقد أصبحنا اليوم في زمن ظهر فيه الكثير من البدع والغرائب والفتن في أوساط مجتمعنا المسلم للأسف الشديد من بعض القاصرين فكرياً وعقلياً الذين يطلق عليهم في المجتمع بـ (المهايطين) وهم يتباهون ويستعرضون بالإسراف في النعم، ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، فقد أصبح الغرور والتباهي بالنعم مؤشراً يدق ناقوس الخطر، فما نراه اليوم من مناظر ومن مقاطع تتداول ما بين الحين والآخر على مواقع التواصل الاجتماعي يحزن لها القلب كثيراً ويندى لها الجبين في أمة مسلمة من بعض الحمقى وضعاف النفوس من هؤلاء الناس الذين لم يقدّروا تلك النعمة التي أنعم الله بها عليهم والتي لا تعد ولا تحصى، فأصبحت في أيدي من لا يقدرها ولا يحترمها من الجهلاء والمتغطرسين فقد رأينا البعض في تلك التصرفات المشينة التي لا يقرّها دين ولا عقل تتداول عبر الجوالات حتى أصبحت تسبب الاشمئزاز والمضايقة لمن يشاهدها لما فيها من التجاوزات والتمادي في الخروج عن المألوف في آداب الضيافة والكرم المحمودة حتى أصبحنا نشاهد أشياء دخيلة لم نكن نتوقعها في مجتمعنا المسلم لا ترضي الله ورسوله (صلى الله عليه وسلم) وديننا الحنيف أمرنا بعدم الإسراف والتبذير ونهى عن ذلك الغلو الممقوت فالكرم اشتهر به العرب منذُ القدم وهو صفة حميدة ومحببة إلى النفوس، فالكريم هو من يعطي وينفق ويتصدق ويغيث الملهوف ويطعم الطعام ويكفل اليتيم ويقضي للناس حوائجهم ويعين الفقراء والمعوزين وينفق أمواله في سبيل الله ومن يخرج زكاة أمواله الكريم بأخلاقه وأدبه فطوبى لمن كانت تجارته مع الله، وقد خاب وخسر من تعالى وتغطرس وتباهى بالنعم فقد وضع هياطه في غير نصابه الصحيح وأخطأ الطريق حتى يقول عنه الناس ما يقولون ولكن ما هكذا تورد الإبل، فدهن العود لم يكن مخصصاً لغسول الوجه واليدين، ولا الفلوس فئة الخمسمائة ريال لم تكن في يوم من الأيام بديلة للهيل لشربها مع القهوة أو استخدامها بديلاً للبيز في صب القهوة ولم نر في يوم من الأيام أو نسمع أنها تقدم وجبات مكان البرسيم غذاء للجمال والعياذ بالله، هل وصل الحال من السفاهة بهؤلاء المرضى إلى هذه الدرجة من الكفر بنعم الله والعياذ بالله؟ قال تعالى: كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى أيضاً من باب (الهياط) والتفاخر رأينان يجلس على صحن المفطح لوحده لا أدري هل هو الشعور بالنقص في أشياء معينة أو أنه الخيلاء والغرور والتكبر قال تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا تصرّف ينم عن جهل وعدم إلمام بالأحكام الدينية، لماذا هذا الإسراف واللعب بالنعمة؟ مسلمون لا يجدون ما يأكلون يتضورون جوعاً من الفقر وحياة الخوف التي يعيشونها وهؤلاء يعيشون في أمن وأمان ورغد من العيش ولا يشكرون نعم الله عليهم قال تعالى: وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ سوف تسألون وتحاسبون أمام الله على كل ما تفعلونه بغير وجه حق فالله يمهل ولا يهمل وقد سمعنا عن قصص الذين كفروا بنعم الله من الأقوام السابقة وكيف حل عليهم غضب الله وعقوبته بهم ورأينا كيف كان الرخاء يعم بعضاً من تلك الدول من رغد في العيش وكيف كانت أراضيهم أنهاراً وبساتين وارفة وماذا فعلوا بتلك النعم حتى أصبحوا على ما هم عليه اليوم من فقر وخوف يبحثون عن رغيف الخبز فلا يجدونه بسبب عدم تقديرهم واحترامهم لتلك النعم والحياة الكريمة التي كانوا ينعمون بها كما في قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ، زمن كثر فيه (الهياط والمهايطين) رأينا من قبل كيف أوصلوا أسعار الخراف والطيور والجمال إلى أسعار خيالية غير مبررة إطلاقاً فما يقوم به البعض اليوم ما هو إلا امتداد لمن سبقهم في هذا الهياط المتوارث. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيئاً، فالواجب علينا جميعاً التصدي والوقوف لهذه الظاهرة وبكل صرامة في وجه من يقوم بمثل هذه البدع والخزعبلات ونبذة من المجتمع وعلى مشايخنا ودعاتنا الفضلاء وأئمة المساجد والجوامع ووسائل الإعلام يقع الدور الأكبر في توعية الناس وتوضيح خطر ما يقوم به هؤلاء السفهاء من الناس من تصرفات مرفوضة يجب محاربتها بشتى الوسائل قال تعالى وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ نعوذ بالله من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن ونسأل الله ان يهدي ضال المسلمين.