د. خيرية السقاف
ما سيقولون عنك, إنه يقلقك كثيراً..
لكن ما الذي ستقول عن نفسك حين تضعها من أجلهم موضع قلق عندك حين تعي..؟!
أنت باذل لرأي الناس فيك أكثر مما تبذل من أجل ذاتك عنك..!
فإن أكلت فإنك تفعل لأن الناس تأكل..
والأكل كثير منوَّع, ليس بالضرورة أن يكون طبقاً من طعام, وفاكهة, وخضرة من شجر تلتهمه بفمك!!
فالأكل كثيره يفضي للتفكر في قليله؛ لأن كثيرَه مضرٌّ, وغير مجدٍ, وقليلَه يفتح الشهية لا يصدها..!!
باب للأمراض, وأي أمراض..!!
أضيقها كمين, وأوسعها مزالق خطيرة..
مقلقة, مقلقة..!
وإن لبست فإنك تفعل ما يرضي ذوقهم، لا ما يناسب قناعة العقل, موئل الوعي..
واللبس ليس يقف عند خزانة من خِرَق قماش, نسيجها من حرير, أو قطن, أو خيوط ذهب, أو نحو المعروف من المضاف, والمصنَّع, والمحاك على هيئة الجسم وإن كان من جلد, وورق..!!
لكنه ينفرط فيلحق كل جزء يُتغَطَّى بلبس..
حتى النية في الصدر, والمقصد في الرغبة, والمسلك في المشي..
لأنك لا تقلق من أجل ذاتك إلا حين ترغب في رضا الناس عنها..
ولأن رضاك عنها يتمحور عندك أن تكون في مرتبة عليا عندهم..
فتتقدم بها صدارة المُلفت, تحظى ببسمات الإعجاب, ودهشات التعجب..!!
يا لغرابتك يا إنسان..
في ظاهر اللبس كيف ترى نفسك وجسدك يرتدي الممزق, والشفيف, والمقزز, والغريب الهاتك براءة الحياء, وذوق الجمال..؟
حتى القبعات التي تصد بها الريح والمطر والغبار, إن لم تكن على مقاس رأسك فإنك تفرغه من عقلك..
وفي ظاهر الأكل كيف تجد نفسك وأمعاؤك تلتهم ما يضرك, وتؤوي ما يفسد عليك عافيتك, ويذهب عنك صحتك..؟!!
إذ حتى الألوان التي تغريك لالتهامها, فتبهج ذائقة لسانك, إن لم تخلُ مما يؤذيك فإنك تملأ معدتك من سلامتك..
أفلا تُقصي ما يقول عنك الناس فيما تأكل, وفيما تلبس؛ لتبرأ بوعيك إلى وعيك..؟!
فالناس حين تقع لن يقعوا معك..
إنهم لا يمرضون مرضك..
ولا ينتشلونك من سقطتك..
وحدك من يبوء بقلقه..!!