مساعد بن سعيد آل بخات ">
اختلف بعض الصحابة في مسألة ما، فأستشهد بعضهم على أقوال وأفعال لأبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، فقال لهم ابن عباس رضي الله عنه: (أقول لكم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقولون: قال أبي بكر وقال عمر!!).
فإن كنا لنعجب في هذا الموقف السابق من استشهاد بعض الصحابة بأبي بكر وعمر وليس بالنبي صلى الله عليه وسلم، مع العلم بأنهما خير رفقة للنبي صلى الله عليه وسلم ويُعدان من العشرة المبشرين بالجنة.
إلا أنه ليزداد عجبنا من استناد بعض أفراد المجتمع على أقوال وفتاوى بعض الأشخاص لأنها تخدم مصالحهم، ومتجاهلين بذلك ما نزل به الوحي من القرآن الكريم وما جاءت به السيرة النبوية، والتي ينبغي على كل مسلم ومسلمة أن يعتمد عليهما كمصدرين ثابتين للعلم والمعرفة التي طالما بحث عنهما الإنسان لكي يتعايش مع أفراد مجتمعه في جوٍ مليءٍ بالحب والتعاون على التقوى.
فالملاحظ في وقتنا الحالي.
استعمال بعض الناس ممن يملِكون أحقية إصدار الأوامر لميزانين مختلفين في الحكم على حالتين متشابهتين، مما يؤدي إلى تناقض الموازين (الكيل بمكيالين)، والذي يعقبه حضور الظلم وغياب العدل.
حينها ستتساءل ما الذي قد يدفعه لذلك؟.
يحصل هذا الأمر غالباً عندما تدخل العاطفة في الحكم على الآخرين دون أن يعيّ مرتكب هذا الخطأ إلى ما يقع فيه من التناقض.
فنجد من يكيل بمكيالين يستند على صحة رأيه الشرعي بقول أحد الأئمة المتأثر بهم أو بقول العالم الذي يميل له، مبتعداً بذلك عن الاستدلال بكتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي حقيقة الأمر ..
يُعد الكيل بمكيالين من أنواع الظلم الذي قد يتعرض لها الإنسان، وقد بدأ الله عز وجل في سورة المطففين بإعلان الحرب على الذين يبخسون حقوق الناس في الكيل والوزن عن الواجب لهم من الوفاء، في قوله تعالى: وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ .
فإذا أردنا أنْ نحقق الأمن والاستقرار لأفراد المجتمع فينبغي أن نُطبق (العدل) بالعمل به، وليس بالمناداة به فقط.
إن العدل قيمة أخلاقية سامية اتصف الله سبحانه وتعالى بها في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ .
ولنا في قصص النبي صلى الله عليه وسلم خيرُ شاهدٍ على تطبيقه للعدل ولو على نفسه، ففي غزوة بدر قام النبي صلى الله عليه وسلم يسوي صفوف المسلمين وكان معه سهم، فرأى رجلاً اسمه (سواد بن غَزِيّة) قد خرج عن الصف، فوضع سهمه في بطنه، وقال له: استوِ يا سواد، فقال: يا رسول الله أوجعتني، وقد بعثك الله بالحق والعدل، فكشف رسول الله عن بطنه، وقال: اقتص مني، فأقبل سواد على رسول الله واعتنقه وقبَّلَ بطنه، فقال له رسول الله: ما حملك على هذا يا سواد، فقال: أردت أن يكون آخر عهدي بك أن يلمس جلدي جلدك، فدعا له رسول الله بالخير.
حكمة .. العدل ميزان الله في الأرض.