د. محمد بن راشد الهزاني ">
إن الِقيَم التي يحتاج إليها الفتى المسلم أو الفتاة المسلمة، قد فُقِدَ منها الشيءُ الكثير لدى البعض.
إن الفرد المسلم، والعربي، والسعودي بالذات له صفاته التي يجب أن يتحلى بها، سواء في انتمائه إلى دينه -باعتدال- بعيداً عن الغُلوّ وبعيداً عن التقصير، منتهجاً الوسطية كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}.
وسواء كان ذلك بولائه الصادق المخلص لقيادته وولاة أمره الذين اصطفاهم الله من فوق سبع سموات، وجعلهم خلائف في الأرض، وأوجب طاعتهم، وقرنها بعد طاعته -سبحانه وتعالى-، بطاعة نبيه صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْر مِنْكُم}.
وسواء كان ذلك بالانتماء إلى بلده ووطنه، بلاد الحرمين الشريفين، مهد الوحي، ومنبع الرسالات، والهداية للعالم، بالمحافظة على مقدراتها، وممتلكاتها، ومكتسباتها..
وسواء كان ذلك بالانتماء إلى منظومة الوطن الأمنية، واستشعار أن المواطن هو رجل الأمن الأول كما أكد على ذلك صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز -رحمه الله-.
وسواء كان بالاعتراف بميزة هذه البلاد، في أمنها، وخيراتها، ومتانة العلاقة بين الراعي والرعية، والتي تمثلت صوره في كثيرٍ من المواقف التي نراها من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -أدام الله عزه ونصره- أو من سمو نائبه ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية، أو من سمو ولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز وزير الدفاع، أو غيرهم من أمراء المناطق الذين يشاهد كل إنسان في منطقته استقبالاتهم للمواطنين يومياً -وجهاً لوجه- يستمعون إلى شكاوى المواطنين والمقيمين..، بل ويلتقون بهم في مجالسهم الخاصة على مائدة العشاء أسبوعياً.
وسواء كان ذلك في احترام الأبوين والبرِّ بهما وإعطائهما حقهما من التقدير والرعاية والاهتمام، لأن الله -سبحانه وتعالى- قَرَنَ حقهما بحقه -جل وعلا- قال تعالى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}.
وسواء كان ذلك بصلة الرحم (المعلقة بالعرش) أو بحق الجوار ومساعدة اليتيم والأرملة والمحتاجين.
وسواء كان ذلك في الاهتمام بالنظم التي تحافظ على أمن البلاد، أو نظافتها، أو أنظمة المرور، وغيرها من النظم التي تشكل شخصية الإنسان المنضبط اقتداء بدينه، وتنفيذا لتعليمات بلاده.
وسواء كان ذلك في التوعية بالخطر الذي يمكن أن يفد إلى الفتى أو الفتاة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، أو وسائل الإعلام ونحو ذلك.
وسواء كان ذلك من خلال التوعية الصحية بالغذاء الجيد المفيد، وفق القواعد الصحية لطريقة الأكل وآدابه، سواء في المنزل أو خارجه، مع الأهل أو مع الضيوف، والآداب الإسلامية العربية التي تؤصل الاعتدال بعيداً عن الشح وعن الإسراف.
وسواء كان ذلك في ثقافة احترام الرأي الآخر، وأن إبداء الرأي لا يعني تصدير الرأي الآخر بل لابد من احترامه.
وسواء كان ذلك في ثقافة قبول الآخر والنقاش معه، حتى ولو اختلف معك في الدين، اقتداءً برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد كان غلامُه يهودياً، واليهود موجودين بين ظهراني المسلمين، فلم يخرجْهم الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولا أبو بكر، إلا عمر حينما نقضوا العهد.
وغير ذلك من القيم التي يجب أن يتعلمها الطالب أو الطالبة في مختلف ِسنيّ الدراسة، مثل ثقافة الدفاع المدني، المحافظة على البيئة، ثقافة احترام الكبير، سواء في ِسِّنه، أو علمه، أو مكانته..
هناك ِقَيمُ كثيرة جداً.. أحسب أن وزارة التعليم قادرة -بإذن الله تعالى- أن تُعيد للطالب أو الطالبة ما فُقِدَ من قِيمٍ -بسبب المؤثرات العالمية المعروفة، التي أَثّرت على البعض-، وذلك من خلال تدريس مادة (الِقيَم) في مختلف مراحل التعليم بحيث تسدُّ ما تصدّع من بنية التعليم، وتعيدُ له رسالته الحقيقية في بناء المواطن المؤمن بدينه
-باعتدال- (لا إفراط ولا تفريط)، والمؤمن بوجوب الولاء لولي الأمر -ديانةً لله سبحانه وتعالى-، ومحبةً لوطنه، وتنفيذاً لنظمها وتعليماتها.
فالطالب والطالبة بحاجة إلى قيم -معتدلة- (دينية، وسياسية، واجتماعية، وتربوية، وصحية..)، يتم تقييمها كغيرها من المواد الدراسية الأخرى.
ومادة «الِقيَم» هذه.. أشمل من مادة «التربية الوطنية» التي وُئِدَت، ولا أَدري بأي ذنب دمجت؟!!
- رئيس مركز الدكتور محمد بن راشد الهزاني للاستشارات الشرعية والقانونية والمحاماة - مستشار - سابق - بالديوان الملكي