إضاءة على النص:
قد يتغلغلُ الحزنُ في أعماقِ قلوبِنا،ومساحاتِ حياتِنا حتى لا يتركَ للنورِ بصيصًا في زوايانا، ولا يدعَ لأريج الورد حريةً للتنقل بين حنايانا.
وإذا لم نسيطر على ذلك الزحف الطائش والظلام الكالح، ونهاجم وطأته،ونخفف حمأته ؛
فلن نستمتعَ بربيعِ السعادةِ التي حبانا الله إياها،ودعانا للعيش في جنَّاتِها،وسيكونَ للشيطانِ الأملُ العظيمُ في إثارةأحزانِنا، وسجنِ أحلامنا.
ونحن -معاشرَ الشعراءِ - ندعوكم لِمنعِ قلوبكم من المكوث في دياجير يأسنا،والانطلاق نحو الربيع الذي تُغَنِّي به كلماتُنا، لتعيشوا جنةَ السعادةِ في عُمُرِكم المديدِ - بإذن الله تعالى-.
أَمْطَرْتُ مِنْ لَهَبِ الإِحْسَاسِ قَافِيَتِي
فَذابَ سَعْدِي على أَنَّاتِ باكيتيْ
وَرُحتُ أجمعُ أنفاسَ الجِرَاحِ على
عِقدٍ من البوحِ مَلْفُوْفًا بِأرْدِيَتِيْ
عَانَقْتُ من لَوْعَةِ الأشْعَارِ جَمْرَتَها
وَبُحْتُ بالحُزْنِ حتى أَقْفَرَتْ لغتيْ
ضَيَّعْتُ عُمْرًا بأحلامِ الشبابِ وفي
مَجَاهِلِ الوَهْمِ قَدْ أَطْلَقْتُ أشرعتيْ
حتى اكتوى بِلَهِيْبِ المُبْكِيَاتِ دَمِي
وَغَالَنِي الهمُّ واستشرى بأوردتيْ
الشِعْرُ عندي لأنْسَامِ الصَّبَاحِ لَظىً
يَسُوْقُهَا لِلَهِيْبِي وهي مُبْغِضَتيْ
بنيتُ لمَّا أقامَ الحزنُ في وَجَعِي
بيتًا من الكَربِ محْفُوْفًا بأقبيتي
وَرُحْتُ أرعى ذِئابَ الهَمِّ فَاجْتَرَأَتْ
على الحقولِ وألْغَتْ رَقْصَ أُغْنِيَتِيْ
فَصِرْتُ في ظُلْمَةِ الآلامِ أغرقُ في
صَمْتِي وَتَخْنُقُ أوهامُ الكرى شَفَتِيْ
نَبْكِي ومن أَلَمِ الشعراءِ مَا قَرَأَتْ
مِنْهُ الهُمُوْمُ حروفَ الحُزْنِ في عِظَةِ
لا تَقْرَؤُونِي فبعضُ الشِّعْرِمن نَزَقِي
وَبَعْضُهُ مِزَقٌ من نَزْفِ تَجْرِبَتِيْ
لا تَقْرَؤُونِي فَإِعْجَامُ الكلامِ غَدَا
ثوبًا لِخفقي وَعُنْوَانًا لأمْسِيَتِيْ
لا تَقْرَؤُوا لُغَةَ الآلامِ إِنَّ لَهَا
سوطًا مِن النارِ يُشْقِي كلَّ نَاصِيَةِ
تُبْقِيْ الفؤادَ سَقِيْمًا لا يرى أَمَلًا
والعيشُ يَبْدُو قبيحَ الحِسِّ والصِّفَةِ
والعمرُ يَجْرِي وقد جَفَّ الهناءُ بِهِ
والكَربُ يَجْعَلُهُ قبرًا بزاويةِ
لو يَجْمَعُ العيشُ أشْجَانَ القلوبِ غدا
مُكَبَّلَ الحِسِّ لا يأوي إلى سِنَةِ
لا تَأْخُذُوا الشعرَ عن دَمْعِي ولا تَقِفُوا
عند القوافي التي تجري بألويتيْ
وَحَرِّرُوا لُغَةَ الأشْعارِ مِنْ ظُلَمٍ
يُحِيْلُهَا الْيَأْسُ جِسمًا ضَامِرَ الرِّئَةِ
زُوْرُوا القريضَ الذي حَلَّ الربيعُ بهِ
ورافقوه ولا تَبْقَوْا بأوديتيْ
وَحَلِّقُوا في سماءِ الْخَيْرِ واتَّخِذُوا
مِنْ فَرْحَةِ العُمْرِ عُمْرًا مُشْرِقَ السِّمَةِ
أَحْيُوا ابتساماتِ أيامِ السلامِ فَقَدْ
كانَ الصَفَا جَنَّتِي والسُحبُ مُلْهِمَتِيْ
خُذُوا من الصبحِ إشراقَ الحياةِ فَمَا
مَعْنَى الصباحِ إذا لمِ يأتِ في دَعَةِ!
وعلموني من الأشعارِ أجمَلَها
وَلَقِنوا لُغَةَ الآمالِ أُمْنِيَتِيْ
زوروا القِفَارَ التي أَبْكَيْتُها زَمَنًا
وصافِحُوْهَا بِزَهْرٍ فوقَ أتربتيْ
وقابلوني بروضِ الصَّفْوِ إِنَّ لَنَا
في واحةِ الحُبِّ وعدًا عند ساقيتيْ
نحيا بما أنعمَ الرحمنُ في غَدِنَا
ونحتَمِيْ بِوعود الله في ثِقَةِ
وَنَعْبُرُ العُمْرَ شَوْقًا لِلْجِنَانِ فَمَا
هَذِيْ الحياةُ حَياةُ الخُلْدِ والسَعَةِ
نَنْسَى هُنَاكَ بِجَنَّاتِ النَعِيْمِ أَسَىً
وَنَسْتَرِيْحُ بِدَارٍ غَيْرِ فَانِيَةِ
للشاعرة/ أميرة بنت محمد بن سعيد صبياني - الطائف