فهد بن أحمد الصالح ">
رفعت الأقلام وجفّت الصحف واكتمل عقد المجلس البلدي بالأعضاء المنتخبين والمعينين وبدأت أحلام الناخبين وتطلعاتهم ومقترحاتهم تتشكل في عدة صور يحدوهم الأمل إن تكون الدورة الثالثة دورة نخبوية وذات إنتاج وعطاء يختلف عن الدورات السابقة ويخدم فيه الوطن والمواطن وتستخدم فيه الموارد المالية أفضل استخدام وتتشكل فيه أولويات العمل البلدي حسب درجات أكثر المنفعة أو اقل المضرة. ولا يشك ذا لب أن من ترشح أو عُيّن أنه غير سعيد بهذا التشريف والتكليف، بل تجاوزه إلى الفخر بخدمة مدينة ومواطنها من خلال هذا المجلس. كذلك نكاد نجزم أن جميع الأعضاء رغبوا في دخول هذا المعترك من باب المسؤولية الاجتماعية الفردية والجماعية تجاه رفعة الوطن ومصلحة المواطن كذلك لا نشك مطلقاً أن العمل سيكون لمصلحة العامة وليس للمصلحة الخاصة لأن الأوطان والأهداف لا تتشكل إلا للعموم وبالعموم ولا تُقام المجالس والهيئات ومؤسسات المجتمع المدني إلا لتحقيق ذلك، كما أن الوصول إلى هذه الدرجة من الثقة للعضو المنتخب أو العضو المعيّن هي محل اعتزازه لأن ذلك أوصله إلى مجلس نخبوي ولمدة أربع سنوات يتطلع أن تكون سمان بالعطاء حتى وإن كان الاندفاع للتفاؤل مع العملية الانتخابية دون المأمول بكثير والواقع يؤكّد ذلك ولا ينفيه.
إن على المجلس مهام جساماً وآمالاً عظاماً لا تتحقق دون العمل بروح الفريق الواحد والتعاون الذي يُقصد به النفع العام وإنكار الذات امتثالاً لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (أحب عيال الله إليه أنفعهم لعياله)، وعيال الله هم خلقه، ولأن المجتمع بما فيه من فاز منتخباً أو معيناً قد انتقد التكتلات التي أعاقت كثيراً اختيار الأكفأ ولا نتوقّع أن تكون هذه التكتلات داخل المجالس النخبوية بعد أن اكتمل عقدها لأنها أول مراحل الفشل وسينقسم المجلس إلى أكثر من اتجاه وستنخفض الدافعية للعطاء إن اتضح شيء من ذلك لأن المصلحة الخاصة هنا غلبت على المصلحة العامة ولن تكون نتائج المجلس كما يأمل الجميع، ولذا على الأعضاء مجتمعين اختيار الكفء وإن كانوا كلهم أصحاب كفاءة ولكن من يختار لذلك يجب أن تسعفه سيرته العملية والعلمية وعلاقاته العامة والوقت الذي يستطيع أن يمنحه للمجلس وأسلوبه الإيجابي في إدارة في فريق العمل وتشكيل لجانه وتوزيع الصلاحيات والمسؤوليات، وهنا سينجح في إدارة دفة المجلس وتفعيله لأنه تم اختيار الجدارة والمهارة فيمن يقود المجلس، والتكتلات إن تمت لا قدّر الله ستجعل المجلس ناقص والخبرات مفقودة وسيصاب بالعرج في بداية مسيرته، ولذا فإن من لا يملك ذلك كله ينبغي أن يصدق مع نفسه في عدم الترشح لمناصب المجلس القيادية ليس طعناً في قدراته ولكن لأن الأهم المنفعة للوطن والمواطن، ولنجعل الاختيار للآخرين من خلال سيرة الراغبين في الترشح للرئاسة.
كما أن على المجلس النخبوي أن يعمل في إطار ما منح له من مسؤوليات وصلاحيات يدفع بها العمل لتحقيق مثالية الخدمة البلدية المقدمة للمواطن الكريم، فالهدف ليس تصيّد الأخطاء أو تحقيق قيمة اجتماعية خاصة، فالهدف وطني وليس إقليمياً أو قبلياً، فإن وجد الإنجاز يجب أن يدفع للاستمرار ويثنى على تحقيقه، وإن وجد عوائق تقف في طريق تحقيق مثالية العطاء فيجب مساعدة الأمانة لإزالتها حتى تتحقق الشراكة في خدمة المواطن واستثمار الإمكانيات المتوفرة قدر الإمكان، وإن كان ثمة أفكار جديدة ومقترحات خلاَّقة فيجب أن تطرح دون استماتة في تحقيقها أو الانشقاق عن المجلس لأن الحكم عليها أصبح للمجلس بكامله ويحكمه نظام يجب التقيد به، كما يجب على الأعضاء حفظ السرية الكاملة لما يدور داخل المجلس وعدم إظهارها للعالم الخارجي أو التعليق عليها في وسائل الإعلام لأن ذلك يثير البلبلة ويعيق الإنجاز ولا يخلق دافعية في تجاوز المشكلة، كما يلزم تقديم حسن النيّة في كل ما يطرح ويشاهد حتى يستقيم حال المجلس ويرتقي بأهله.
وثمة مهمة أراها في غاية الأهمية وهي إزالة اللبس في ثقافة المجتمع حول عدم فعالية المجالس البلدية وإغفال النتائج التي قد حققتها أو ستحققها وهذا يحتاج إلى جهد إعلامي مضاعف ومتنوّع بكل الوسائل والقنوات الممكنة، وقد نحتاج إلى بناء شراكات إعلامية مجانية مع وسائل الإعلام والاستفادة من المبادرات التي نجحت فيها كثير من مؤسسات النفع العام والمجتمع المدني، مع التطلع إلى الدقة في اختيار المتحدث الإعلامي للمجلس لأنه يملك أداة التغيير عبر مهارته في الحديث وقدرته على الإقناع وقبول الآخر لسماته الشخصية لأن التواصل الفاعل مع المجتمع خطوة أولى في تصحيح النظرة ومن ثم الدفع في الدورة القادمة إلى ثقة وتفاعل أكثر من المواطنين في التفاعل والتسجيل والترشيح والانتخاب.
وعلى المجلس كذلك أن ينطلق من حيث انتهى المجلس السابق والاستفادة من الأعضاء الذين تم الجديد لهم حتى لا نعيد صناعة العجلة من جديد فاستكمال النتائج مهمة لمصلحة الوطن والمواطن واستثمار الميزانيات المصروفة لذلك لأن نسف ما سبق من جهود سيحدث خلل في المصروفات وعدم استثمار واستكمال الجهود في الإنجاز ويمكن تقريره بصورة واضحة وجلية عند استعراض التقرير الختامي للدورة السابقة وما المشاريع أو الإنجازات التي لا تزال تحت التنفيذ.
ختاماً، إن مدة المجلس التي حددت بأربع سنوات كافية ليضع الإنسان أثراً إيجابياً له فيقال هنا في هذا المجلس ودورته الثالثة كان معهم عضو فاعل مؤثّر على نفسه قد سعى لتحقيق مصالح أهل الرياض وتقديم نموذج بلدي للخدمات رائع وصدق فيما عاهد الله عليه وعمل بروح الفريق الواحد ولم يختلف مع الأعضاء إلا في أي درجات المنفعة أرفع أو في أي درجات المضرة أقل وكان جلَّ وقته للعمل البلدي واستقبال ملاحظات المواطنين وبناء جسور من العلاقة مع تفاصيل الأمانة في سبيل تحقيق طموح المواطن ولم يكن صاحب أجندة خاصة ولا اهتمامات محددة، بل كان همه الرياض بأكملها ولم يسع إلى التشكيك في الذمم أو تصيد الأخطاء وساهم بكل فاعلية وصدق في تقديم خدمات بلدية أرضت المواطن وارتقت بالوطن.
- عضو المجلس البلدي بمدينة الرياض