أفراح الغيث ">
قالوا: مضتْ ليلةُ العامِ الجديدِ ولم
نجدْكَ في ساحةِ الأفراحِ تحْتفِلُ
ولا سهرتَ مع الأصحابِ في سَمَرٍ
إلى الصباحِ وعِقْدُ اللهوِ مُتَّصِلُ
الوردُ يعبقُ في الأجواء منتشيا
والشمع في كلِّ رُكنٍ لاح يشتعل
و(الأورجُ) يعزفُ ألحانًا مُمَوسَقةً
والناسُ كلُّهُمُ بالرقصِ منشغلُ
* * *
دارتْ على القومِ أنخابٌ معتقةٌ
فما مضتْ ساعةٌ إلا وقد ثَمِلوا
فأطفؤوا عندَ نصفِ الليل شمعَهمُ
وأُجِّجَتْ وقتَها الأحضانُ والقُبَلُ
* * *
يا قومُ: كم سنةٍ مرَّتْ بنا كَمَدا
لا فرحةٌ عبرتْ حتى ولا أملُ
فما الذي جدَّ حتى هجتمُ طرَبا
فالكلُّ مبتهجٌ.. والأنسُ مكتملُ
من أجل عامٍ مضى بالغمِّ ملتحفا؟
أم قادمٍ جاء ترنو نحوهُ المُقلُ؟!
يا قومُ: أيُّ انتصارٍ يقتضي فرحا
وأيُّ فوزٍ قريب بات يحتمل؟!
* * *
أخرجتمُ من بلادِ القدسِ غاصبَها؟
وغادرتْ أرضَنا صهيونُ وارتحلوا؟
أم استعدتمْ منَ الأسبانِ أندلسا؟
هذا لعمريَ نصرٌ هائلٌ جَلَلُ!
أم هل طردتمْ من الشامِ البغاةَ فقد
عاثوا فسادا، فكم أجْلَوا وكم قتلوا؟!
أم يا ترى خُلِّصَتْ صنعاءُ من فتنٍ
شكتْ لظى نارِها الوديانُ والجبلُ
أمِ استعادَ بنو الإسلام عزَّتَهمْ؟!
فصار للمسلمينَ القولُ والعملُ؟!
يا قومُ: إني أرى أفراحَكم عَبَثا
ليستْ تليقُ بِمَنْ سادوا ومن عقلوا
* * *
أطلقتمُ النارَ في الأجواءِ تسليةً
ظننتم النار تُسْلي من بهِ مَلَلُ؟
أما كفاكمْ لظى حربٍ مُسجَّرةٍ
في كلِّ أنحاءِ دارِ العُرْبِ تشتعلُ؟!
ثم افرضوا أنكمْ في يومِ عيدكمُ
وكلُّ عيدٍ بِهِ الأقوامُ تحتفلُ
للاحتفالِ بخيرٍ عَمَّنا أُسُسٌ
ليست بخافيةٍ حتى لمنْ جَهِلوا
أهمُّها شكرُ مولانا وخالقِنا
بالشكر تبقى لنا النُّعمَى وتَتَّصِلُ
- سعد الغريبي