تلقيت وفاة صاحب السمو الأمير سعود بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود بمزيد من الحزن لما لسموه من مكانة كبيرة لدى العالم العربي ككل، وللمواطنين السعوديين خاصة، وعجبت لعدم وجود تاريخ موثق لسموه ولسيرته ولشعره، فلا يوجد كتاب عنه أو ترجمة شاملة لسيرته، فحاولت قدر الإمكان بجمع بعض عناصر سيرة سموه لعلها تستحث الباحثين بسبر تاريخ هذا الرجل العظيم وجمع شعره الذي تفرق بالأفواه وقد يندثر يوماً بوفاة الأشخاص، فمن سيرته:
1 - اسمه: سعود بن محمد (المطوع) بن عبدالعزيز بن سعود بن فيصل بن تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود بن محمد بن سعود بن محمد بن مقرن بن مرخان آل سعود.
2 - ولادته: ذكر الأستاذ خالد العسيري في كتابه (الأمير الزاهد محمد بن عبدالعزيز) ص(75) أنه ولد عام 1338هـ، بالرياض، وهو أكبر أولاد والده وابنه البكر.
3 - والدته: الأميرة منيرة بنت عبدالرحمن آل سعود، شقيقة الملك عبدالعزيز- رحمها الله-، وقد أنجبت للأمير محمد عددا من الأولاد (سعود وعبدالله وسعد وحصة والعنود).
4 - نشأته: ترعرع في كنف خاله الملك عبدالعزيز- رحمه الله- فألحقه بالكتاتيب فتعلم القراءة والكتابة وبعض سور القرآن، ثم التحق بحلقة سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ في مسجده بدخنة، وسمع منه علماً كثيراً، واستفاد منه، وكذلك درس على يد أخيه الشيخ عبداللطيف بن إبراهيم، ودرس على يد الشيخ سعد بن عتيق قاضي الرياض في زمانه، وتنقل رحمه الله بعدد من مناطق المملكة وكان يتنقل بين قصره بالطائف وبين الرياض في قصره المطل على وادي حنيفة بالباطن بالرياض، وجدة.
5 - خصاله: عرف عن سموه الكريم كثير من الخصال الكريمة التي تدل على عظم شخصيته، ومن ذلك.
أ- العناية بالعبادات الشرعية والمحافظة عليها حضراً وسفرا.
ب- الإكثار من الطاعات والقربات لله عز وجل والتطوعات عامة.
ج- الصدقات الكثيرة على الفقراء والمحتاجين والغارمين وغيرهم، فكم من أرملة سد عازتها، وكم يتيم كفله وسد خلته.
د- بر الوالدين وخاصة ما تواتر عن بره لوالده، فكان يجلس تحت قدميه ويغسلهما ويدلكهما.
وكذلك مرافقته لوالده في مرضه للعلاج ولم يكن يتركه ليلاً ولا نهاراً، حتى توفاه الله، وكان الأمير سعود بن محمد لا يعطي ظهره لأبيه، وإذا جاء إلى أبيه وسلم عليه لم يجلس حتى يشير له أبوه بالجلوس.
ك- الكرم والجود لكل من يطلب منه ومن لم يطلب، وصرفه على ضيوفه الزائرين له.
وهذا اشتهر عن سموه لدى القاصي والداني حتى إنه كان يقترض من بعض التجار قديماً ليغطي بعض ما يعطيه للآخرين، وكان يقوم بالنفقة على الرفقة المصاحبة له في سفره وخاصة في الحج والعمرة، وكانوا يحجون على سياراته وإذا لم يصحبهم أرسل لهم من يتكفل بالقيام بمصاريفهم حتى يرجعون.
ق- التواضع للصغير والكبير وللعامي والعالم، سواء في مجلسه أو مركبه أو طريقه، وهذا مشهور عن سموه بدون تصنع منه أو رياء منه.
غ- محبة العلم وأهله ومحبتهم له: فقد رباه والده منذ صغره على احترام العلماء وتقديرهم، وكذلك محبة كثير من العلماء له ولوالده فكان سماحة المفتي العلامة محمد بن إبراهيم- رحمه الله- يخصص لهما وقتا للتعليم وللفتاوى وكذلك زياراتهما المتكررة لعلماء زمانهما، وكان الأمير سعود يتواصل بالزيارة مع العلماء ومنهم الشيخ ابن باز والشيخ صالح اللحيدان والشيخ صالح الفوزان وغيرهما من كبار العلماء، وقد ذكر الدكتور عبدالعزيز بن محمد السدحان- حفظه الله- عددا من القصص والحكايات في ذلك.
ن- تقديره للناس ومراعاتهم والتودد لهم ومتابعة أمورهم وحوائجهم وقضاء حوائجهم مع بشاشته وصبره عليهم وتحمله لأذى بعضهم أو جفوتهم أو غلاظة أسلوبهم، يقول الأمير سلمان بن محمد بن سعد بن عبدالرحمن في مقال له: (لقب بأبي «هلا» لما عرف عنه من حفاوة الترحيب، ورحابة الصدر للدرجة التي اعتاد فيها لسانه على تكرار كلمة «هلا» الدالة على الفرح بمقدم الضيوف).
ط- السعي في الشفاعة لأصحاب الحاجات عند المسؤولين والدوائر الحكومية وخاصة من يتحقق حاجته وصدق حالته، وكم من ضاق به الزمن أعانه ورفع حاجته لولاة الأمر، وهذا من الشفاعة الحسنة التي يؤجر عليها الإنسان.
ظ- قضاء ديون الغرماء والمدينين سواء بواسطته أو بواسطة شفاعته أو عبر بعض الأمراء، وكان يتفقد أصحاب الديون ويسدد عن بعضهم بدون علمهم يبتغي بذلك الأجر من الله، وكذلك الإصلاح بذات البين من الخصومات والمنازعات بين الأشخاص والقبائل وغيرهم.
و- شفاعته في أصحاب الدماء: فكان يبذل نفسه وماله وجاهه في سبيل ذلك، فكم من مرة سافر لقرى بعيدة وهجر قافرة للشفاعة وكم من محكوم عليه سدد عنه دياته، وقد اشتهر عنه ذلك، وكان كثير التواصل والاتصال حتى بعد مرضه في سبيل ذلك.
م- صلة الرحم: فكان دائم الزيارة لأقاربه بعيدهم وقريبهم، وكان يسافر لعدة مدن وبعض البلدان الخارجية لزيارة مريض من العائلة المالكة، وكان يخصص أوقاتا لعائلته والاجتماع بهم وتفقد أحوالهم يومياً.
خ- ثقافته الواسعة فلديه مكتبة ضخمة تضم أمهات الكتب في مختلف العلوم بعضها ورثها من والده وبعضها اقتناها من جهات حكومية وبعضها اقتناها من إهداءات له وأكثرها من شرائه لها وخاصة في البلدان التي يزورها، وكم من كتب طبعت على نفقته الخاصة أو بتوصية منه.
ش- معرفته بالتاريخ والأنساب والرجال والقبائل والروايات التاريخية، فهو مرجع تاريخي لكثير من الدول والأمم السابقة.
و- حبه للقنص والصيد بالصقور والتجول في المناطق البرية وقد أقام عدة مخيمات لذلك في كثير من البلدان في العراق والكويت والسعودية وغيرها فكان محبا للصحراء والطبيعة.
لا- حبه للفروسية والإبل: فكان يملك وبعض إخوانه وأولاده عددا من الخيول العربية الأصيلة ويشارك بتلك الخيول في عدد من المسابقات المحلية والخارجية، وكذلك له اهتمام بمزايين الإبل واقتناء بعضها والعناية بها ومعرفته لأصايلها وصفاتها، وكان فارساً يعتني بركوبها واقتنائها.
6 - شعره: كان رحمه الله من المحبين للأدب والأدباء وله الباع في ذلك، وله اهتمام بالأدب العربي الفصيح، ويحفظ في ذلك عددا كبيرا من القصائد مع معانيها وقائليها، وكذلك كان يقول الشعر وخاصة الشعبي منه.
فيا ليت أصحابه وإخوانه وأولاده يقومون بجمع تلك المتفرقات من شعره في كتاب حتى يحفظ ما قاله من حكمة وأسلوب بلاغي وجزالة اللفظ.
7 - زوجاته: تزوج عددا من النساء منهن: الأميرة موضي بنت محمد بن سعود الكبير بن عبدالعزيز، وهي أم لعدد من أولاده، والأميرة الدكتورة الجوهرة بنت فهد بن محمد بن عبدالرحمن آل سعود.
8 - أولاده: عددهم كثير يفوقون الثلاثين بنين وبنات، منهم:
- الأمير خالد: وهو أكبر أولاده وابنه البكر ويلقب بأبي خالد.
- الأمير الدكتور تركي رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.
- الأمير عبدالعزيز: الملقب بالسامر، وهو شاعر شعبي، لقبه الملك فهد بشاعر آل سعود، ومتزوج من الأميرة شيخة بنت راشد بن سعيد آل مكتوم، شقيقة حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وأولاده (راشد وسعود ومحمد)، وهو عضو شرف نادي الهلال.
- الأمير العميد ركن سلطان، وهو من المهتمين بالإبل ومزايينها.
- الأمير الدكتور سعد، وهو شاعر شعبي ويلقب بالمنادي، وهو عضو هيئة التدريس بكلية الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ومتزوج من الأميرة نوف بنت عبدالرحمن بن عبدالعزيز آل سعود، وله عدد من المؤلفات في الإعلام والاتصال، وديوان شعري.
- الأمير الدكتور العقيد مظلي (بدر): مدير إدارة العلاقات والإعلام بمديرية شرطة منطقة مكة المكرمة، سابقاً وبالقوة الخاصة لأمن المسجد الحرام حالياً، والرئيس العام لأندية الطلبة السعوديين بالمملكة المتحدة وأيرلندا للدورة (31) سابقاً، وكاتب صحفي بعدد من الصحف وخاصة عكاظ، ووالدته الأميرة العنود بنت عبدالله بن عبدالمحسن الفرم.
- الأمير نواف.
- الأمير متعب: متزوج من الأميرة سارة بنت خالد بن بندر بن عبدالعزيز آل سعود وعضو شرف نادي الهلال.
- الأمير منتصر.
- الأمير عبدالإله: عضو شرف نادي الهلال.
- الأمير عبدالمجيد.
- الأمير فيصل: والدته الأميرة شيمة بنت محمد بن ضاري بن طوالة رحمها الله، وهو متزوج من الأميرة عتاب بنت سلطان بن عبدالعزيز آل سعود، وهو عضو شرف نادي الهلال، وله اهتمام بالإبل ومزايينها، وله عدد من الأولاد منهم:
أ- محمد: رئيس مجلس إدارة نادي الهلال الأسبق، وهو شاعر شعبي يلقب بالمحتار، ومتزوج من الأميرة مضاوي بنت عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود.
ب- بندر: عضو شرف نادي الهلال، ج، فهد: عضو شرف نادي الهلال، د: نورة.
- الأمير بندر، رئيس الهيئة السعودية للحياة الفطرية، وعضو شرف نادي الهلال، متزوج من كريمة الأمير تركي بن سعود الكبير.
- الأمير فهد: أكبر أولاده محمد.
- الامير عبدالله: ومن أولاده سعود وسلطان، وهو رئيس إدارة مجموعة الأحلام السياحية القابضة.
- الأمير عبدالرحمن.
- الأمير نايف.
- الأمير محمد.
- الأمير أحمد.
- الأمير سلمان.
الأمير مشعل.
- الأمير المنصور: والدته كريمة الشيخ عبدالله بن حميدي الجربا الشمري، وهو متزوج من كريمة الأمير تركي بن سعود الكبير.
- الأميرة أسماء.
- الأميرة هيا.
وفاته: في آخر حياته مرض مرضاً شديداً دام عدة شهور حيث كان يعاني من مرض القلب لانسداد بالصمامات، مما أدى إلى تدهور وضعه الصحي، وقد ذهب للعلاج بعدد من البلدان، ولكن الله توفاه في صبيحة يوم الثلاثاء 18-3-1437هـ وصلي عليه بجامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض بعد صلاة المغرب، وصلى عليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وإخوان الفقيد: أصحاب السمو الأمراء تركي ونايف وبندر ومتعب ومنصور وماجد، وجمع من الأمراء والوزراء والعلماء والأدباء وزعماء القبائل وغيرهم كثير، وقد توفاه الله وعمره قرابة مائة عام، وقد نعاه الديوان الملكي لمنزلته في المملكة والعالم العربي.
يوسف بن عبدالعزيز الطريفي - المعهد العلمي في حائل