عبدالله بن عبدالعزيز الفالح ">
إن رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلَّم - يضرب لنا الأمثال الواقعية الحية المحسوسة حتى نعي دورنا الفعلي في مجتمعنا المسلم، ويعلمنا أن الأخذ على يد الواقع في حدود الله والإنكار عليه إنما هو سبب - بإذن الله - في نجاة الجميع صاحب المنكر ومن أنكر عليه ونهاه عن ذلك الذنب وتلك المعصية، فعلى الأخ أن يكون لديه يقظة تجاه نفسه أولاً وتجاه أخيه، فيحب لأخيه ما يحب لنفسه ويرده عن الخطأ إن أخطأ، قال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إلى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقالَ إننِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (33 - 34) سورة فصلت، وقال تعالى: {ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}، سورة النمل. هذا هو الترابط الأخوي بين المسلمين، وأصل الدعوة إلى الله تبارك وتعالى على بصيرة والنصيحة الحكيمة التي يجب أن تصدر من هذا المنبع الصافي ألا وهو الكتاب الكريم والسنة الشريفة، قال الرسول - صلى الله عليه وسلَّم - : (لن يُشاد الدين أحدٌ إلا غلبه) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.. أي غلبه الدين...، فكان في ذلك من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - ما يوضح أنه معنى عظيم من معاني الحرص على الأمن وإنكار المنكر والأمر بالمعروف، ما من خير عاجل ولا اجل، ولا ظاهر ولا باطن إلا الاهتمام بالأمن وتحقيقه عوناً بإذن الله تبارك وتعالى على استتباب الأمن والطمأنينة، وموصلة إليه ووسيلة له ودليل عليه. وما من شر عاجل ولا اجل، ولا ظاهر ولا باطن، إلا ومن الأهمية بمكان وجود الأمن للبلاد والعباد، لذلك ينبغي لمن ينتهج ويسلك مسالك تخالف المنهج السليم والصحيح أو تدعو إلى تعكير صفو الأمن في بلاد المسلمين أن يتقي الله ويبتعد عن تلك الأفكار التي تجلب المشاكل والاضطراب في الأمن، وعلى الجميع الاتصاف بتقوى الله سبحانه في هذه الأمور ويرجع إلى الكتاب الكريم والسنة الشريفة المطهرة ليستقي منهما أصول دينه ومعتقده السليم. إِذْ يجب أن تكون التقوى عند المسلم في سائر أركان دينه ومتمثلة في كل عباداته. لأنّها أصل أصيل لا يقوم دين المرء إلا بتقوى الله تعالى في السر والعلن. التقوى في قلبه ومظهره الإسلامي وشخصيته الإسلامية وأخلاقه الإسلامية النبيلة بإذن اللهعزَّ وجلَّ... ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلَّم - : (مَثَلُ القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها. وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنَّا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا ! فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا، ونجوا جميعاً) رواه البخاري. يبين لنا هذا الحديث العظيم بأن على كل مسلم أن يراعي حدود الله ولا ينتهك شيئاً منها، بل وعليه أن يُنكر على من يتعدى هذه الحدود التي حدها لنا الشرع المطهر، فنأمر بالمعروف وننهى عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، يصلح المجتمع والأفراد والجماعات ويصلح أيضاً ذوي الاتجاهات والأفكار المنحرفة المختلفة، بإذن الله تعالى ثم بجهود وإخلاص المواطن وحماة الوطن المخلصين لدينهم ثم بلادهم بعيداً عما يعكر صفو الأمن في البلاد. لأن هذا الأمن هو مطلب غال ومهم للجميع من مواطن ومقيم، وان كل منكر يرتكبه الإِنسان في مجتمعه أياً كان سواء في الإخلال بالأمن أو العمل على انتشار المنكرات والأفعال المشينة إنما هو خرق خطير في سلامة وصلاح هذا المجتمع، وقد جاءت فعاليات مؤتمر (أثر تطبيق الشريعة في تحقيق الأمن) الذي تنظمه جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ممثلة في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالأحساء للعمل على توضيح أهمية الشريعة الإسلامية وما يحقق ذلك من أمن وأمان للمجتمعات والشعوب والدول بإذن الله تعالى.