فهد عبدالله زبن الجديع الحربي ">
مما لا شك فيه أن السلوك التنظيمي وأداء العاملين وتصرفاتهم في أي منظمة يتأثر بشكل كبير بالبيئة العامة لتلك المنظمة، ويؤثر بالتالي على إنتاج العاملين بها؛ وعليه فإذا أردنا زيادة الإنتاج وتحسينه والنهوض به فعلينا الإلمام التام بسلوك العاملين كأفراد أو جماعات داخل أي منظمة، كأسلوب تفكيرهم وشخصياتهم، دوافعهم للعمل، رضاهم الوظيفي وتقييمهم للمنظمة التي ينتمون إليها، والاعتماد بشكل كبير على حل المشكلات باستخدام علم السلوكيات؛ إذ إن التطوير التنظيمي ضرورة من ضروريات إدارة الأعمال وبناء ونمو المنظمات؛ ما يجعل من دراسته والعمل به طفرة هائلة وإيجابية لكل منظمة، سواء في حل مشكلاتها أو مواكبتها التطور، وإحداث تطورات إيجابية من أجل بقاء المنظمة وفعاليتها، وذلك من خلال دراسة سلوك العاملين، ودراسة أنظمة ولوائح المنظمة، وإحداث توافق بينهم وبين تقنيات وعلوم معرفية متخصصة لتطوير السلوك التطبيقي، والارتقاء بالمنظمة من خلال زيادة حجم الأعمال، واستغلال الكفاءات البشرية، وتطوير القيادات الإدارية في المنظمات، ورفع الروح المعنوية للعاملين بها، وغيرها من المتطلبات الدافعة للتطوير التنظيمي، الذي كان من أهم جوانبه التعريف بأهم الأمراض والإشكاليات التنظيمية وأسبابها وأعراضها؛ إذ إن المنظمات تصاب بحوادث عارضة، وتتعرض لتحديات ومعوقات، وتعاني مشاكل عديدة كما يحدث للإنسان من طوارئ وأمراض وأوبئة. وقد أطلق أستاذ التنظيم د. فيكتور ثومبسون على هذه النوعية من الأمراض مصطلح (الأمراض البيروقراطية).
وهي بالطبع تحتاج من الخبرة والكفاءة بما لا يقل أهمية عن علاج الأمراض الطبية التي يحتاج إليها المرضى. وقد تتعرض المنظمات لظروف أو أحوال طارئة، يتعذر التعامل معها أو تجنبها؛ فيؤدي ذلك إلى وجود خلل ما في المنظمة، يتحمله جميع العاملين فيها، في جو مشبع بالتوتر والصراعات وعدم الاستقرار. ويتطلب هذا الوضع سرعة اتخاذ القرار وحل المشكلات بحكمة للحد من تبعات مثل هذه الظروف.
وأي جهد مبذول بشكل إيجابي هو بالتأكيد يخفف من آثارها السلبية على المنظمة، ويُثري الوعي الإداري، ويساعد في عملية التطوير التنظيمي وسير المنظومة التنظيمية بوسائل وقائية، تحول دون الوقوع في المشكلات نفسها مرة أخرى.
ومن المعوقات التي يعتبرها الكثير من الأمراض التنظيمية الصراعات التنظيمية التي يراها الأستاذ الدكتور عامر بن خضير الكبيسي تنشأ غالباً بسبب غياب التشريعات أو اللوائح، أو عدم الاتفاق على صيغة واضحة تفسرها تفسيراً صحيحاً، أو تضارب المصالح بين وزارتين أو منظمتين أو دائرتين، أو ما شابه ذلك.
كل هذه الأمراض والمعوقات علاجها يتمثل في التطوير التنظيمي، واستيعاب الحضارة التنظيمية ودراسات العمل، والاستعانة بخبراء التغيير والتطوير.
وقد عرّف باك هارد Backhard التطوير التنظيمي بأنه جهد مخطط، يشمل التنظيم بأكمله، ويدار ويُدعم بواسطة الإدارة العليا لزيادة فعالية المنظمة باستخدام المعرفة بالعلوم السلوكية. وقد أَتفق كثيراً مع هذا الرأي مؤكداً نقاطاً مهمة، منها التنظيم بأكمله، فأرى أن التطوير لا بد أن يشمل الهياكل التنظيمية بأكملها، والسير في اتجاه تطويرها بالتوقيت نفسه، وعلى المنهجية نفسها، كلٌ وما يناسبه من وسائل وخطط. والنقطة الأخرى التي لا تقل أهمية هي الإدارة العليا.. فهي صاحبة القوة والسلطة الأكبر في تغيير النظم والوسائل المستهدف تطويرها، مع ضرورة الاستعانة بمستشارين متخصصين ومخضرمين.. سواء كانوا من داخل المنظمة أو خارجها.
فحين توضع الأهداف والاستراتيجيات، ثم تتوافر الإمكانيات المادية والبشرية.. هنا يمكن تحويل الخطط إلى سلوك فعلي، والحصول على نتائج إيجابية، وخلق آليات تحقق التطوير التنظيمي المطلوب والمرجو من خلال موارد بشرية فعالة، تساهم بشكل كبير في فعالية المنظمة بشكل عام.
- طالب ماجستير بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية