عثمان بن حمد أباالخيل ">
القراءة غذاء العقل، العقل الذي يتكون من 100 مليار خلية عصبية ويتفوق على الحاسب الآلي في كثير من الأحيان. وكما هو معروف القراءة هي وسيلة لتثقيف الانسان ورفع من مستوى تفكيره وادراكه وهي نور تضيء مستقبل الأيام.
ولعلي هنا أعرّف القراءة الحرة: هي التي يقرؤها الانسان من تلقاء نفسه وباختياره حسب ميوله وحاجاته. من هذا المنطلق لماذا لا نغرس حب القراءة في عقول أولادنا وبناتنا في سن مبكرة في المرحلة الابتدائية وربما قبلها في البيت؟. في معظم دول العالم الغربي الناس يقرؤون أثناء ركوبهم القطار أو الحافلة أو جلوسهم في المطعم أو المقهى او حيث كانوا، انها البيئة التي تربوا وعاشوا فيها فماذا ينقصنا؟.
عندما كُنا صِغارا، من هم في عمري كانت أمهاتنا وجداتنا (يسبحُون) علينا قصصا ربما بعضها مخيف لكنها في الغالب قصص جميلة. لست أدري هل مدارسنا الحكومية الابتدائية لديها مكتبات تراعي متطلبات هذا السن؟ أو أنها مكتبات دون زوار وقراء؟. أتساءل: لماذا عزوف الطلاب في هذه المرحلة عن القراءة؟ ما أسباب هذا العزوف؟ هل غرسنا حب القراءة في عقولهم وقلوبهم؟ أم أننا لا نهتم بذلك؟.
الصين تحرص على تنشئة الأجيال على القراءة الواعية الهادفة وعندهم مثل يقول: «إذا أردت أن تعرف مستقبل أمة فانظر إلى ما يقرؤه أطفالها».
إن قراءتي الحرة علمتني أكثر من تعليمي في المدرسة بألف مرة، من هذا المنطلق أناشد معالي وزير التعليم حفظه الله أن يُوجد مادة اسمها (القراءة الحرة) في كافة المدارس الابتدائية، التي بلغ عددها أكثر من 12 ألف مدرسة، أي نحن بحاجة إلى 12 ألف معلمة ومعلم. وكما يعلم معاليكم، إن حوالي 70 في المائة من المعلومات التي يتعلمها الإنسان، ترد إليه عن طريق القراءة.
أولادنا وبناتنا في هذه المرحلة الابتدائية هم بحاجة إلى غرس مهارة القراءة كما هو الحوار، وعلى الوازرة تقع مسؤولية تشديد دور المعلمة والمعلم في تنمية موهبة حب القراءة في نفس الطفل والاختيار والتدريب.
قيل لأرسطو: كيف تحكم على إنسان؟ فأجاب: أسأله كم كتاباً يقرأ وماذا يقرأ؟» وفي رأيي الشخصي أن اختيار ما يقرؤه الطفل تماماً كالطعام، منها ما هو نافع ومنها ما هو غير نافع وما أكثر ما يأكل أطفالنا غير نافع وربما ضار مع مرور العمر. يقول عباس العقاد: (اقرأ كتاباً جيداً ثلاث مرات أنفع لك من أن تقرأ ثلاث كتب). تخيل لو أن الطفل يقرأ كل يوم صفحة واحدة من كتاب، سيخرج على آخر الشهر بناتج 22 صفحة في اخر الفصل؟ وفي اخر العام؟ إضافة إلى ما يقرؤه في البيت. الحمد لله لدينا كُتاب للطفل أكفاء قادرون على غرس بذرة حب القراءة عند الطفل.
ففي دراسة حديثة أجريت على طلاب دول متعددة منها أمريكا والسعودية، جاء في الدراسة أن الطالب الأمريكي يقرأ حوالي 13 كتاباً خارج المقررات الدراسية المخصصة له كل عام، بينما الطالب العربي يقرأ 15 صفحة في العام كله. إنها دعوة صادقة لتخصيص مادة جديدة اسمها (مادة القراءة الحرة).
أول كلمة نزلت في القرآن الكريم: (اقرأ)، قال الله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} (1- 5) سورة العلق.
وفي الختام أطفالنا امانة علينا أن نعلمهم ونغرس في عقولهم حب القراءة الحرة، وعلينا أن نشجعهم على التفكير الإيجابي والقراءة إحدى وسائل التفكير الإيجابي. وما رأيت أحداً وفي يده دفتر، وصاحبه فارغ اليد...إلا اعتقدت أنه أعقل وأفضل من صاحبه (شعر أبو عمر بن العلاء).