في الواقع أن المجتمع بمختلف شرائحه يتطلّع لدور الهيئة العامة للإحصاء، بحكم ما لديها من إمكانات مادية وبشرية تجعل منها أقدر الهيئات والمؤسسات على تغيير منظومة العمل الإحصائي وتطويرها، والارتقاء بكفاءة الإحصائيين ومهاراتهم، وبما يضمن تحسين مسار الاقتصاد وارتفاع مستوى نموه، إضافة إلى ما لديها من قاعدة بيانات موحدة ومعلومات دقيقة، وما تمتلكه من رؤى وخطط وتجارب سابقة كفيلة بنجاح أي جهاز حكومي أو مشروع اقتصادي.
والمحور الرئيس في هذه السطور، يتمثل بتحويل مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات إلى الهيئة العامة للإحصاء، وهذا تأكيد ـ في صورة جلية ـ للدعم المتواصل من القيادة الرشيدة للمسار الإحصائي، ودليل على صدق التطلع إلى المزيد من التطوير الشامل والدائم لمرافق الخدمات، ولكل ما له علاقة بشؤون الإحصاء والبيانات والمعلومات، ومواكبة للتغير والتطور المتلاحقين في جميع المجالات الاقتصادية والمجتمعية؛ بوصف الهيئة العامة للإحصاء هي المرجع الإحصائي الرسمي الوحيد في المملكة العربية السعودية، والمنوطة بتزويد الإدارات الحكومية والمؤسسات العامة والخاصة والأفراد بالمعلومات والبيانات الإحصائية الرسمية، إضافة إلى إحصاءات سوق العمل.
وإثر هذا التحول، ينتظر كثير من المهتمين المزيد من التقدم وإثبات الذات والتطلع للتميز والرقي، على أن هذا التطلع لا يقلل إطلاقًا من النجاح الذي حققته المصلحة فيما مضى، إلا أن الواقع الذي يشهد العديد من التطورات والمتغيرات في المرحلة الراهنة، يتطلب وتيرة أسرع لأداء الهيئة، تتسم بالشمولية ووحدة المعلومات والبيانات، والدقة في المعيار الزمني؛ وتضمن اضطلاع الهيئة بدورها على الوجه الأكمل في تعزيز الاقتصاد ودعم خطط التنمية في مختلف المجالات، وبما يواكب حجم تطلعات العملاء والمستفيدين من خدماتها في أعمال التخطيط للتنمية؛ من خلال إيجاد منهجية أو برنامج يساعدان على إدارة مقدرات الاقتصاد الوطني وسرعة النهوض بالمجتمع.
وتأتي أهمية الدور الذي تؤديه الهيئة في ظل برنامج التحول الوطني من طبيعة اختصاصاتها ومهامها، التي منها: تكوين منظومة شاملة من قواعد البيانات الإحصائية الوطنية لمختلف المجالات الإحصائية، وإيجاد نظام مركزي للمعلومات في الهيئة على المستوى الوطني، يرتبط آليًا بجميع الجهات الحكومية، والعمل في ضوء الإستراتيجية الوطنية المعدَّة للعمل الإحصائي في المملكة بالتنسيق مع الجهات الحكومية، على الوجه الذي يضمن تلبية احتياجات العملاء على المستويات كافة، إضافة إلى الاهتمام بجودة المنتج الإحصائي، وكذلك جمع البيانات والمعلومات التي تغطي جميع جوانب الحياة في المملكة من مصادرها المختلفة وتدوينها وتبويبها، وتقديم الأعمال الإحصائية والخدمات الفنية والاستشارية في مجال الإحصاء للجهات كافة، الحكومية منها والخاصة، وتوفير الاقتراحات للمؤسسات الحكومية لتطوير جميع أنظمة المعلومات والأعمال الإحصائية بها.
إن تحقيق مهام الهيئة وتنفيذها على أرض الواقع مسؤولية مشتركة، يشترك فيها العملاء (الأفراد والمؤسسات) والحكومة، من خلال سعي الهيئة والإدارات الإحصائية ذات العلاقة، إلى إيجاد شراكات فاعلة مع جميع القطاعات، وتوحيد مصدر نشر الإحصاءات الرسمية، وتوظيف المعلومة بما يكفل الاستفادة من مُخرجاتها على الوجه الأمثل، وبما يضمن بناء هيئة إحصاء رفيعة المستوى، وفقًا للمعايير الدولية والأبعاد التنموية، ومسايرة لمتغيرات الاقتصادين المحلي والدولي.
وختامًا أود أن أؤكد أن الهيئة العامة للإحصاء ـ مع كل المهتمين بالإحصاء وهذا الشأن التنموي الفاعل من وزارات ومؤسسات ومراكز بحثية وعلمية ـ، لا تألو جهدًا في دعم كل خطط التنمية، ولا تدخر وسعًا في القيام بمهامها واختصاصاتها، واتخاذ جميع الإجراءات والتدابير الكفيلة ببناء المجتمع والارتقاء بالفرد؛ اعتزازًا بدورها وتلبية لحاجة عملائها وإثباتًا للثقة الغالية التي أولتها حكومة خادم الحرمين الشريفين فيها كجهاز خدمي مؤثر. وحرصًا على رفعة مكانة الدولة والنهوض بالمجتمع.
د. محمد بن عبدالعزيز الأحمد