مواقف لبنانية تدين وزير خارجيته جبران باسيل وتتهمه بالولاء لإيران ">
بيروت - منير الحافي:
في العاشر من كانون الثاني - يناير، أكد مجلس وزراء الخارجية العرب، في قرار قوي ومهم، أصدره في ختام اجتماع طارئ عقده في القاهرة، بناءً لطلب المملكة العربية السعودية، «التضامن الكامل مع السعودية في مواجهة الأعمال العدائية والاستفزازات الإيرانية» (موضوع إحراق السفارة والقنصلية السعوديتين في إيران وما تلاه). كما عبَّر عن استنكاره «للتصريحات الإيرانية العدائية والتحريضية ضد السعودية في ما يتعلق بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بحق عدد من الإرهابيين»، مديناً «تدخل إيران المستمر في الشؤون الداخلية للدول العربية على مدى العقود الماضية». لكن لبنان، الذي لطالما لم يخرج عن الإجماع العربي، وهو بالأصل من المؤسسين لجامعة الدول العربية، خرج عن هذا الإجماع. مثّل لبنان في الاجتماع وزيرُ خارجيته جبران باسيل، الذي برَّر بأن لبنان «أخذ قراره الحكومي في الابتعاد عن هذه المشكلات، واعتماد سياسة النأي بلبنان عن هذه الأزمات». لكن هذا القرار لاقى انتقادات لاذعة من مجموعة واسعة من السياسيين في لبنان. وفيما يلي تقف «الجزيرة» على آراء بعضهم.
رئيس حزب «الوطنيين الأحرار» النائب دوري شمعون قال لـ«الجزيرة»:
- إن الموقف اللبناني في مجلس الجامعة العربية، قد خرج أولاً عن لبنان! وهو ضرب بعرض الحائط كل أمر يجب على وزير خارجية لبنان أن يفعله. لبنان من مؤسسي الجامعة العربية، وجلسة المجلس كانت جامعة لكل الدول العربية تقريباً، فقام وزير خارجية لبنان بمخالفة هذا الإجماع وتبنى موقف حزب الله وسياسة الحزب.
وللتذكير، فإن علاقة لبنان بالمملكة هي علاقة أخوية مثل علاقاته مع كل الدول العربية. لكن السعودية خصوصاً لا ننسى فضلها خلال الحرب اللبنانية، فهي في أحلك الظروف وقفت إلى جانب لبنان، وكان بلدنا يومها بحاجة لصديق، وكان اللبنانيون بحاجة لمكان يعملون فيه ولجهة آمنة تستضيفهم، فكانت السعودية تفتتح ذراعيها لهم.
عضو كتلة «اللقاء الديموقراطي» النائب مروان حمادة صرَّح لـ«الجزيرة»:
- لا أذكر أن وزيراً لخارجية لبنان قد أساء للخارجية وللبنان، بقدر ما أساء إليهما السيد جبران باسيل. فالشخص الذي يتنكر لعلاقات لبنان الأخوية وسياسته التقليدية في التضامن العربي، خصوصاً مع الأشقاء الذين كانوا وما زالوا دائماً حماة الاستقلال اللبناني ودعامة الاقتصاد اللبناني ومضيفي الطاقات الشابة والعاملة اللبنانية، هذا الشخص لا يستحق أن يتبوأ منصباً حساساً يستعمله منبراً للحسابات الخاصة وللتبعية لإيران وحلفائها في لبنان ولكل ما يسيء إلى ما تبقى من عافية في بلادنا بفضل الأشقاء العرب. إن ما قام به جبران باسيل في الجامعة العربية هو اعتداء سافر على العلاقات المميزة الوحيدة التي تحكم لبنان وشقيقته الكبرى المملكة العربية السعودية، وخروج على الإجماع العربي، وكأنه يدعو إلى استمرار تدخل إيران في شؤوننا الداخلية، وهو أصلاً - أي باسيل- من أدوات هذا التدخل، وفي التعرض لممثليات الدول الشقيقة والصديقة، وكأن لبنان لم يكن أول من ذاق مرارة هذه الاعتداءات، ومن حزب الله تحديداً.
عضو كتلة «المستقبل» الدكتور عاطف مجدلاني لـ«الجزيرة»:
- ما كان على جبران باسيل أن يتبنى موقفاً للدولة اللبنانية، يخرجها من الإجماع العربي، خصوصاً تجاه دولة مثل المملكة العربية السعودية، التي لطالما لبت حاجة لبنان عند كل مفترق صعب من دون التدخل يوماً في شؤونه الداخلية. وفي الموقف الأخير في الجامعة العربية، عندما احتاجت المملكة من لبنان موقفاً مؤيداً إذا بلبنان يخذلها! ولا ننسى أن المملكة صاحبة الحق ومعتدى عليها من قبل إيران.
رئيس «حركة التغيير» المحامي إيلي محفوض قال لـ«الجزيرة»:
- بات الموقف اللبناني الخارجي بحاجة لإنقاذ، ولبنان الذي نعرفه والذي نريده الصديق الوفي لأصدقائه العرب والدوليين، ونحن تاريخيا كنا وسنبقى إلى جانب أي دولة صديقة للبنان، فكيف إذا ما كانت هذه الدولة اسمها المملكة العربية السعودية، والتي منذ أن تأسست وهي تبادل لبنان بالوفاء والتعاضد والإخاء، لذا لا يمكننا في حال تعرّضت لأي اعتداء إلا أن نقف إلى جانبها.
ونحن على يقين أن المملكة تعلم ما يتعرَّض له لبنان من هيمنة ميليشيا مسلحة بحيث تُمسك بقراراته، وعليه لا بدَّ من التذكير بأنه ومنذ أن خضع لبنان للهيمنة والاحتلال السوري المباشر بعد العام 1990 وهم يختارون وزراء خارجية ينتمون إلى الفيلق السوري - الإيراني، واستمروا على هذا المنوال بعد الانسحاب السوري الذي ترك لنا ميليشيات تعمل باسمه.
سأستفيد مما حصل لأقول للمملكة إنك الدولة الأكثر إيماناً بالمؤسسات اللبنانية، وما الهبة الأخيرة لصالح الجيش اللبناني لتسليحه بالعدة والعتاد والسلاح سوى عنوان بسيط للنوايا الطيبة، وأقول إنها وللمرة الأولى في تاريخ لبنان تصل هبة بقيمة كتلك التي قدَّمتها المملكة.
وأختم في السياق لأؤكد أن السعودية تحتضن اللبنانيين العاملين لديها، وهي لا تتعاطى مع لبنان من خلفية ما يصدر من قرارات لكونها تعلم أن الرأي العام اللبناني في واد وما يصدر عن البعض من مواقف تخرج عن الإجماع العربي في واد آخر.
ونحن في لبنان مصالحنا مع المملكة وليس مع إيران التي توزِّع ميليشياتها في عدد من العواصم العربية لأهداف مذهبية تحريضية، وإحراق سفارة السعودية في طهران مخالفة صارخة لجميع الأصول والقواعد المتبعة بين الدول.